جلجامش ملحمة أسطورية تحمل بداخلها أخلاقيات عظمى
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

تُعد أقدم قصة مكتوبة ووُجدت في مدينة نينوى العراقية

"جلجامش" ملحمة أسطورية تحمل بداخلها أخلاقيات عظمى

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - "جلجامش" ملحمة أسطورية تحمل بداخلها أخلاقيات عظمى

ملحمة جلجامش
بغداد - سورية 24

جلجامش تلك الملحمة العظيمة التي ناقشت قضية الخلود، ذاك الخلود الذي ما يزال بعض البشر إلى يومنا هذا يبحث عنه ويسعى إليه، هي ملحمة عبقرية سومرية وُجدت في مدينة نينوى في العراق، وتُعد أقدم قصة مكتوبة.اكتُشفت بالصدفة في موقع أثري عام 1853 ميلادي، وبعد البحث؛ تبين أن هذا الموقع هو المكتبة الشخصية للملك الآشوري آشوربانيبال. كُتبت ملحمة جلجامش بخط مسماري، وهي مكونة من 11 لوحاً طينياً مكتوبة باللغة الأكادية، وفي نهايتها توقيع لشخص يُدعى شين ئيقي ئونيني، حيث يُعتقد أنه كاتب هذه الملحمة. يُحتفظ بهذه الألواح الطينية في المتحف البريطاني.

تُعتبر ملحمة جلجامش من أهم الأعمال الإبداعية الأسطورية الشعرية الخاصة ببلاد الرافدين، كُتبت في العهد السومري بين عامي 2750 – 2350 قبل الميلاد، وتتحدث الملحمة عن الملك الذي كان يعيش في أوروك، وهي مدينة تقع في وادي الرافدين على ضفة نهر الفرات الشرقية، هناك العديد من الحكايات البطولية والأسطورية التي تتحدث عن شخصيته وأعماله الخارقة، وبحثه الدائم عن سر الحياة الذي يتعلق بالخلود، فتبقى ملحمة جلجامش أسطورة خالدة تتحدث عن موضوع مهم وأساسي وهو الموت وحتميته، حتى بالنسبة للبطل نفسه، الكائن الهجين البطل، فثلثاه آلهة خالدة وثلثه الآخر بشري.

في بداية الملحمة يوصف بطلنا على أنه من الملوك الفاسدين، فكان شعبه يعاني بسبب تصرفاته في الحكم، ولم يكن يجرؤ أحد في الوقف في وجه. فعند لجوء الشعب للآلهة لتخليصهم منه، أوجدت له عدواً يساويه بالقوة وهو أنكيدو، تتطور الأحداث في الملحمة ويصبح جلجامش وأنكيدو صديقين مقربين.رافق أنكيدو بطلنا أثناء تدميره الأسوار الحصينة، وصراعه مع الثور الثائِر السماوي، وقتاله مع الجنّي خمبايا الذي قام باعتراض طريقه بغابة الأرز، فتدل كل هذه الأعمال على هدم الإنسان حواجز التواصل مع بقية البشر، وصراع الخير مع الشر.

كُتبت العديد من الدراسات عن هذه ملحمة جلجامش الخالدة، وتوجد العديد من المعالجات الإبداعية المتعلقة بها، ويعود سبب كل هذا الاهتمام في الملحمة بسبب خيالها، وحديثها عن حياة الإنسان، ومشكلته مع الحياة الأبدية، وسؤاله الدائم عن غاية الحياة والموت بعد العيش بدروب وساحات الحياة، تتحدث الملحمة عن هذه الأسئلة التي لا جواب محدد حولها، فالأدب يعالج ما عجز العلم عن شرحه ويتحدث عن الأزمات النفسية التي تواجه الإنسان، ويضيء آماله ويداوي آلامه، هذا هو سبب الاهتمام بهذه الملحمة التي تأخذنا بعيداً عن الواقع المؤلم المأساوي، إلى عالم مليء بالحق والمثالية والجمال والخير.

في هذه الملحمة مُزج الواقع بالخيال، والحقيقة بالأسطورة، حيث كان واقع الملحمة ممزوج بالحكمة وخيالها يتصف بالرمزية، هي ملحمة واقعية لأنها تتحدث عن حياة الإنسان وموته، فحزن جلجامش على موت صديقه انكيدو هو شعور يشعر به كل شخص عند فقدان عزيز عليه، هناك اعتقاد أن النسخة الأكادية للملحمة كانت مستندة على النسخة السومرية وبعد اكتشاف الألواح بسنوات عُثر على لوح آخر، حيث اعتبره البعض أنه تكملة للملحمة، وهناك آراء أخرى تعتقد أنه قصة أخرى لأن القصة مكتوبة بأسلوب آخر حيث أن انكيدو لا يزال على قيد الحياة، تُرجمت الملحمة للغة الإنجليزية لأول مرة عام 1870 من قبل عالم الآثار الآشورية جورج سميث.

تنتهي ملحمة جلجامش بقبولِ واقعِ عدم إمكانيته الحصول على الخلود ورؤيته للعالم الذي من حوله بمنظورٍ جديدٍ يدرك جمال مدينة أوروك وجدرانها المتينة، وعاد بعد مغامرته الملحمية رجلًا حكيمًا فهم أهمية الإنجاز في الحياة قبل الموت لأن الموت لا مفرّ منه.عندما يعود جلجامش من رحلته يدرك أيضًا أنه من قدره أن يحكم بحكمةٍ كملكٍ ولكن ليس لتحقيق الخلود، فبدلًا من محاولة تحقيق الخلود والأبدية، يحول جلجامش جهوده إلى الحكم كملكٍ حكيمٍ وعادلٍ، فقد أصبح مدركًا كل الإدراك أن مصيره هو أن يكون عظيمًا على الأرض وليس في حياة الخلود ويُقدِر ما يمكن أن يفعله كملكٍ بشريٍّ

قد يهمك أيضا:

العبادي يعلن تحرير مدينة نينوى بالكامل ويبارك تحقيق "النصر الكبير"
كرنفال مذهل في مدينة نينوى يحلق بطائر الفينيق إلى أعالي السماء

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جلجامش ملحمة أسطورية تحمل بداخلها أخلاقيات عظمى جلجامش ملحمة أسطورية تحمل بداخلها أخلاقيات عظمى



GMT 09:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 12:34 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 12:55 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

التحالف" يبلغ "قسد" ببقائهم في دير الزور حتى القضاء على داعش"

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الذهب في سورية اليوم الثلاثاء 6 تشرين الأول / أكتوبر 2020

GMT 20:38 2019 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إفلاس 5 شركات في ظل الأزمة الاقتصادية التركية

GMT 08:15 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

لوحات تحكي بلسان الأطفال في معرض لون وحب لسناء قولي

GMT 00:33 2019 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 5.7 درجة يضرب خليج ألاسكا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24