واشنطن ـ يوسف مكي
يعرف معظم الناس معدن «الروبيديوم»، باعتباره المسؤول عن اللون الأرجواني في الألعاب النارية، لكن هذا المعدن الغامض ساعد اثنين من علماء «جامعة شيكاغو» على طرح نظرية جديدة حول كيفية تشكل القمر.
وأجريت الدراسة الجديدة في مختبر د. نيكولاس دوفاس في جامعة شيكاغو، حيث اهتم باحثوه بتركيب صخور الأرض والقمر، وقياس معدن «الروبيديوم»، ليخرجوا برؤية جديدة حول لغز تكوين القمر، والمعروف باسم «الأزمة النظرية القمرية».
وبدأت هذه الأزمة عندما كشفت طرق جديدة للاختبار أنّ صخور الأرض والقمر لها مستويات متشابهة بشكل لافت للنظر في نظائر بعض المعادن، ولكن بمستويات مختلفة تماماً عن غيرها، وهذا كان من شأنه أن يربك كلا السيناريوهين الرئيسيين حول كيفية تكوين القمر؛ حيث يذهب أحدهما إلى أن «جسماً عملاقاً سحق الأرض وأصبح جزءاً من هذا الجسم الغريب هو القمر، وفي هذه الحالة يجب أن يكون للقمر تركيبة مختلفة عن الأرض بشكل حاسم»، أمّا السيناريو الآخر، فذهب إلى أنّ «الجسم طمس الأرض، وتشكل القمر من القطع الصغيرة الناتجة عن هذا الاصطدام، وفي هذه الحالة يجب أن يكون القمر والأرض متطابقين تقريباً».
وتقول نيكول ني، الباحثة الرئيسية بالدراسة، التي نشرت في العدد الأخير من دورية «رسائل الفيزياء الفلكية»، (Astrophysical Journal Letters)، ونشر موقع «جامعة شيكاغو» تقريراً عنها، أول من أمس، «من الواضح أنّ هناك شيئاً مفقوداً، وهذا ما عملنا على اكتشافه».
ولاختبار نظريات مختلفة تقود لاكتشاف الشيء المفقود، كان لدى «مختبر دوفاس»، الذي تعمل فيه نيكول، مجموعة من صخور القمر التي تم الحصول عليها على سبيل الإعارة من وكالة «ناسا»، وهي تلك التي جمعها رواد الفضاء في «مهمة أبوللو 11» عام 1969، وتوصلت إلى طريقة لقياس نظائر معدن «الروبيديوم»، وهو عنصر لم يتم قياسه على الإطلاق بدقة في صخور القمر، لأنّه من الصعب للغاية تمييزه عن «البوتاسيوم»، وهو مادة كيماوية متشابهة للغاية.
وتقول نيكول إنّه «عندما فحصنا صخور القمر، وجدت أنها في الواقع تحتوي على عدد أقل من نظائر (الروبيديوم) الخفيفة، وأثقل منها في صخور الأرض».
ولم يكن لدى نيكول وزملائها المشاركين في البحث تفسير لكيفية حدوث هذا الاختلاف، لذلك قرروا محاكاة ما حدث.
ويقول نيكولاس دوفاس، أستاذ العلوم الجيوفيزيائية الذي شاركها في البحث، «لقد بدأنا من فكرة تبخر كل من الأرض والجسم العملاق بعد الصدمة التي حدثت، وفي هذا السيناريو، تتجمع الكتلة التي ستصبح الأرض ببطء، وتتشكل حلقة من الحطام الخارجي من حولها، وفي هذه الأثناء لا يزال الجو حاراً جداً، نحو 6000 درجة فهرنهايت، بحيث تكون هذه الحلقة من الحطام عبارة عن طبقة خارجية مليئة بالبخار تحيط بنواة من الصهارة السائلة».
ويضيف: «بمرور الوقت، تبخرت بسهولة أكبر النظائر الأخف وزناً لعناصر مثل (الروبيديوم)، لتتكثف على الأرض، في حين أن بقية النظائر الأثقل التي تركت وراءها في الحلقة شكلت القمر في النهاية».
ويتناسب هذا السيناريو، بشكل جيد، مع القياسات السابقة لنظائر أخرى في صخور القمر، مثل «البوتاسيوم» والنحاس والزنك. ويقول دوفاس: «هذا السيناريو الجديد يمكن أن يعطي تفسير كمي للنضوب القمري، ليس فقط في (الروبيديوم)، ولكن أيضاً في معظم هذه العناصر».
وقد يهمك أيضا:
برنامج إعداد رواد فضاء الإمارات يتلقى أكثر من 4000 طلب
أرسل تعليقك