أكد مصدر دبلوماسي عربي أن نظام الدوحة سيطر على مراكز النفوذ والقرار في الصومال باستخدام عناصر إخوانية وداعشية ومرتزقة، بعد أن أطاح برئيس البرلمان محمد عثمان جواري، وجاء ببديل عنه وهو وزير الدفاع المحسوب على المحور التركي القطري، محمد مرسل شيخ عبد الرحمان، فيما يسعى النظام إلى تقسيم ليبيا.
وفي الرابع من أبريل /نيسان الماضي، كان البرلمان الصومالي بصدد الاجتماع لعزل رئيسه جواري بسبب خلافاته الحادة التي برزت في منتصف مارس/آذار الماضي مع رئيس الوزراء حسن علي خيري، الذي يعتبر من أبرز رموز التبعية لنظامي الدوحة وأنقرة، حتى إنه رحّب بالقاعدة التركية في بلاده لفرض سيطرتها في القرن الأفريقي، كما اتسعت دائرة نشاط جماعة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة، بعد أن غض بصره على إرهابها، وكشف أحد أعضاء البرلمان النقاب عن أن رئيس البرلمان استقال من منصبه بناء على نصيحة الرئيس الصومالي محمد عبد الله فارميجو، بغرض تفادي حدوث مواجهة سياسية في البلاد.
وكان الجواري تولى رئاسة البرلمان لأول مرة عام 2012، ثم أعيد انتخابه في يناير/كانون الثاني 2017، حيث تمكّن من قيادة البرلمان لاجتياز أكثر من أزمة سياسية. واضطر لتقديم استقالته من منصبه نزولًا عند نصيحة الرئيس محمد عبد الله فرماجو، الذي يرتبط هو الآخر بالتحالف القطري التركي الإخواني.
سفير ووزير
وكان رئيس الوزراء حسن علي خيري أعلن في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 عن تعيين عبد الرحمن وزيرًا للدفاع خلفًا لوزير الدفاع السابق الذي استقال من منصبه مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفي 30 نيسان، توجت عملية الانقلاب التي قادتها قطر بانتخاب محمد مرسل شيخ عبدالرحمن الذي كان شغل وظيفة سفير الصومال لدى تركيا قبل تعيينه وزيرًا للدفاع، رئيسًا للبرلمان.
وحضر 265 نائبًا جلسة البرلمان من أصل 275 عضوًا، لانتخاب رئيس جديد لمجلس الشعب الصومالي. وبعد جولتين من التصويت، فاز عبد الرحمن بمنصب رئيس البرلمان، حيث حصل على 147 صوتًا أغلبها من قوى الإسلام السياسي، وبخاصة جماعة الإخوان، فيما حصل إبراهيم أساق يرو أقرب منافس له على 118 صوتًا، فيما يرى مراقبون أن الهدف من الإطاحة بجاوري وتنصيب عبد الرحمن هو السيطرة على مقاليد السلطة في الصومال بيد إخوانية وتجاوز الخلافات الحادة التي كانت تعصف بين الحكومة الفيدرالية والبرلمان، مشيرين إلى العمليات الإرهابية وأزمة الطائرة الإماراتية لم تكن سوى ذرائع للانقلاب على البرلمان، وتحويله إلى تابع لرئاسة الوزراء وديوان الرئاسة، المرتبطين عقائديًا وسياسيًا بالتحالف القطري التركي الإخواني.
معسكر إخواني
ويرى المراقبون أن نظام الدوحة يسعى إلى تحويل الصومال إلى معسكر إخواني في المنطقة، هدفه الأساس التأثير على أمن البحر الأحمر ومضيق عدن، والمساس باستقرار الدول العربية، وخاصة العربية السعودية ومصر، إلى جانب التدخل في اليمن لدعم الميليشيات الحوثية الإيرانية والجماعات الإرهابية، كما يشيرون إلى أن قطر تطمح كذلك إلى أن تجعل من الصومال ملجأ للإرهابيين المُلاحقين من قبل دول العالم وهو ما لا يتحقق إلا بالسيطرة على مراكز النفوذ والقرار في مقديشو عبر شراء الولاءات وتنصيب عناصر إخوانية على رأس مؤسسات الدولة، ونشر جحافل المرتزقة في مختلف المناطق والجهات.
تقسيم ليبيا
وليس بعيدًا عن الصومال، يعمل تنظيم "الحمدين" على تبديد كل أحلام الليبيين بالحفاظ على ما تبقى من بلادهم. فيما اتهم مسؤولون ليبيون هذا التنظيم بالعمل على تقسيم بلادهم إلى ثلاث دويلات، مشيرين إلى أن ليبيا تواجه بالفعل مخاطر التمزق، في ظل سيطرة مؤسسات الدولة، وبخاصة الجيش الوطني، على المنطقة الشرقية، واستمرار إرهاب الجماعات الإخوانية المتشددة في المنطقة الغربية، مع بقاء الأوضاع المأساوية على حالها بالجنوب.
ووفق مصادر عسكرية ليبية، فإن الشرق الليبي بات خاليًا من المتطرفين والميليشيات الإرهابية، باستثناء مدينة درنة التي يسعى الجيش لتحريرها من تنظيم القاعدة الإرهابي خلال أيام، بينما شهدت طرابلس ومصراتة الأسبوع الماضي تظاهرات تأبينية لأعتى الإرهابيين الذين حاربتهم القوات المسلّحة، وقضت عليهم في بنغازي، وهو وسام بن حميد القائد الميداني لما يسمى مجلس شورى المجاهدين بالمدينة، وهو ما يعني وجود حالة من التناقض التام بين القوى التابعة لقطر وتركيا من جهة، والقوى المؤمنة بضرورة تكريس سيادة الدولة الليبية.
وأكد المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي العميد أحمد المسماري أن قطر اليائسة من السيطرة على كامل التراب الليبي، والتي قطع الجيش الوطني أياديها الممتدة بالسوء إلى المنطقة الشرقية ومنطقة الهلال النفطي، وجزء مهم من الجنوب والغرب والوسط، باتت اليوم تعمل على تكريس حضورها في المنطقة الغربية من خلال دعمها للجماعات الإرهابية وفي مقدمتها جماعة الإخوان والجماعة المقاتلة المرتبطة عقائديًا وتنظيميًا بتنظيم القاعدة، وهناك من يبحث في السر، كيفية فصل المنطقة الغربية لتبقى تحت سيطرة الميليشيات المرتبطة بنظام الدوحة.
إقليم إخواني
وأكد محمد الشحومي، القيادي الليبي وعضو لجنة صياغة بيان القاهرة، استمرار مساعي العديد من القوى الخارجية لتقسيم ليبيا والتدخل في الشأن الليبي الداخلي متمثلة في قطر وتركيا. وقال المحلل السياسي الليبي عبد القادر العجيلي، إن الشعب الليبي في غالبيته الساحقة يرفض التقسيم، وهو مع سيادة الدولة الليبية الواحدة، بينما لا تزال قطر تدفع بأتباعها من المتشددين في المنطقة الغربية، وبخاصة في المدن الساحلية وعلى رأسها طرابلس ومصراتة إلى مزيد من التعنت، وإلى التآمر على الجيش، بما في ذلك تمويل وتسليح تنظيم القاعدة في درنة، وما يسمى سرايا الدفاع عن بنغازي، رغم علاقة هؤلاء الإرهابيين بالتفجيرات التي شهدتها طرابلس ومصراتة مؤخرًا، حتى إن الجميع بات يدرك أن قطر تعمل على فصل إقليم طرابلس ليبقى تحت سيطرة الإخوان والميلشيات المسلّحة، وهو ما سيؤدي في حالة حصوله إلى حرب أهلية في المنطقة الغربية نظرًا لأن أغلب سكانها يرفضون سيطرة الإخوان، وينبذون الجماعات الإرهابية المرتبطة بنظام الدوحة.
مؤامرة على الجنوب
وتابع العجيلي أن أيادي قطر امتدت للمنطقة الجنوبية لبث الفوضى فيها، وهو ما شدد عليه علي السعيدي، عضو مجلس النواب الليبي عندما قال: إن قطر تقف وراء ما يحدث من تصعيد عسكري جنوب البلاد، واصفًا تنظيم الحمدين بـ"راعي التقسيم في ليبيا" بدعمه لميليشيات إرهابية تستهدف وحدة التراب الليبي، محذرًا من أن ما حدث في الجنوب بداية تغير ديموغرافي كبير، كما كشف السعيدي في تصريحات صحافية عن وجود قوات أجنبية في الجنوب الليبي، ممثلة في المعارضة التشادية وعناصر إحدى الدول الأفريقية الأخرى، لافتًا إلى أن مواطني الجنوب أدركوا وجود القوات الأجنبية المدعومة من الخارج داخل بلادهم.
وفي السياق، اتهم رئيس المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، العجيلي البريني، قطر، بالوقوف وراء الاضطرابات التي تشهدها مدينة سبها، عاصمة الجنوب الليبي، بهدف تأجيج الصراع بين القبائل الليبية، تمهيدًا لتقسيم البلاد، مضيفا أن ما يحدث في سبها هو تنفيذ لمخطط خطير يراد من خلاله تقسيم البلاد، لكن ما يتم إغفاله هو وجود طرف ثالث وراعٍ حقيقي لما يحدث في الجنوب، وهي قطر التي تمثل رأس الفتنة في ليبيا، لا سيما في الجنوب الليبي، وتابع أن قطر لا تريد الاستقرار في الجنوب الليبي، مؤكدًا أن المعارضتين المسلحتين السودانية والتشادية تحصلان على الدعم المالي والعسكري من قطر، لتأجيج الأوضاع في الجنوب والاستيلاء على خيراته.
تحذير المعارضة
وكانت المعارضة القطرية حذّرت من مخطط قطري لتقسيم ليبيا، حيث غرّدت على موقعها في "تويتر" قائلة "لقد حصل الإخوة في الائتلاف على معلومات نضعها بتصرف المجتمع الدولي والمنظمات الأممية المعنية بالوضع الليبي، من أجل المسارعة إلى وضع حد لما تخطط له قطر وتركيا على الأرض الليبية"، وأضافت أن "الأجهزة الأمنية للنظامين الإرهابيين تقومان سرًا عبر المنظمات المجتمعية التي أنشأتها في أوروبا بعمليات تجنيد شبان في الأرياف بتونس والمغرب من أجل نقلهم للالتحاق بالميليشيات المتطرفة"، مؤكدة أنه "يتزامن هذا مع إعداد حملات تحريضية ضد برامج ومبعوثي الأمم المتحدة في ليبيا بهدف ترهيبهم والتأثير في عملهم وأنشطتهم الهادفة إلى تحقيق الأمن والحد من انتشار المجموعات الإرهابية المدعومة من تميم وأردوغان".
ودعا ائتلاف المعارضة في تغريدة الشعب الليبي إلى "أن يقوّض مكامن الشر القطرية التركية التي منذ لحظة اندلاع الأحداث هناك هدفها واحد، وهو تقسيم ليبيا إلى ولايات يحكمها الفكر الداعشي الإخواني"، مؤكدًا أن "شر النظام القطري المتربص بليبيا بدأ يأخذ مسارات خطرة جديدة تضاف إلى ما كان ائتلاف المعارضة القطرية قد حذّر منه في السابق، فالعمل الأمني وزيادة شحنات الأسلحة للميليشيات الإرهابية في المناطق الليبية تواكبه تحركات لمنظومات تميم في دول مغاربية".
أرسل تعليقك