أثارت المظاهرات الشعبية التي خرجت في مدن عدة بالشمال المحرر، ونادت بإسقاط "أبو محمد الجولاني" أمير هيئة تحرير الشام، جدلاً واسعاً عبر مواقع التواصل، وصل لحد الصدام بين الشرعي المعروف "عبد الله المحيسني" والقيادي في الهيئة "أبو ماريا القحطاني" عبر منصاتهما الشخصية على موقع "تيليجرام".
وبدأت السجال بين القطبين اللذين يتمتعان بشعبية واسعة في صفوف التنظيمات الجهادية لاسيما هيئة تحرير الشام، مع الانتقاد الذي وجه للمظاهرات والتهجم عليها من قبل المحسوبين على الهيئة وبعض الشخصيات المقربة منها، لما حملته المظاهرات من نقمة كبيرة على "الجولاني" وتصاعد النداءات في سراقب ومعرة النعمان والأتارب لإسقاطه.
ونشر "المحيسني" منشوراً مطولاً يدعو فيه جميع قادة الفصائل في الشمال السوري إلى التنحي قائلاً: "فليتنحوا يرحمهم الله جميعاً وليفسحوا المجال للآخرين ، مللنا من أسطوانة ( ليس في الساحة بديل ) !!"، معلقاً على المظاهرات بالقول: "المتظاهرون أرَّقهم شدة الحال، أغلبهم قدَّم ولداً أو أخاً أو بيتاً ، ثم هم يرون مناطقهم تتساقط ، ويرون أنهم كانوا يسيطرون على ثلثي بلدهم ، ثم هم اليوم يخشون على قرابة %8 من الزوال !!".
كما أكد المحيسني أن "المتظاهرون لا ينتظرون منا أن ننعتهم بالمنافقين والخونة والمغفلين والمدفوعين ، وهم لايقرأون أصلاً منشوراتنا !!"، ليوجه الدعوة لقادة الفصائل دون تسمية أحد بعينه بالقول: "أيها القادة ! لم يتبقَّ للناس من محررهم إلا قطعة أرض يسيرة ، ولقد رأى الناس أنكم أخفقتم بالرغم من وجود آساد يقاتلون ( لله درهم ) أقولها بصدق يعجز التاريخ أن يأتي بمثلهم ، ولايقولن أحد : ( الإخفاق والخسارة ابتلاء و..و.. ) ، أقول : بل هو بما كسبت أيديكم ، وليست المرة الأولى ، بل المليون".
وعلى خلفية ذلك انبرى القيادي في "هيئة تحرير الشام" والشرعي المعروف "أبو ماريا القحطاني" للرد بالدفاع أولاً عن "الجولاني" قائلاً: "كان البغدادي في بداية القتال يقول خلوا بيننا وبين الجولاني .. وبعدها بان للجميع أن الخوارج هم أعداء الإسلام والمسلمين .. وكذلك اليوم نسمعها من أصحاب المشاريع الانهزامية لو مرض أحدهم أو تعطلت سيارته وهو في دولة من الدول لقال الجولاني هو السبب .. أصبح الشيخ الجولاني فوبيا عند أصحاب المشاريع الوردية وأصبح كابوسا يرعبهم حتى في أحلاهم".
وهاجم القحطاني كلام المحيسني بمنشور مطول قال فيه: "يا بني أنصحك لاتركب الموجة لتزيد عدد متابعيك .. يابني كيف ولك أن أردت تلميع نفسك على الدماء .. يابني أن تطبل للمجاهدين خير من أن تكون طبل نفاق وتلمع الفاسدين" ... وذاد بالقول: " تحذير الجيل من دعاة التطبيل . الخطيب والداعية المرائي والماجن والمتلون هو احق بالعزل .. من قال الساحة انتهت واحلقوا لحاكم احق بالعزل من القادة الثابتين .. من دافع عن المفسدين وذاد عنهم وشق صفوف المجاهدين احق بالعزل".
وأضاف القحطاني: "من حقك أن تسعى لتبيض صفحتك التي لم يرها الخصوم يوما أنها بيضاء حتى لو طليتها باللبن الأبيض لأن فساد فطرتهم يحرمهم من رؤية الحقائق التي تخالف منهجهم المنحرف، لكن ليس من حقك أن تلمع نفسك على حساب دماء الشهداء وأن تساوي بين المجرمين والمتقين بل وتشطط أكثر من ذلك".
وعن طلب المحيسني تنحي القادة قال القحطاني: "المطالبة بعزل وتنحية القادة -على الملأ- في ساحة حرب يكثر فيها العملاء والمنافقون والمرجفون والباحثون عن الاصطياد بالماء العكر لا يمكن إحسان الظن أو التماس العذر فيها بحال، فكيف إذا كانت هذه المطالبات متزامنة مع معركة مفصلية".
ورد المحيسني على هجوم القحطاني بمنشور آخر على موقعه على "تيليجرام" بالقول متسائلاً: "ما الذي أغضبه ياترى! .. هل أغضبه ندائي للقادة( بصيغة الجمع ) أن يتنحوا ويولوا رجلاً من الصالحين! .. مالذي يغضب في هذا الكلام ياترى ، أم أن بتغير القادة تتغير مكاسب كثيرة!".
وزاد المحيسني موجهاً كلامه للقحطاني بالقول: "هذا الأسلوب معيب بحقك وحق من تمثلهم ومعيب بحق شهداء صادقين كلامك يحسب عليهم! .. أسلوبك ياهذا والله العظيم لن يبقي لكم صديق وستذكر ما أقول لك! .. كفاك اتهاماً لغيرك بالنفاق والتلون .. فأنت تعرف من المتلون جيداً".
أقرا أيضا" :
وتابع المحيسني :"أنت تعلم من المتلون جيداً يا صديقي فلا داعي لنذكر أمثلة التلون الواقعية من بداية الثورة حتى يومنا هذا!، وكفاك مزاودة باسم محاربة الفاسدين فتارة تقول اقتلوا هالعلوج وتارة تقول لله در شباب كذا والفصيل نفسه والشباب لم يتغيروا!! .. إن من أسميتهم علوجاً لم نكن نسمهم إلا آساد كذا حتى حينما خالفناهم!".
وشهدت عدة مدن وبلدات خلال اليومين الماضيين بريف إدلب أبرزها "سراقب والأتارب ومعرة النعمان" خروج مظاهرات ليلية بألاف المدنيين القابعين تحت نير القصف الروسي اليومي، أكدوا فيها مواصلة حراكهم الشعبي ضد الأسد ونظامه، ورفعوا لافتات تهاجم "الجولاني" قائد هيئة تحرير الشام وتطالب برحيله على غرار الأسد.
ويواجه "الجولاني" نقطة شعبية كبيرة في الشمال المحرر، بسبب السياسية التي انتهجها منذ سنوات وحتى اليوم، من إقصاء للفصائل التابعة للجيش الحر ومهاجمتها وتجريدها سلاحها وإجبار عناصرها على ترك بلداتهم وديارهم والخروج باتجاه شمالي حلب، ليغدو هو القوة المسيطرة على المدينة، وما تلاه من تسليط قبضته الأمنية وحكومة الإنقاذ التابعة له على المؤسسات المدنية في عموم المنطقة.
ويعتبر أهالي الشمال المحرر أن الجولاني بتصرفاته أضعف القوة العسكرية في الشمال المحرر، وسيطر على سلاح الفصائل، وأنه بات هو المسؤول الأول عن الدفاع عن تلك المناطق التي باتت تتهاوى أمام النظام بدءاً بشرقي سكة الحديد وصولاً لبلدة التمانعة، في الوقت الذي تواصل أجهزته الأمنية وحكومة الإنقاذ التسلط على المدنيين رغم كل ماحل بالمنطقة من تراجع.
وانتقد نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي الإعلامي "زيدان" لهجومه على المتظاهرين من أبناء الحراك الشعبي لمجرد انتقادهم "الجولاني" مستنكرين على "زيدان" صمته عن أفعال الهيئة إبان هجماتها المتكررة على الفصائل في المحرر وما خلفته من قتل وتهجير واعتقال وتسيير للدبابات ضمن المناطق المحررة، ومافيها من تقويض لقوة الثورة.
كما انتقدوا تأييده لحكومة الإنقاذ ومساهمته في الترويج لها والتغاضي عما تمارسه من تسلط واستغلال بحق المدنيين في عموم الشمال المحرر، في وقت أكد النشطاء أن المجاهدين الذين يعمل زيدان للدفاع عنهم هم أبناء هذا الشعب وأن انتقادهم للجولاني والمطالبة برحيله لا يمس المقاتلين والمرابطين على الجبهات من أبناء تلك البلدات والقرى مطالبين زيدان بالاعتذار.
وقد يهمك أيضا" :
أرسل تعليقك