دمشق - سورية 24
بشكل مفاجئ, أعلن عضو مجلس الشعب المنتهية ولايته نبيل صالح سحب ترشيحه لعضوية الدورة القادمة من مجلس الشعب.
وكشف نبيل صالح انسحابه وسحب ترشيحه, بمنشور نشره على صفحته الشخصية, رصدته وكالة أوقات الشام الاخبارية جاء فيه:
دخلت مجلس الشعب لاعتقادي أنه حجر الأساس في بناء الجمهورية الجديدة، منطلقا من فلسفة التاريخ التي تقول أن الحروب تغير في بنية الدولة والمجتمع، إذ يصحو الناس من غفلتهم ليصححوا الأسباب التي أشعلت حربهم، وهكذا كان، حيث وافقت على مشاركتي في الإنتخابات ـ كمعارض لأخطاء السلطة والمعارضة ـ مع بضعة أسماء وطنية معروفة لم يكن المجلس من طموحاتها يوما، واعتبرنا دعوتنا من قبل القيادة القطرية لحزب البعث دلالة على إرادة التغيير، وقد تمحور برنامجي الإنتخابي وقتها حول تفعيل مجلس الشعب بعد طول ترهل، حيث بات المجلس يحمل أمراض مؤسسات القطاع العام نفسها؛ ورأيت بالتوافق مع هؤلاء النواب (مستقلين وبعثيين وقوميين) أن إصلاح المؤسسة التشريعية سيكون مقدمة لإصلاح باقي المؤسسات الوطنية، ثم تبينت بعد الشهر الأول من دورنا التشريعي سيطرة صقور اللجنة المركزية لحزب البعث على قرار كتلة الحزب وباقي أحزاب الجبهة داخل المجلس، فقررت فتح حوار مثمر معهم، وأجرينا لقاءات عديدة تمحورت حول خطة إصلاح تدريجي، إذ أنني مازلت أعول على بقايا الإرث العلماني الوطني عند البعثيين والقوميين والشيوعيين في مواجهة جماعة الإخونج الذين يعيدون إشعال حروبنا كل ربع قرن، وإقناعهم بضرورة إعادة إحياء برامجهم الإجتماعية التي تخلوا عنها لصالح برنامجهم السياسي.. غير أن أغلب جهدي ضاع بسبب صراع الرفاق داخل اللجنة حيث اعتبرني بعضهم صديقا والآخر خصما فوجهوا نوابهم ضدي تحت القبة حسبما اعترف لي بعض نوابهم في لحظات مصارحة واحترام ، وبدل أن نعمل سوية على إصلاح وتفعيل المجلس وجهوا جهدهم لمحاصرتي كما يفعل لاعبوا فريق الخصم مع لاعب الهجوم ، وتأكد ذلك بعد إقدام 60 نائبا بعثيا على مهاجمتي بتهمة معاداة البعث والإسلام وإطلاق التحالف السوري العلماني (المشبوه) دون تقديمهم أدلة إدانة، بل إن بعضهم اعتذر لي لاحقا وقال أنه هاجمني بتوجيه مسبق، غير أني لم أحبط ورأيت الجانب المشرق في الأمر، وهو أن كامل نواب أحزاب الجبهة ونصف البعثيين رفضوا المشاركة في رجمي وانسحبوا من الجلسة غير المسبوقة في تاريخ البرلمانات، إذ هدر زملائي الأعزاء ساعتين ونصف الساعة في تكرار التهمة إياها مع طلب رفع الحصانة ومحاكمتي، وأنا جالس بهدوء مع ابتسامة تناسب مسرحية كوميدية ، قبل أن أنشر ردي عليهم الذي أيده عدد كبير منكم في حينه وشكل حماية شعبية أحرجتهم في حينها
لم يؤثر ماتقدم على أدائي البرلماني، وحاولت جاهدا تحسين صورة المجلس في عيون الناس من خلال تصويب أخطائه وتفيعل دوره الرقابي، مؤيدًا بالعديد من النواب المتنورين (فهرس غوغل موجود لمن يريد التأكد)، واستمر بعض الرفاق بمهمة محاصرتي أثناء مداخلاتي تحت القبة باعتباري خصما رغم علاقتنا الجيدة خارج المجلس، وقد كنت متأكدا من أني لن أكرر ترشيحي للمجلس طالما أن المحافظين في الحزب يعيدون إنتاج سياساتهم القديمة بما فيه إدارة مجلس الشعب كما لو أن الحرب لم تمر من هنا، وهم بذلك مازالوا يعرقلون حركة الإصلاح السياسي والأمن الإجتماعي والإقتصادي والتقدم الإداري ويخربون على الرئيس والأمين والقائد العام ويؤخرون استحقاقات صمودنا، في الوقت الذي يكيلون فيه المديح المضخم لسيادته حتى ليصدق فيهم قول الإمام علي لأحد مادحيه المنافقين : ياهذا، نحن أقل مما قلت وأكبر مما في نفسك..
في شهر آذار الماضي، وقبل إغلاق باب الترشح للدور التشريعي القادم، جاءت إشارة مبشرة اعتقدت أنها بداية لحركة تصحيح داخل الحزب، عندما صدر قرار إلغاء نتائج الانتخابات على مستوى الفروع والشعب الحزبية، في دمشق وحمص واللاذقية، فقدمت ترشيحي في الساعة الأخيرة على إغلاق باب الترشح، بدعم وتأييد عدد كبير من النواب البعثيين الذين كانوا يحاصرونني في المجلس، وهذه إحدى المفارقات العجيبة في حياتي، وكنت سأدخل في الإنتخابات لولا فضائح الإستئناس الحزبي في المحافظات ومن ثم صدور قوائم الوحدة، حيث تأكدت أن شيئا لن يتغير في سياسة الصقور تجاه المجلس الذي سيعيد بدوره إنتاج نفسه كما لو أنه حلقة حزبية.. حينها قدمت اعتذاري للجنة الإنتخابات وقررت أن أكمل مشروعي التنويري الذي بدأته قبل ثمانية عشر عاما بالتعاون مع عدد كبير النخب السورية، وأن أعود إلى عملي ككاتب ومؤلف وصحفي ، اذ لطالما آمنت بقوة الفكرة والكلمة لصنع فرق، ففي البدء كانت الكلمة، وكل انسان هو فكرة تعبر عن نفسها بما تمتلك من ادوات..
أخيرا، ورغم ضعف أداء مجلس الشعب وخيبة أمل الكثيرين فيه، فإن هذا المجلس يشتمل على نواب فاعلين من المستقلين وشتى التيارات الحزبية، ولكن عملهم مضيع بسبب فردانيتهم والتعتيم الإعلامي على نشاطهم، وليس من الحكمة عدم المشاركة في الإنتخابات البرلمانية لاختيار من تعرفون فضله وتاريخه الوطني ، فإحجامكم يساهم في تمدد المتسلطين على حياتكم..
أرى أن أمامنا عامان سيئان وبعدهما سننهض من رمادنا كطائر الفينيق ، لنأخذ مكاننا بين الأمم المتقدمة .. إنه الشوط الأخير فتصبروا ولاتتراجعوا لأن العمر ليس فيه إعادة، فاستثمروه بأفضل مايمكنكم .. سورية المبتدى وسدرة المنتهى.
قد يهمــــك أيضــــا :
بعثيون في البرلمان السوري يشنّون هجومًا على زميلهم نبيل صالح
أرسل تعليقك