القاهرة ـ سورية24
أحيانا نقابل إنسانا للمرة الأولى في الطريق أو في مكان ما فإذا بك تنفر منه وتحاول أن تتجنبه بدون أي سبب، وبعد فترة يتضح لك أن إحساسك كان صادقا وأن هذا الشخص ليس سويًا، وقد تقابل إنسانًا آخر ولأول وهلة تنجذب إليه وتشعر كأنك تعرفه منذ سنوات، وأحيانا أخرى قد نشعر برجفة في القلب، نبضات غير منتظمة تطرق باب قلوبنا وعقلنا لتخبرنا بقرب حدوث أمر ما، وذلك ما أطلق عليه العلماء "الحاسة السادسة" أو "الحدس"، وهي حاسة خفية يتميز البعض بامتلاكها دون غيرهم وبخاصة النساء لما يتمتعن به من قدر عالٍ من الذكاء العاطفي، وهي ليست علمًا بالغيب بقدر ما هي مجرد إحساس لا يمكن نفيه.
تجارب
تقول سماح أحمد (29 عامًا): الحمد لله ربنا أنعم علي بهذه الحاسة وهي أحيانا كثيرة ما تسبب لي أزمة، لأني أشعر دائما بالقلق والتوتر علي جميع أفراد أسرتي، ولي عدة مواقف متكررة بها ومن أهم هذه المواقف، ذات مرة وأنا في نزهة مع عائلتي وفجأة بدون مقدمات شعرت بقبضة في صدري، صرخت وشعرت بشيء ما يحدث لأبني، وفي نفس اللحظة وجدت ابني كاد يسقط من مكان مرتفع لولا ستر الله علينا، الكل أصابهم حالة من الدهشة والذهول كيف شعرت بهذا قبل حدوثه أصلا، وفي مواقف أخرى وذات مرة تقدم لأختي عريس ومن أول مرة رأيته لم أشعر بالارتياح له، ونصحتها أن ترفضه، ولكنها أصرت وأتمت الخطوبة، بعد ذلك ندمت لاكتشافها عيوبا كثيرة بشخصيته، ومرة أخرى شعرت بأن مكروها ما قد أصاب أحد أفراد عائلتي وبعد ساعات علمت أنه توفاه الله في حادث أليم.
أما هبة كمال (31 عاما): أنا متزوجة منذ ثلاث سنوات، وعندي بنتان توأم بعد زواجي بفترة بدأت أشعر بنوع من عدم الارتياح في علاقة زوجي بي، بدأت أشعر ببعض التغيرات التي تطرأ عليه، فوجدته بدأ الاهتمام بمظهره بشكل يفوق ما كان عليه بكثير،ولم يعد يتواجد في المنزل بشكل كبير ويتحجج بظروف العمل، فأدركت أن ناقوس الخطر يهدد أسرتي، فبدأت أركز في جميع تصرفاته وشغلت الرادار، وبالفعل اكتشفت السر وراء هذا التغيير المفاجئ، زميلة له في العمل تربطهم علاقة صداقة بها، وواجهته وهددته بدمار البيت كله إذا أستمر في هذه العلاقة، وكان شبه مصدوم من علمي بهذه العلاقة، بالرغم من شدة حرصه وذكائه في التعامل معي، حتى لا أشعر بأي تغيير في تصرفاته، وبالفعل استجاب وعاد لي ولأولادي مرة أخرى.
الفراسة الإيمانية
وفي هذا السياق تقول الدكتورة عبير سلام استشاري إرشاد أسري وتنمية بشرية: الفراسة أو الحاسة السادسة عند الشخص ترافقه منذ ولادته،ويتميز هؤلاء الأشخاص بالفطنة والذكاء وصفاء القلب والذهن والإيمان القوي، ومن أهم أنواع الفراسة وأصدقها لدى الإنسان هي الفراسة الإيمانية حيث يستطيع الفرد التمييز بين الصدق والكذب والحق والباطل، وهي نور وبصيرة يلقيها الله في قلب المؤمن، كما قال أبو الفوارس الكرماني: "من غضَ بصره عن المحارم وأمسك نفسه عن الشهوات، وعود نفسه أكل الحلال لم تخطئ له فراسة"، كما تؤكد سلام أن قارئي الكف والفنجان ومحللي الأبراج لا يندرجون تحت مسمى "المتفرسين"، لكون هذه الفئة تصنف بأنها علوم لا ترتبط بالفراسة، على خلاف مفسري الرؤى والأحلام الذين تتسم غالبيتهم بالفراسة.
علم النفس
أكد الدكتور محمد أنور حجاب أستاذ علم نفس بجامعة عين شمس فيقول: الحاسة السادسة هي جزء من الإنسان سواء أراد أم لم يرد، فهي جزء طبيعي من العقلية البشرية وليست حكرا على الأشخاص الموهوبين، ولكن تزداد بالعبادة ومدى تعلق الشخص بالله عز وجل، وأكدت الأبحاث أن الأشخاص الذين لا يستطيعون الإحساس بها هم أشخاص لديهم نوع من العتامة وعدم الصدق واللامبالاة، التي تقاوم وتحجب الانطباعات الاستبصارية لديهم، والعكس فإن الأشخاص الذين لديهم صدق نوايا وعبادة سليمة وحسن تعامل مع الأشخاص لديهم حاسة قوية جدا، ويعد أصحاب هذه الحاسة أشخاصًا طبيعيين ولكنهم يميلون إلى الخيال أكثر من غيرهم، كما أنهم يتميزون بالهدوء وعمق التفكير تظهر بصورة كبيرة خاصة عند المرأة لكونها الأكثر حساسية من الرجل، فقد يحدثها قلبها بخيانة زوجها بينما الآخرون يؤكدون لها أن ذلك ليس سوى خرافات، ولكنه يثبت في النهاية صدق حدسها، نستطيع القول إن حاسة المرأة السادسة تمكنها من كشف الكذب، حيث كشفت الدراسات عن أن 60 % من النساء العربيات يتمتعن بها و70 % من الزيجات الناجحة اعتمدت فيها الفتاة على حاستها السادسة، وقد أثبت العلم أخيرا أن القلب يحتوي على جهاز عصبي مستقل ومتطور يتكون من أكثر من 40000 خلية عصبية وشبكة معقدة شديدة الإبداع من الناقلات العصبية والبروتينات تحمل الكثير من المعلومات عن شخصياتنا وتاريخنا وذاكرتنا، مما يساعد الأشخاص في التفكير والتدبر والشعور بالارتياح أو لاتجاه بعض الأشخاص وكما قال الله عز وجل في كتابه الكريم: "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا".
أما د. إبراهيم مجدي أخصائي الطب النفسي بجامعة عين شمس فيقول: الحاسة السادسة فرع من فروع علم الباراسيكولوجي أو علم نفس الخوارق، وتمتلكها المرأة بصفه خاصة لكونها الأكثر حساسية من الرجل، فهذه الحاسة ليست سوى منحة ربانية يهبها الله عز وجل لمن يشاء من عباده، فبعض الناس يمتلكون شفافية غريبة يعرفون من خلالها أمورًا مخفية، وهو شعور الفرد بما يحدث لشخص يحبه أو يقربه ويبادله نفس المشاعر والأحاسيس بغض النظر عن بعد المسافة بينهما، وهذه مكرمة من الله، فتلاقي الأرواح أمر قدره الله تعالى للناس، بعيد كل البعد عن أمور الغيب والتكهن، فهي تبصر أشياء وتتوقع مواقف بعيدة عن محيط الغيبيات يشعر بها من يمتلكها ويعرف بحدسه القوي، ويعتقد الدكتور مجدي أن المبالغة في الاعتقاد بهذه الحاسة تترك تأثيرًا سلبيًا في الشخص وفي محيطه، بسبب علمه بأمور لا يعرفها غيره، تجعله يبني عليها آمالًا كثيرة في حياته وعلاقاته، وفي النهاية يؤكد أنه لا بد من التفريق بين علم الفراسة الذي له تفسيرات في علم النفس ومرتبط بعلم الإنسان والوراثة، وبين الحاسة السادسة التي لا تفسيرات أو ارتباطات منطقية لها، حيث إن علم الفراسة نتج من تجارب وأبحاث ودراسات وتراكم خبرات تم تناقلها لتشكل نموذجًا علميًا مدروسًا، بينما تندرج الحاسة السادسة تحت مسمى ما وراء علم النفس أو ما وراء الطبيعة لعدم وجود تفسيرات واضحة لها.
علم الاجتماع
أكدت الدكتورة رباب البصراتي أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية: دائما ما تثار علامات الاستفهام والدهشة عند الحديث عما يسمى بالحاسة السادسة، إذ تعتبر من المواهب الخارقة التي تتيح للأشخاص الذين يمتلكونها قدرة على التخاطر وقراءة الأفكار واستبصار أحداث سابقة أو لاحقة، وتظهر هذه الحاسة من خلال تفاعل الإنسان بواسطة حواسه الخمس مع الآخرين فيحدث ما يسمي الاكتساب والتعلم وبالتالي النمو والتطور، وبحكم ما يكتسبه الإنسان ويتعلمه يصبح لديه مخزون هائل من الخبرات والتجارب والمعلومات التي تمكنه من تفعيل حدسه، وتكون هذه الحاسة أقوى عند المرأة من الرجل، إذ إنها أقدر منه على قراءة الأفكار ولها تجربة فريدة في قراءة أفكار طفلها الصغير ومعرفة أحاسيسه رغم عدم قدرته في مراحله الأولى على التعبير أو النطق وهي ليست واحدة عند كل النساء وإنما تختلف علي حسب الذكاء وتلقي المواقف المختلفة، وتحصر المرأة قوتها وقوة حاستها أكثر في الأمور التي تتعلق بأنوثتها وكرامتها ومما لاشك فيه أن حذر المرأة وخوفها من فقدان شريك حياتها وخوفها على استقرار بيتها يوقظ طاقتها بصفه أكبر، فدائما ما تستشعر أي خطر يقترب منها وتوظف جميع حواسها لاستشعار أي أذى قد يصيب عائلتها.
وقد يهمك أيضا" :
أرسل تعليقك