دبي ـ جمال أبوسمرا
اختتمت أمس في دبي فعاليات الأمانة العامة لجامعة الدول العربية التي استضافتها دولة الإمارات على مدار ثلاثة أيام، وتم تنظيمها بالتعاون بين الأمانة العامة و«نادي دبي للصحافة» و«مؤسسة وطني الإمارات»، وشهد اليوم الأخير عقد الاجتماع 22 لفريق الخبراء الدائم المعني بمتابعة دور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وترأسه الوزير المفوض د. فوزي الغويل، مدير الأمانة الفنية لمجلس وزراء الإعلام العرب بجامعة الدول العربية، حيث جرى مناقشة واعتماد التوصيات المرفوعة من خلال أوراق العمل المُقدمة من الوفود المشاركة خلال اليومين الأول والثاني للاجتماعات، وتمت المطالبة بتعميم تجربة دولة الإمارات في استخدام القوة الناعمة في مكافحة الإرهاب على الدول الأعضاء.
وتضمنت التوصيات الصادرة عن ورشة عمل «دور الإعلام في الترويج للخطاب الديني الوسطي ومكافحة الإرهاب»، التركيز على الخطابين الديني والإعلامي وجعلهما أدوات للتفكير وتهذيب السلوك في العمل والمعاملة بين أفراد المجتمع، وقبول الآخر، ودعوة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) لمخاطبة وزارات التربية والتعليم والجهات المعنية ذات الاختصاص في الدول الأعضاء لمراجعة محتوى وتأثير المناهج الدراسية بما يضمن ترسيخ قيم التسامح ونبذ كل ما يدعو للأفكار المتطرفة لدى الطلاب في المراحل الدراسية كافة، وحثّ وسائل الإعلام العربية على تعزيز الاهتمام الإعلامي ببرامج المناصحة العربية، وكذلك دعوة الدول الأعضاء إلى وضع برامج لإعادة التأهيل، وإتاحة الفرصة أمام التائبين للعودة إلى الاندماج في المجتمع في إطار من الشراكة بين مؤسسات الدولة وقطاعات المجتمع، والاهتمام بتدريب وتأهيل الأئمة والدُعاة.
الأمن القومي الإعلامي
كما شملت التوصيات التأكيد على ضرورة التزام القنوات الفضائية العربية باختيار الشخصيات الدينية التي تعزز المفهوم الصحيح الذي يحصّن المشاهد ضد مخاطر الإرهاب والتصدي لفوضى الفتاوى المتضاربة التي تدعو للتطرف، وتكليف الدول الأعضاء لمراكز البحوث والدراسات المعنية بالإعلام لموافاة الأمانة العامة برؤاها حول استحداث مفهوم «الأمن القومي الإعلامي العربي»، ومدى إمكانية تجسيده والنظر في عدم تعارضه مع حرية الرأي والتعبير، وتنظيم حلقة نقاشية بحثية لمناقشة هذا الموضوع.
وتضمنت التوصيات كذلك، دعوة المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة في الدول الأعضاء لتوظيف الإعلام الجديد وأدواته في نشر الوعي بين شرائح المجتمع لاسيما الشباب بمخاطر التعامل مع المواقع التي تشجع على الإرهاب وتمويله والانخراط في صفوفه، وتكثيف جهود الدول لإزالة أرشيف الجماعات المتطرفة من الفضاء الإلكتروني، وغلق المنصات التي تروّج للخطاب التحريضي، ودعوة الدول الأعضاء إلى الاستفادة من المراصد والمواقع الإلكترونية العربية الرسمية واعتمادها مركزاً موحداً للمعلومات الصحيحة عن التطرف والإرهاب، والاستعانة بأدوات مساندة للإعلام كمنابر المساجد والمؤسسات الثقافية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات غير الحكومية، بهدف تقديم توعية مجتمعية ومواجهة الفكر بالفكر، ودعوة مؤسسات الإعلام العربية المرئية والمسموعة إلى الامتناع عن عرض أو وصف الجرائم الإرهابية، بكل أشكالها وصورها، بطريقة تنطوي على إضفاء البطولة على مرتكبيها أو تبرير دوافعهم.
التربية الإعلامية
وحول دور الإعلام العربي في التصدي لظاهرة الإرهاب خرجت توصيات اليوم الثاني بتعميم الأمانة العامة للجامعة لورقة العمل المتضمنة تجربة دولة الإمارات في مجال استخدام القوة الناعمة في مكافحة الإرهاب، وذلك بهدف الاستفادة والاسترشاد بها، وكذلك دعوة الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية لوضع سياسات وخطط إعلامية مبنية على دراسات وأبحاث علمية تلتزم بها وسائل الإعلام الرسمية والخاصة، وإعداد برامج إعلامية شاملة للتوعية بمخاطر الفكر المتطرف تستهدف شرائح المجتمعات العربية المختلفة.
وحثت التوصيات الدول الأعضاء للعمل على مواجهة جوانب الضعف التي تستغلها الجماعات والتنظيمات الإرهابية، وتعزيز أداء الإعلام العربي مهنياً وفق مستويات: المواكبة المجتمعية، وتنظيم الممارسة الإعلامية، والتربية الإعلامية، باعتماد وترسيخ التربية الإعلامية والتواصلية كاستراتيجية استباقية بشكل موازٍ للمقاربات القانونية والأمنية للحكومات العربية في مكافحتها لخطر الإرهاب، وحثت التوصيات وسائل الإعلام الرسمية والخاصة في الدول الأعضاء لتكريس وتشجيع مفهوم المواطنة لدى المواطن العربي وغرس قيم ومبادئ حب الوطن والولاء له من خلال العمل على تحقيق تنشئة تربوية واجتماعية وثقافية صحيحة.
مواصلة النقاش البنّاء
ودعت التوصيات لتنظيم حلقة نقاشية بحثية حول المصطلحات المتعلقة بقضايا التربية الإعلامية والإعلام التربوي والأمن الإعلامي والإعلام الأمني والتطرف والإرهاب، لعرضها ضمن جدول أعمال الاجتماع القادم لفريق الخبراء الدائم المعني بمتابعة دور الإعلام العربي في التصدي لظاهرة الإرهاب، وكذلك دعوة الأمانة العامة لتفعيل التواصل مع المنظمات العربية والإسلامية بهدف تعبئة جهودها وتوظيف برامجها لخدمة الأهداف التي طرحت في أوراق العمل التي قدمت في أعمال ورشة العمل حول دور الإعلام في الترويج للخطاب الديني الوسطي ومكافحة الإرهاب والحلقة النقاشية البحثية السابعة حول دور الإعلام العربي في التصدي لظاهرة الإرهاب.
وفي الختام، توجّه د. فوزي الغويل بالشكر والتقدير لكل من ساهم في إنجاح تلك الاجتماعات التي استضافتها دولة الإمارات على مدار ثلاثة أيام في دبي، وكذلك الوفود التي قدمت أوراق عمل وصفها بالجيدة والمفيدة للغاية بما تضمنته من أفكار وتجارب ودروس مستفادة وتوصيات قيّمة سيتم رفعها إلى مجلس وزراء الإعلام العرب، كما أعرب عن شكره وتقديره لدولة الإمارات العربية المتحدة وإمارة دبي ممثلة في «نادي دبي للصحافة» و«مؤسسة وطني الإمارات» لما نالته الاجتماعات من دعم وتسهيلات تم توفيرها في وقت قياسي، وكانت محل كل تقدير من جميع المشاركين، معرباً عن أمله للجميع في التوفيق لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه من خطوات من شأنها تعزيز دور الإعلام في مكافحة الإرهاب ونبذ خطاب الكراهية، وإقرار قيم التعايش في مجتمعاتنا العربية.
وقد يهمك أيضا:
الأمم المتحدة تجدّد موقفها الداعم لسيادة سورية على الجولان المحتل
فارس سعد يؤكد أن سورية صمدت في مواجهة الحرب الإرهابية
أرسل تعليقك