عاد دخان إطارات السيارات المحروقة إلى شوارع العاصمة السودانية الخرطوم، بعد أن خلت من أبخرتها ونيرانها منذ أشهر، وذلك للمطالبة بإقالة مسؤولين حكوميين، على خلفية مقتل متظاهر اختناقًا بالغاز المسيل للدموع، أطلقته الشرطة على تظاهرة احتجاجية مطلبية قبل أيام.
واستجابت "لجان المقاومة" في الخرطوم لدعوة وجهتها لجنة المقاومة في منطقة "جبل الأولياء" جنوبي الخرطوم، للتظاهر، حيث توجه الآلاف منهم في موكب كبير إلى وحدة إدارية جنوب المدينة، مطالبين بإقالة مسؤولين حكوميين، أبرزهم والي الولاية.
تجدر الإشارة إلى أن لجان المقاومة، أو "لجان الأحياء"، هي عبارة عن تنظيمات طوعية تكونت إبان الثورة السودانية، ولعبت دورًا مهمًا في نجاح ثورة ديسمبر (كانون الأول) التي أطاحت بحكم البشير في أبريل (نيسان) الماضي، وظلت تعمل بعيد تكوين الحكومة الانتقالية على تنظيم الجهود الشعبية للدفاع عن الثورة من القوى المضادة، وتنظيم الأنشطة الشعبية في الأحياء، وتتصل لجان الأحياء بـ"تجمع المهنيين السودانيين" عبر لجنة العمل الميداني.
وبعد توقف دام أشهر، حرق آلاف المتظاهرين أمس إطارات السيارات، ورفعوا أصواتهم بهتافات منددة بالمسؤولين المحليين، حاملين أعلام البلاد.
وأورد منشور على الصفحة الرسمية لـ"تجمع المهنيين السودانيين" على موقع التواصل "فيسبوك"، أن الثوار يطالبون بتوفير الحياة الكريمة، وتأمين الضروريات، باعتبارها مطالب لا حياد عنها، بيد أن الحاكم المحلي المسنود ببقايا الدولة العميقة، يقف أمام مطالب مواطني محلية "جبل أولياء".
ودعمت لجان من خارج المنطقة الموكب والتظاهرات، فيما أيدت منظمات طلابية مطالب سكان المنطقة، وأبدت تضامنها معهم، وتوافدت أعداد غفيرة منها للمشاركة في الموكب.
ولم يكن موكب أمس هو الأول من نوعه، إذ سيرت لجان المقاومة قبل ثلاثة أيام موكبًا مشابهًا، فرقته الشرطة باستخدام الغاز المسيل للدموع، ما أدى لمقتل المحتج محمد آدم طمبل مختنقًا بالغاز، فيما أحرق محتجون إطارات السيارات قرب مكاتب تجمع المهنيين السودانيين بضاحية بري أول من أمس، مطالبين بتسريع تصفية النظام المعزول ورموزه.
وتطالب لجان المقاومة بتنفيذ مطالبها، ومواجهة ما أسمته "فظائع تعامل الشرطة" مع الموكب السلمي، وفتح بلاغات في استشهاد المواطن طمبل، ووصفت استمرار الحاكم المحلي في منصبه بأنه "يخدم بقايا النظام البائد"، وتعهدت بالعمل على تلبية مطالبها، بقولها: "هذه الحكومة أتت نتاجًا لتضحيات عظيمة، كانت على رأسها التنظيمي لجان المقاومة، وكلنا ثقة بأن حكومة الثورة قادرة على أن تميز الخبيث من الطيب، وإن عز عليها ذلك فنحن خيرُ سندٍ لها".
وشددت اللجان على الإبقاء على جذوة السيطرة مشتعلة، وحذرت من اعتبار التوقف عن التصعيد ضعفًا، وقالت إنه "استراحة نلملم فيها أطرافنا لنعود أقوى"، مستشهدة بمقولة منسوبة لشهيد الثورة عبد العظيم، الذي قال قبيل مقتله أثناء الثورة: "لكن لا يمكنك الاستلقاء أثناء المعركة".
من جهة أخرى، أفصح رئيس الوزراء عبد الله حمدوك عن مشروع لمواجهة التحديات، التي تواجه منطقة البحر في شرق السودان، ووضع "مشروع قومي" يستصحب هذه التحديات، ويتيح للحكومة الاتحادية معالجة الأزمات، التي تتالت بين سكان الولايات الشرقية.
ووصل حمدوك مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر أمس، بعد أسبوع دامٍ، شهد أحداث عنف أدت إلى مقتل شخصين، وإصابة أكثر من عشرين آخرين، بجراح على خلفية نزاع محلي، انتهت بعد وساطات حكومية وأهلية بتوقيع اتفاق صلح، يعرف محليا باسم "القلد" أفلح في إيقاف نزيف الدم.
وفور وصوله للمدينة الساحلية ترأس حمدوك اجتماعًا بحكومة ولاية البحر الأحمر، حضره حاكم الولاية المكلف حافظ التاج، أشاد خلاله بما أطلق عليه "حكمة" المحلية، والإدارات الأهلية في إنهاء الأحداث التي شهدتها بورتسودان.
وقد يهمك أيضا:
الجيش الوطني الليبي يحمّل مسؤولية فشل التوصل إلى اتفاق سياسي إلى السرّاج
حكومة الوفاق الليبية تحسم قضية تسليم سيف الإسلام القذافي للجنائية الدولية
أرسل تعليقك