انتقد أحد أبرز السياسيين في الحزب الجمهوري وزعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، سياسة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، في التعامل مع ما يجري في سوريا وقراره بسحب القوات الأميركية من هناك.
وقال السياسي المخضرم ماكونيل، في مقال بصحيفة واشنطن بوست، إن قرار زميله الجمهوري ترامب بسحب القوات الأمريكية من سوريا، الذي ترافق مع هجوم تركي على شمال البلاد "كابوس استراتيجي".
وكان ترامب قد وصف الوضع على الحدود التركية السورية، يوم الأربعاء، بأنه "رائع من الناحية الاستراتيجية" بالنسبة للولايات المتحدة.
واستمر القتال المتقطع في شمالي سوريا على الرغم من إعلان وقف إطلاق النار بوساطة أمريكية.
وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وافقت تركيا على وقف عمليتها العسكرية لمدة خمسة أيام (120 ساعة)، بينما يترك المقاتلون الأكراد المنطقة (الحدودية مع تركيا).
وقد بدأت القوات العسكرية التركية هجومها داخل الأراضي السورية بعد سحب ترامب جميع القوات الأميركية من المنطقة الحدودية.
ويهدف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى دفع المقاتلين الأكراد، الذين يعتبرهم إرهابيين، بعيدا عن حدود تركيا وإنشاء "منطقة آمنة" داخل الأراضي السورية وصفها بأنها من أجل إعادة توطين حوالي مليوني لاجئ سوري في تركيا حاليا.
وأفادت تقارير بفرار ما بين 160 ألفا و300 ألف مدني سوري من منازلهم منذ بدء الهجوم التركي، وثمة مخاوف من أن تؤدي العملية التركية إلى تطهير عرقي للسكان الأكراد المحليين.
وهناك قلق متزايد من احتمال ارتكاب القوات التركية وميليشيات مسلحة موالية لها جرائم حرب منذ بدء الهجوم في 9 أكتوبر/تشرين أول.
وتتحدث تقارير غير مؤكدة عن استخدام القوات التركية الفسفور الأبيض، وهو سلاح كيميائي محرم دوليا، في قصف سوريا.
ماذا قال ميتش ماكونيل؟
كتب ماكونيل مقال رأي في صحيفة الواشنطن بوست، بصفته زعيما للأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، وصف فيه انسحاب القوات الأمريكية من سوريا بأنه "خطأً استراتيجي خطير".
وقال :"تزامن انسحاب الولايات المتحدة مع تصاعد الأعمال العدائية التركية-الكردية يخلق كابوسا استراتيجيا لبلدنا". حتى لو كان وقف إطلاق النار قائما، فإن الهجوم التركي والانسحاب الأمريكي "يحد من قدرة" واشنطن في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
وأوضح ماكونيل أن "الانسحاب" الأمريكي سوف يسمح بنمو النفوذ الروسي والإيراني في المنطقة.
ويقترح السيناتور عن ولاية كنتاكي استخدام "العصي والجزر على حد سواء لإعادة تركيا إلى حدودها مع احترام مخاوفها الأمنية المشروعة"، وكذلك الحفاظ على "وجود عسكري محدود" في سوريا والعمل بشكل وثيق مع حلفاء في الشرق الأوسط "تهددهم هذه الفوضى".
لم يذكر ماكونيل اسم دونالد ترامب صراحة في المقال.
وكان ترامب قد قال للصحفيين يوم الأربعاء، إن الوضع في المنطقة (شمال سوريا) "رائع من الناحية الاستراتيجية" بالنسبة للولايات المتحدة.
وأضاف ترامب "لديهم مشكلة عند الحدود (السورية التركية). ليست حدودنا. يجب ألا نفقد الأرواح هناك".
ويعد ماكونيل أحدث سياسي جمهوري ينتقد ترامب بسبب سياسته في سوريا. وكان السيناتور ليندسي غراهام، وهو عادة حليف قوي لترامب، قد عارض علنا قرار الإدارة الأمريكية سحب القوات من سوريا.
وقال غراهام يوم الخميس، بعد اتصاله بقيادات كردية "المنطقة العازلة مقبولة لدى الأكراد لكن الاحتلال العسكري الذي يقوم بتهجير مئات الآلاف ليس منطقة آمنة". "إنه تطهير عرقي".
ما هو الوضع على الأرض في سوريا؟
قال مصطفى بالي، المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، صباح يوم الجمعة، بأن تركيا تخرق وقف إطلاق النار بالقرب من بلدة رأس العين الحدودية.
وغرد على موقع تويتر"رغم الاتفاق على وقف القتال، تواصل (تركيا) الهجمات الجوية والمدفعية التي تستهدف مواقع المقاتلين والمناطق المدنية ومستشفى".
وإذ نفى الرئيس التركي تقارير عن استمرار الاشتباكات يوم الجمعة، ووصفها بأنها "معلومات مغلوطة"، أكدت وسائل إعلام دولية تسجيل انفجارات في مدينة رأس العين خلال صباح الجمعة.
وأعلن الأكراد موافقتهم على وقف إطلاق النار في المنطقة الواقعة بين رأس العين وتل أبيض، حيث كانت المعارك ضارية، لكنهم أكدوا عدم مناقشة وقف إطلاق النار في مناطق أخرى.
وجاءت موافقة تركيا على وقف عملياتها العسكرية في سوريا بعد محادثات في أنقرة بين أردوغان ومايك بينس، نائب الرئيس الأمريكي، يوم الخميس.
وبموجب الاتفاق فسوف يتوقف القتال خمسة أيام، مقابل أن تعمل الولايات المتحدة على تسهيل انسحاب القوات التي يقودها الأكراد من "المنطقة الآمنة" على طول الحدود التركية السورية.
وقال أردوغان يوم الجمعة، إن المقاتلين الأكراد السوريين بدأوا في الانسحاب لكن القوات التركية ستبقى في شمال شرقي سوريا للتأكد من "أنهم غادروا فعلا".
كما أخبر الرئيس التركي المراسلين أن قواته سوف تستأنف هجومها "بعد دقيقة واحدة من انقضاء المهلة المقررة 120 ساعة"، وذلك إذا لم يغادر المقاتلون الأكراد المنطقة في الوقت المحدد.
هل ارتكبت تركيا جرائم حرب؟
قُتل ما يقرب من 500 شخص منذ بدء الهجوم، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو مجموعة مراقبة مقرها بريطانيا.
وقال المرصد إن من بين القتلى 224 مقاتلا من قوات سوريا الديمقراطية و183 من المسلحين المدعومين من تركيا، بالإضافة إلى 72 مدنيا. وتشير تقارير إلى مقتل ما لا يقل عن 20 مدنيا تركيا.
كما زعمت تقارير صحفية استخدام القوات التركية الفسفور الأبيض في قصف سوريا. ويعاني الأشخاص الذين يتعرضون لهذه المادة الكيميائية من حروق شديدة، لأن رطوبة الجسم تساعد على احتراق الفسفور الأبيض بقوة أكبر، ويضر الدخان الكثيف الذي ينبعث منها بالرئتين.
أصرت تركيا على أنها لا تملك هذا السلاح في ترسانتها الحربية، لكن بعض القوات الكردية اتهمت الميليشيات المسلحة المدعومة من تركيا باستخدام الفسفور الأبيض.
وقال متحدث باسم منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) يوم الجمعة، إن المنظمة "لم تحدد بعد مصداقية هذه التقارير"، لكنها على دراية بالموقف وتجمع المعلومات.
بينما تقول منظمة العفو الدولية إنها جمعت "أدلة دامغة على ارتكاب القوات التركية والميليشيات المسلحة التي تدعمها جرائم حرب وانتهاكات أخرى في سوريا".
ووجهت العفو الدولية اتهامات لتركيا بتنفيذ عمليات إعدام بدون محاكمة ومهاجمة المدنيين بشكل عشوائي.
وذكرت المنظمة أن هفرين خلف، سياسية كردية قُتلت في 12 أكتوبر/تشرين أول، تم إعدامها بالرصاص على أيدي مقاتلين سوريين مدعومين من تركيا، بعد جرها من سيارتها بالقوة.
كما أدت الهجمات الجوية التركية والقصف المدفعي إلى قتل أطفال ومدنيين، بحسب العفو الدولية.
ونفى المقاتلون المدعومون من تركيا المسؤولية عن مقتل السياسية الكردية هفرين خلف. ويصر أردوغان على أن عمليته تهدف إلى إحلال السلام في المنطقة وينبغي الترحيب بها دوليا.
وقد يهمك أيضا:
قوَّات سورية الديمقراطية تستعيد مدينة رأس العين بشكل شبه كامل
أرسل تعليقك