دمشق - سورية24
“الواجب الإنساني والمهني أولوية بالنسبة لنا وهو ما أبعد عنا حالة الخوف من عدوى الإصابة بالفيروس وفي حال حدوثها نتقبل الأمر بشكل طبيعي لأنها من تداعيات عملنا المتوقعة” عبارة لخصت بها خولة مراد الممرضة بقسم العزل الطبي في مشفى الزبداني طبيعة عملها في تقديم الرعاية للمصابين بفيروس كورونا. الممرضة مراد تعمل حاليا مع 184 شخصا من الكوادر الطبية من مختلف الاختصاصات لعلاج مرضى كورونا وكانت من أحد الكوادر الـ11 في المشفى الذين أصيبوا بالفيروس رغم اتخاذهم كل الإجراءات الوقائية وفق مراد التي أكدت في تصريح لـ سانا أنها بعد الشفاء عادت لعملها لأن سعادتها في المساهمة بشفاء مريض لا تضاهيها سعادة.
ويستقبل مشفى الزبداني المخصص لمصابي كورونا منذ آذار الماضي الحالات المثبتة نتيجة اختبار الـ PCR ومن الحالات المتوسطة والشديدة وفق رئيس الأطباء المقيمين بالمشفى الدكتور مزهر سلطان والذي أصيب بالفيروس وشفي منه مبينا أن فترة ارتداء الكادر الصحي الألبسة الواقية ووسائل الحماية خلال وجودهم بمركز العزل تصل من 5 إلى 7 ساعات إلا أن احتمال الإصابة وارد بشكل كبير نتيجة ما يعرف طبيا بـ “حمل الفيروس” بسبب الوجود بشكل مباشر مع المرضى. ووفق الدكتور سلطان لا يقع على عاتق الكوادر الصحية العاملة في مراكز العزل الطبي مسؤولية تقديم العلاج للمرضى فحسب إنما حماية أنفسهم وأسرهم من انتقال العدوى وهم يقومون بواجبهم المهني والوطني باعتبارهم الجيش الأبيض المعني بالتصدي لأي جائحة أو وباء.
ويستذكر الدكتور سلطان في حديثه لـ سانا صعوبة العمل خلال الذروة الأولى من انتشار الفيروس حيث وصل عدد الساعات التي ارتدى بها اللباس الواقي إلى 14 ساعة متنقلا بين المرضى الذين بلغ عددهم آنذاك 120 مريضا متوقعا أن تكون الذروة الجديدة لانتشار الفيروس قوية لأن معظم الحالات التي تصل إلى المشفى حاليا هي بدرجة شديدة. وفي السياق نفسه وبروح المسؤولية العالية تواصل الكوادر الصحية العاملة بمشفى قطنا الوطني والذي خصص كمركز للعزل الطبي منذ الـ 19 من حزيران الماضي أداء واجبها بعلاج مرضى كورونا إضافة إلى تقديم الدعم النفسي لهم وفق مدير المشفى الدكتور بسام الموعي الذي أكد أنه خلال ذروة انتشار الفيروس الصيف الماضي وصل عدد المرضى الذين يتلقون العلاج إلى 60 مريضا وهي الطاقة الاستيعابية لمشفى قطنا ولم يصب أحد من الكوادر الصحية مبينا أنه لا يوجد حاليا أي مريض بالمشفى وأن الكوادر جاهزة بكل وقت لتقوم بواجبها في تقديم الرعاية والعلاج للمرضى.
وأشارت رئيس قسم التمريض بمشفى قطنا شهناز تهوان إلى أن الكادر التمريضي تلقى دورات تدريبية للتعامل مع مرضى كورونا ولا سيما أن مرضى كورونا في العزل لا يمتلكون أي مرافق ومعظمهم من كبار السن فكان الممرضون بمثابة الأصدقاء والأبناء للمرضى ورعوهم نفسيا وعلاجيا. وجود أطفال لديها وكبر سن والدتها التي تعاني من مرض مزمن لم يمنع الممرضة منى حسين رئيس قسم العزل بمشفى دمشق المجتهد من أداء واجبها المهني تجاه مرضى كورونا فكانت من أوائل الكوادر التي رغبت بالعمل في القسم لتكون ضمن الجيش الأبيض الملقى على عاتقه مهمة التصدي لهذا الوباء.
ولفت الطبيب المقيم بالمشفى الدكتور بلال حيروقة إلى أن الشعور بالواجب والقدرة على تقديم الرعاية الطبية لمصابي كورونا هما سبب اختياره الوجود بقسم العزل رغم أن ذلك منعه من زيارة أهله خشية نقل العدوى مبينا أنه رغم كل الإجراءات الوقائية العالية وارتداء بدلات الحماية لفترة تتجاوز الـ 8 ساعات إلا أنه أصيب بالفيروس لكن ذلك لم يثنه عن العودة للعمل بعد شفائه. وبعبارات ملؤها الحزن يستذكر حيروقة لحظات سماع وفاة أحد زملائه أو أساتذته من الأطباء العاملين في مراكز العزل بالمشافي أو العيادات نتيجة إصابتهم بكورونا موضحا أنهم شهداء الواجب قدوة لنا لمزيد من العمل للحد من انتشار الفيروس ووقوع إصابات ووفيات أكثر.
بدوره بين مدير مشفى المجتهد الدكتور أحمد عباس أن عدد الكوادر الصحية بقسم العزل بالمشفى 48 شخصا بين طبيب مختص ومقيم وممرض مشيرا إلى أن الإصابات بفيروس كورونا بين العاملين بالقسم كانت عالية خلال فترة ذروة انتشاره الصيف الماضي ولم تسجل أي حالة وفاة. نقيب أطباء دمشق الدكتور عماد سعادة أوضح أنه مع ازدياد انتشار الإصابات في سورية لوحظ ازدياد الإصابات بين الكوادر الطبية والتمريضية وحدوث عدد من الوفيات مؤكدا أهمية التشدد بإجراءات الوقاية ولا سيما أن الواجب الإنساني والمهني يحتم على الطبيب معاينة جميع المرضى واستقبالهم الأمر الذي يعرضهم لاحتمال أكبر بالإصابة.
وبلغ عدد الأطباء الذين توفوا نتيجة إصابتهم بفيروس كورونا 48 طبيبا معظمهم في دمشق وفق نقيب أطباء سورية الدكتور كمال عامر مبينا أن العدد أكبر من ذلك لوجود عدد من الوفيات لأطباء خارج سورية إضافة إلى أطباء توفوا بأعراض كورونا دون إجراء اختبار الـ PCR . وأكد نقيب الأطباء أن هؤلاء الأطباء الذين ضحوا بحياتهم أداء للواجب المهني يحصلون على تعويضاتهم وحقوقهم النقابية كاملة مهما بلغت سنوات الخدمة لديهم حيث ينص قانون النقابة على أن هذه الحقوق لا تعطى إلا لمن أدى 30 عاما في الخدمة كما يسجل الطبيب المتوفى في مثل هذه الحالة في سجل الشهداء بالنقابة. ولفت الدكتور عامر إلى وجود مشروع بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لاعتبار وفاة أي طبيب بفيروس كورونا ناتجة عن إصابة عمل.
أرسل تعليقك