موسكو- سورية 24
كانت قرية باليك الروسية الصغيرة الخلابة تتمتع في الماضي القريب بشهرة واسعة في إنتاج التحف والأيقونات الدينية، وفي يوم من الأيام قامت ثورة وحظر أتباعها مثل هذا الفن، عوضاً عن ذلك، اتجه مئات الفنانين في نهاية المطاف إلى تزيين العلب والصناديق برسوماتهم، تضمنت بعضها مشاهد من القصص الخيالية والرومانسية، وكذلك الحياة الريفية الروسية، حسب ما ذكرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.
كانت تلك المنمنمات الدقيقة سبباً في عودة الشهرة لتلك القرية من جديد، خصوصاً بعد أن هبط إليها هواة جمع العملات الأجنبية، وأنفقوا عشرات الآلاف من الدولارات في شراء أعمال فريدة تعكس جمال الفن الروسي.
دارت عجلة التاريخ، مرة أخرى، عقب انهيار الاتحاد السوفياتي، وأحيت نهضة الكنيسة الأرثوذكسية الروسية لوحة فريدة تعكس فناً مصغراً على وشك الانقراض، وحسب فغيني سيفياكوف (71 عاماً)، وهو منمنم باهر، فإن «هذا الفن سيضيع»، واشتكى قائلاً: «نحن نعيش فترة مخيفة الآن».
أضاف سيفياكوف أن الجيل الشاب من الفنانين يظهر القليل من الاهتمام: «فالكل يتحدث عن التجارة - ما الهدف من تطوير المنمنمات على علب الورنيش إذا كان الكثير من المال يذهب لشراء التماثيل واللوحات الجدارية؟».
تملأ التماثيل والمنمنمات العتيقة الرائعة «متحف باليك للفنون»، فيما جرى تزيين الصناديق بشخصيات مستوحاة من القصص الخيالية الروسية - الأمراء والأميرات والطيور الأسطورية و«بابا ياجا» والساحرة - لتحل محل العذراء مريم والقديسين. وكانت الفصول الأربعة موضوعاً مفضلاً للوحات، وإن كان أبرزها مشاهد الزلاجات التي تجرها ثلاثة خيول عبر الوديان المغطاة بالثلوج.
تتميز العلب المصنوعة من الورق المقوى المظللة بالطين من نهر تيزا بالعديد من التفاصيل الدقيقة. ولطلاء الوجوه، استخدم الفنانون عادة فرشاة مصنوعة من شعر ذيل السنجاب.
أعطى طلاء «تمبرا» - سريع الجفاف والمصنوع من صفار البيض - درجات العلب توهجاً ظاهراً. كذلك أعطى التقليد الذي اتبعته قرية بيليك المتمثل في طلاء رسومات الأشخاص والحيوانات، وفي بعض الأحيان كل ورقة شجر بلون ذهبي، لتجعلها تبرز من الخلفية السوداء الداكنة.
على سبيل المثال، يصور الفنان محصول القمح على جدار العلبة، فيما تتأرجح السنابل مع حركة الريح، وترقص ثلاث فلاحات في الحقل كراقصات الباليه. في الحقيقة، فإن المزيج المبهر من الألوان والمشاهد على بعض القطع الكبيرة جعل اللوحات مبهجة.
ورغم طغيان قصص ألكساندر بوشكين والحكايات الشعبية التقليدية، فإن بعض الصناديق عكست روح العصر، حيث صورت لوحات لينين يفتح الطريق أمام ستالين، ثم مشاهد موسكو في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي ومشاهد استكمال محطات المترو وأبراج ستالين. كذلك صورت رسومات الصناديق في التسعينيات رجال عصابات في بدلات رياضية.
قبل ظهور المنمنمات كانت هناك لوحات أيقونية أنتجتها قرية باليك، تعود للقرن السادس عشر. وكانت المنطقة التي تبعد نحو 220 ميلاً إلى الشرق من موسكو، بمثابة مركز تجاري مهم اجتذب مجموعة من المتدينين القدامى الذين اعتنقوا الأرثوذكسية الروسية، وقاموا بعمل العديد من الأيقونات الدينية كانت نواة لقيام صناعة محلية ترسخت جذورها في قريتي كولوي ومستيرا المجاورتين أيضاً.
قد يهمك أيضًا:
كتّاب مصر يؤكدون أن القراءة لا يجب أن ترتبط بموسم معين سواء أكان حارًا أم باردًا
أيرينا كمبرلاند فنانة لديها شغف كبير بالمياه تُكرس موهبتها لرسم البحار والمياه
أرسل تعليقك