لوحة تصوّر مشهدًا من الحياة في نهار خان الخليلي تُعرض للبيع في لندن
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

صغيرة الحجم وتكشف الألفة والصحبة بين أصحاب المحال والعاملين

لوحة تصوّر مشهدًا من الحياة في نهار خان الخليلي تُعرض للبيع في لندن

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - لوحة تصوّر مشهدًا من الحياة في نهار خان الخليلي تُعرض للبيع في لندن

نهار خان الخليلي
لندن - سورية 24

لطالما سحرت مباني القاهرة التاريخية أعين الفنانين، وخاصة أولئك القادمين من أوروبا وأميركا في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، سجلوا بدقة متناهية كل تفاصيل المباني والأزقة والناس، بالنسبة لهم وهم القادمون من عالم مختلف، كانت الألوان وضوء الشمس تمثل اكتشافًا حقيقيًا جعلهم يرسمون كل ما وقعت عليه عيونهم. 

البعض منهم جنح لاستخدام الخيال لإضافة التفاصيل المثيرة، وخاصة حول حياة النساء المختبئات في البيوت، لكنهم أيضًا حرصوا على إعداد كتالوج متحرك لحياة شرقية وثرية ومختلفة.

من أشهر الفنانين الذين عاشوا في الشرق لسنوات طويلة ونقلو الكثير من مشاهده كان الإنجليزي جون فريدريك لويس الذي عاش في القاهرة نحو عشرة أعوام (1840 - 1851) وانغمس بالكامل في الحياة هناك، وكان يتجول في الشوارع والأسواق مرتديًا الملابس الشرقية، ومتحدثًا بالعربية، حاملًا معه أوراقًا وأقلامًا يرسم عليها كل ما يشده من مشاهد، ثم يحول تلك الاسكتشات للوحات زيتية في الاستوديو الخاص به.

ومن لوحاته التي صور فيها سوق خان الخليلي بالقاهرة تقدم "دار كريستيز" إحداها في مزادها للفن الاستشراقي في 18 يونيو (حزيران) المقبل بلندن. رسم لويس لوحته "بازار خان الخليلي" (سعر تقديري بين 3 و5 ملايين جنيه إسترليني) في عام 1872 في الاستوديو الخاص به في إنجلترا لتتخذ مكانها ضمن أجمل اللوحات التي نفذها الفنان معتمدًا على اسكتشات رسمها أثناء إقامته في القاهرة.

أتيحت لي الفرصة لرؤية اللوحة عن قرب برفقة الخبير الفني في "دار كريستيز" أرنه إيفرواين، ودارت بيننا محادثة حول اللوحة وتفاصيلها وأهميتها في الفن الاستشراقي.

مبدئيًا، اللوحة تتميز بحجمها الضخم، وأيضًا بالمنظور العميق الذي اعتمده لويس لرسم المحال على جانبي الخان. اللوحة تجذب البصر على الفور، نحن أمام مشهد حي في وسط الخان، المحال على الجانبين تحمل بضاعتها من الملابس والأقمشة معلقة على الأبواب، لكن البضاعة لا تهمنا هنا أكثر من كونها خلفية ملونة لمشهد جميل من الألفة والصحبة بين أصحاب المحال والعاملين فيها.

 هنا في وسط الممر بين المحال يجلس عدد من الأفراد متقابلين، بعضهم جلس على الحصير الملقى على الأرض والبعض الآخر يجلس على كراسي خشبية مرتفعة. على الأرض توجد صوانٍ ملونة عليها أكواب الشاي الزجاجية المنقوشة وأرجيلة يستقر خرطومها في يد شخص ضاحك. على الجانب طبق من الفاكهة التي تبدو وكأنها قطعت في التو. 

ويقف شخص على عتبة عالية أمام أحد المحال على اليمين مرتديًا ثوبًا من اللون الأحمر وغطاء رأس أبيض يستقر فوق كوفية حمراء وينسدل على ثوبه، الشخص يبدو كمن يتفحص المشهد من أعلى، لكنه أيضًا طرف في تلك المحادثة التي شغلت الأفراد الجالسين أمامه.

أقول للخبير "المشهد هنا يمتلئ بالحياة، تستطيع تخيل المحادثة الضاحكة بين الجالسين والواقفين أمام المحال وبعض الناظرين من النوافذ على الجنبين، تبدو محادثة حماسية ونكاد نسمع الضحكات ترن في الخان تغلب عليها الأصوات المرتفعة بالتعليقات من هنا وهناك". يقول الخبير ايفرواين، إن لويس كان حريصًا على تصوير كل التفاصيل".

 وأشار إلى معلومة طريفة قائلًا "أترين الشخص الجالس على اليسار الذي يبدو غافيًا خلف المقعد الخشبي؟ رسم لويس عمامته اعتمادًا على وشاح ملون كان مِلكًا لزوجته". 

يضيف، أن لويس أضاف الكثير من التفاصيل للوحاته من خارج المفردات الشرقية، لكنه حولها إلى جزء مهم من ذلك المشهد، يقول إن الوشاح الأحمر المنقوش ظهر أيضًا في لوحات أخرى للويس، ويضيف "ليس فقط الوشاح، بل استخدم لويس قطعة أخرى من ملابس زوجته في هذه اللوحة، متمثلة في السترة الزرقاء المجملة بالفرو على يسار اللوحة، إذا نظرنا جيدًا فقد نتساءل عن سبب وجود سترة غربية التفصيل في البازار الشرقي بالقاهرة".

حسب التقرير الفني المصاحب للوحة، نعرف أن البازار يقع في سوق الغورية الذي تميز ببيع الأقمشة وهو امتداد من ناحية الجنوب لخان الخليلي. ويتميز المنظر أيضًا عن لوحات لويس الأخرى التي صور فيها أسواقًا شعبية في القاهرة، بأنه قدم لوحة ضخمة تصور البازار بعمقه حتى البوابة الحجرية، وأيضًا السقف الخشبي الذي تتخلله النوافذ التي تلقي بضوء النهار على الجدران. لم يعتمد لويس على الرسم الدقيق جدًا لكل تفصيل، خصوصًا فيما يتعلق بالنقوش على الجدران أو في الملابس، بل مرت فرشاته بنعومة عليها مغلفة المشهد كله بغلالة من الضوء والألوان تندمج كلها لتوفر خلفية للمشهد البديع لتلك الصحبة المرحة بين التجار.

اللوحة التي يمكن اعتبارها بمثابة مذكرات فنية بصرية للقاهرة تعكس شغف لويس بالمدينة، وتم عرضها في لندن للمرة الأولى في عام 1874 في الأكاديمية الملكية للفنون.
قد يهمــك أيضـأ:

 سوق "خان الخليلي" يجذب زوَّار صيف بريدة بالفنون الاستعراضية

اللوحات تتجول بين واحة سيوة ومحمية وادي الجِمال والإسكندرية

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لوحة تصوّر مشهدًا من الحياة في نهار خان الخليلي تُعرض للبيع في لندن لوحة تصوّر مشهدًا من الحياة في نهار خان الخليلي تُعرض للبيع في لندن



GMT 09:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 12:34 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 12:55 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

التحالف" يبلغ "قسد" ببقائهم في دير الزور حتى القضاء على داعش"

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الذهب في سورية اليوم الثلاثاء 6 تشرين الأول / أكتوبر 2020

GMT 20:38 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إفلاس 5 شركات في ظل الأزمة الاقتصادية التركية

GMT 08:15 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

لوحات تحكي بلسان الأطفال في معرض لون وحب لسناء قولي

GMT 00:33 2019 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 5.7 درجة يضرب خليج ألاسكا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 12:35 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزيرة التخطيط تُنظم مائدة مستديرة لدراسة موقف الفقر في مصر

GMT 16:04 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

10 وزراء يشاركون فى افتتاح المؤتمر الـ 15 للثروة المعدنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24