استكلمت الاستعدادات لانطلاق سباق الانتخابات الرئاسية في الجزائر الخميس، وشهدت العاصمة احتجاجات، اعتراضا على الأسماء المترشحة، وأخرى مؤيدة للانتخابات، انطلاقا من الرغبة في خروج البلاد من الأزمة.
يتوجه الجزائريون، الخميس، إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد للبلاد من بين 5 مرشحين بارزين، يتنافسون في انتخابات مثيرة للجدل، وسط غموض غير مسبوق يحيط بهوية حاكم الجزائر الجديد.
ويتنافس في أوّل انتخابات بعد مرحلة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي استقال مطلع شهر أبريل الماضي تحت ضغط احتجاجات شعبية، رئيسا الوزراء السابقان، علي بن فليس، رئيس حزب (طلائع الحريات)، وعبد المجيد تبون (مستقل)، وكذلك عبد العزيز بلعيد، رئيس (جبهة المستقبل)، وعبد القادر بن قرينة، رئيس حركة (البناء الوطني)، إضافة إلى عزالدين ميهوبي وزير الثقافة الأسبق ( التجمّع الوطني الديمقراطي، وكلهم ارتبطوا سابقا بصلات وثيقة مع نظام بوتفليقة، سواء عبر المشاركة في دعمه، أو تقلّد مناصب رسمية.
ويترقبّ الجزائريون نتائج الانتخابات التي ستبدأ بالظهور نهاية الأسبوع الحالي، في ظلّ غموض يحيط بهوية الرئيس القادم، بسبب تقارب حظوظ المتنافسين الخمسة، والتي لم تتمكنّ حتّى المناظرة التلفزية من حسم المرّشح الأكثر حظّا بدخول قصر المرادية الجمهوري، خلافا للمواعيد الانتخابية السابقة التي كان فيها الفائز معروفا مسبقا.
ويقر المحلل السياسي جلال مناد، إن الغموض سيّد الموقف في هذه الانتخابات، مشيرا إلى أن سرية الاقتراع هي الفيصل في العملية، في ظل إصرار السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات على ضمان نزاهتها، وكذلك فعلت قيادة أركان الجيش التي التزمت بحيادها ووقوفها على مسافة واحدة من المرشحين الخمسة.
ورغم إقراره بصعوبة ترجيح كفّة مرشح على آخر، يرى مناد أن المرشح عزالدين الميهوبي المدعوم من حزب "التجمع الوطني الديمقراطي" هو الأوفر حظا نظريا، إما للفوز بالرئاسة أو المرور إلى الدور الثاني، خاصة بعد إعلان حزب "جبهة التحرير الوطني" اصطفافه وراءه.
وفي هذا السياق أوضح مناد للعربية.نت، أن مناضلي هذين الحزبين هم الأكثر تسجيلا في الهيئة الناخبة وبالتالي هم من أكثر الفئات التي ستشارك في انتخابات يوم غد، وهذا سيدعم حظوظ ميهوبي، لكنه يرّجح إمكانية تمّرد مناضلي حزب "جبهة التحرير الوطني" على قرار قيادتهم المركزية وعدم التزامهم بموقفه ويصوّتون لعبد المجيد تبون.
وبدوره يرى الناشط السياسي حمزة الحنّاشي، أن أغلب الأصوات ستتجه إلى ميهوبي وتبون، اللذين سيكونان في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية أين سيشتعل التنافس بينهما على كرسي الرئاسة، مرجعا إلى وجود أحزاب ومنظمات ومراكز نفوذ وراءهما على عكس المرشحيّن الآخرين.
وعلى عكس مناد والحناشي، اللذين رجح إمكانية الذهاب إلى جولة ثانية في هذه الانتخابات تجمع بين ميهوبي وتبون، قلّل الكاتب الصحافي المختّص في الشؤون السياسية عزالدين بن سويح، من شأن المرشح عبد المجيد تبون في هذه الانتخابات، واستبعد أن يكون من بين أبرز مرشحين رئاسيين، خاصة بعد إلقاء القبض على رجل الأعمال عمر عليلات المحسوب عليه، وأكبر داعم ومموّل له واستمرار سجن نجله على ذمّة التحقيق في قضية الكوكايين الشهيرة، وهي قضايا عادت بالضرر عليه وقلّصت من حظوظه، كما أثّرت على شعبيته.
ويرى بن سويح في حديث للعرية.نت، أن ميهوبي هو المرشح الأوفر حظا من غيره للدخول إلى قصر المرادية، خاصة بعد أن كسب مساندة حزب "جبهة التحرير الوطني" إضافة إلى دعمه من طرف حزب "التجمع الوطني اليمقراطي"، وهما الحزبان الأكثر انتشارا في البلاد خاصة في القرى والأرياف، مشيراً إلى أنّ الانتخابات ستحسم نتائجها من الجولة الأولى.
وقبل ساعات من بدء التصويت، أكد الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح، أن الانتخابات الرئاسية "تُعد فرصة تاريخية من أجل تكريس الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتشييد دولة الحق والمؤسسات في الجزائر".
وقال بن صالح في كلمة له خلال اجتماع مجلس الوزراء، مساء الأربعاء، أنه "تم تهيئة الضمانات ووضع الترتيبات لهذه الانتخابات وهي من صميم المطالب الشعبية"، داعياً المواطنين للعمل على إنجاحها.
وأشاد بن صالح بأبناء الجاليات الجزائرية في المهجر الذين شاركوا في الانتخابات "رغم محاولات الإرباك والتشويش التي تصدر ممن يتخذ من الديمقراطية شعاراً دون الاحتكام لأبسط مقتضياتها"، حسب تعبيره.
وتجري هذه الانتخابات وسط تعزيزات أمنية مشددة، تحسباً لأي عملية تشويش قد تتسبّب في تعطيل هذا الموعد الانتخابي، خاصةً بعد تسجيل بعض الحوادث في انتخابات الجالية بالخارج، تمثلّت في إقدام الرافضين للانتخابات على محاولة منع بعض الناخبين من التوجه إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم.
في الأثناء، تستمر المظاهرات المعارضة والرافضة للانتخابات وكذلك المؤيدة لها، والتي من المتوقع أن تبلغ ذروتها يوم الاقتراع، استجابةً لدعوات ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي، تنادي بضرورة الخروج للاحتجاج على هذا المسار الانتخابي وعلى الأسماء المرشحة للتنافس على منصب رئيس البلاد، لصلتها بالنظام السابق.
ويحيط الغموض بهوية الرئيس القادم للجزائر، بسبب تقارب حظوظ المتنافسين الخمسة، رغم أن التكهنّات تعطي الأفضلية إلى المرشحين عزالدين ميهوبي وعبد المجيد تبّون، في انتظار إعلان النتائج الرسمية نهاية هذا الأسبوع.
ويتقدمّ المرشحون الخميس، للتنافس على أصوات 24.4 مليون جزائري، حسب أرقام الهيئة الناخبة، في سادس انتخابات رئاسية بالبلاد، تأمل السلطات الجزائرية في مشاركة كبيرة لضمان شرعية رئيس جديد يمكنه من إنهاء الاحتجاجات المستمرة منذ يوم 22 شباط/فبراير الماضي، بينما تشير التوّقعات إلى أنّها ستشهد نسبة مقاطعة شديدة، خاصة في منطقة القبائل، التي تشهد منذ يوم الأحد الماضي إضرابا عامّا، احتجاجا على هذا الاستحقاق الرئاسي.
يتوجه ملايين الجزائريين اليوم الخميس إلى مراكز الاقتراع لاختيار سابع رئيس للبلاد، من بين 5 مرشحين بارزين، في انتخابات رئاسية حاسمة ومثيرة للجدل، مفتوحة على كل الاحتمالات والفرضيات.
ودعي لهذا الاقتراع الرئاسي نحو 24 مليونا و741 ألفا و161 ناخبا، حسب أرقام السلطة المستقلة للانتخابات، بينهم 914 ألفا و308 ناخبين في المهجر، و500 ألف إلى 600 ألف من البدو الرحل، من أصل 44 مليون جزائري.
ومن المتوقع أن يتمّ تسجيل مشاركة ضعيفة في هذه الانتخابات بسبب غياب التوافق حولها في الشارع الجزائري، بين مؤيدين ينظرون إليها على أنها الحل الوحيد للخروج من الأزمة السياسية التي تلت استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ومعارضين يرون فيها إعادة استنساخ للنظام السابق.
وسيتوزع الناخبون على أكثر من 60 ألف مكتب اقتراع موجودة في كافة مدن وقرى البلاد، يشرف عليها أكثر من نصف مليون عضو تابعين للسلطة المستقلة للانتخابات.
قد يهمك ايضا:
الجزائر غضب وذهول وسط رموز بوتفليقة بعد إدانتهم بعقوبات قاسية
القضاء الجزائري يحكم بحبس رئيسين سابقين في الحكومة وعدد من المسئولين
أرسل تعليقك