دمشق - سورية 24
تعمل الولايات المتحدة في إطار محاولاتها إحكام القبضة على منابع النفط والغاز في الشرق السوري، على ربط تلك المنابع بعضها ببعض، عبر بناء سلسلة من القواعد ونقاط الانتشار. تحرّكات يرافقها استمرار العمل السياسي الهادف إلى عرقلة إطلاق أيّ حوار بين الدولة السورية والأكراد.تُسجِّل التحركات الأميركية في الجزيرة السورية تزايداً ملحوظاً، في ما يبدو أنه يستهدف توسيع قواعد الولايات المتحدة ونقاط انتشار قواتها هناك، وفق استراتيجية تطويق آبار النفط، التي تبنّتها واشنطن أخيراً. وتبرز هذه التحركات من خلال تنقّل الآليات الأميركية بشكل يومي بين ريفَي الحسكة ودير الزور بتغطية من الطيران الحربي، وأيضاً من خلال حركة نقل الآليات والمعدّات من شمال العراق باتجاه الأراضي السورية، وتحديداً باتجاه الريفَين المذكورين، في ظلّ معلومات عن نية الولايات المتحدة رفع عديد جنودها في المنطقة. ووفق المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار»، فإن «واشنطن، عبر أحد وسطائها المحليين، عمدت الى شراء أرض في بلدة تل براك في ريف الحسكة الشمالي الشرقي بغرض تحويلها إلى قاعدة جديدة لها». وأضافت المصادر إن «سماسرة محلّيين، يعملون لمصلحة الولايات المتحدة، يبحثون عن أراضٍ في بلدتَي الهول وتل حميس بهدف شرائها، وتحويلها إلى قواعد ونقاط انتشار أميركية جديدة».
ويبدو، من خلال المواقع الجغرافية التي تعتزم واشنطن بناء نقاط انتشار فيها، أنها تريد بالدرجة الأولى وضع يدها على ما يُعرف بـ«طريق البترول»، الذي يربط مناطق آبار النفط والغاز شمال الحسكة، بريفَي المحافظة الشرقي والجنوبي، وصولاً إلى ريف دير الزور. إذ إن حصول الولايات المتحدة على أراضٍ في تل براك وتل حميس والهول، وتثبيت نقاط لها فيها، من شأنه ربط تلك المناطق بسلسلة مع الشدادي وريفها، ومنهما باتجاه ريف دير الزور الشمالي الشرقي. وتصف مصادر ميدانية مطلعة ما تُخطّط له واشنطن بأنه «ليس سهلاً»، معتبرة أن «ما حصل في بلدتَي خربة عمو وبوير البوعاصي بريف القامشلي من مقاومة ومنع لعبور الدوريات الأميركية قد يفتح الباب لمزيد من المقاومة». وتنبّه المصادر إلى أن «اختيار الأميركيين لمناطق عربية قد يحرّك سكان تلك المناطق ضدّهم، ويُصعّب عليهم مهمة تأمين منابع النفط والغاز».
وبالتوازي مع التحركات المذكورة أعلاه، نقلت الولايات المتحدة، الأسبوع الفائت، معدّات لوجستية وجنوداً إلى حيّ غويران في مدينة الحسكة، وثَبّتت نقطة لها في فرع شرطة المرور السابق هناك، في ما يمثل أول وجود لها داخل المدينة. وتؤكد مصادر مطلعة، لـ«الأخبار»، أن «واشنطن تعتزم نقل مدرّعات وجنود إضافيين إلى النقطة المستحدثة في حيّ غويران، مع عملية توسيع وتطوير لها»، مبيّنةً أن «أهمية هذه النقطة تكمن في كونها تشرف على سجن الحسكة المركزي الذي يحوي ما لا يقلّ عن 5 آلاف سجين من مسلحي داعش»، مضيفة إن «واشنطن تريد من خلالها دعم نقاط الحماية الكردية، ومنع حصول أيّ خلل داخل المعتقل الأكبر لداعش في سوريا». وتعرب المصادر عن اعتقادها بأن «اختيار فرع المرور، المجهّز بسجن جماعي ومعتقلات فردية، مع إجراءات سلامة وحماية معدّة مسبقاً، قد يفسّر احتجاز واشنطن لمعتقلين مهمّين من مسلحي داعش داخل النقطة».
وتدور أنباء في أوساط تنسيقيات المسلحين عن أن «مسؤولين سعوديين وأميركيين أجروا مباحثات في محافظة الحسكة، بهدف تمويل السعودية لقوات عربية تدعمها واشنطن لمقاومة محاولات التمدّد الإيراني شمال شرق سوريا». ووفقاً لتلك المعلومات، فإن «الوفد السعودي وافق على تمويل تدريب ما يعرف بقوات الصناديد، وأيضاً قوات النخبة السورية التابعة لرئيس الائتلاف الأسبق أحمد الجربا»، فيما «ستتولّى شركة أمنية أميركية تدريب القوتين، على أن يتمّ تشجيع الشباب العرب على الانضمام إليهما في ما بعد». لكن مصدراً من قوات «الصناديد» ينفي، في حديث إلى «الأخبار»، الحديث المتقدّم، واصفاً إياه بأنه «غير دقيق بالمطلق، ويدعو إلى السخرية»، نافياً «حصول أيّ اجتماع مع وفود أميركية أو سعودية». وإذ يقول إن «قوات الصناديد، منذ تأسيسها، لم تتلقَّ أيّ دعم من السعودية ولا من غيرها»، فهو يشير إلى أن «مهمّتها كانت واضحة منذ تأسيسها، وهو حماية سكان الجزيرة السورية من الإرهاب المتمثل بداعش والنصرة». بدورها، تؤكد مصادر محلية من ريف دير الزور أن «قوات النخبة لم يعد لها أيّ وجود فاعل على الأرض، بعدما غادر معظم أفرادها إلى تركيا»، كاشفة أن «قيادة النخبة أعلنت فكّ ارتباطها بتيار الغد، وأبلغت بذلك سكان المنطقة».
وبالتوازي مع النشاط الأميركي المتنامي في الجزيرة السورية، زار كلّ من المبعوث الأميركي إلى سوريا جيمس جيفري، وعضو الحزب الجمهوري في الكونغرس الأميركي ورئيس لجنة التسليح فيه رالف أبراهام، بشكل منفصل، شمال شرق سوريا، حيث التقيا مسؤولين في «الإدارة الذاتية»، والقائد العام لـ«قسد» مظلوم عبدي. ونقلت مواقع كردية عن «مصدر دبلوماسي في التحالف» أن «الهدف من زيارة جيفري هو بحث جهود محاربة داعش، وتعزيز الأمن والاستقرار في شمال شرق سوريا». كما بحث جيفري مع القيادات الكردية «تأثير الأزمة الاقتصادية والعقوبات على سوريا على مناطق الإدارة الذاتية، وضرورة توحيد الصف الكردي» وفق ما أشارت إليه تلك المواقع، فيما أكد أبراهام، في مؤتمر صحافي عُقد في مقرّ «المجلس التنفيذي للإدارة الذاتية» في مدينة الرقة، «استمرار دعم التحالف الدولي لقسد، والتعاون معها في شتى المجالات». وجاءت هذه الزيارات الأميركية بعد أيام قليلة على إعلان «الإدارة الذاتية» قبول دمشق بالحوار، وقرب إطلاق جلسات مباشرة مع الحكومة السورية بوساطة روسية. ولذا، ترى مصادر متعددة في الخطوات الأميركية محاولة لـ«تقويض الجهود الروسية لإنجاز اتفاق بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية، ومنع حصول أيّ تفاهم بينهما».
قد يهمــك أيضــا:
أردوغان يهدد بعملية عسكرية في إدلب وروسيا ترد
انفجار عبوتين ناسفتين في البصيرة الخاضعة لسيطرة قوات سورية الديمقراطية
أرسل تعليقك