الجزائر ـ سورية 24
شهدت محكمة الاستئناف بأكبر مدن غرب الجزائر، معركة بين عشرات القضاة المضربين ورجال درك استعملوا ضدَهم العصيَ، لفرض تنصيب قضاة في مناصب جديدة تم تحويلهم إليها.
وأعلنت نقابة القضاة عن إضراب، منذ الأربعاء الماضي، للتعبير عن رفضها حركة التحويلات التي مسّت قرابة 3 آلاف قاضٍ، فيما يضم مرفق القضاء 6700 قاضٍ.
وتداول قضاة بالمنصات الرقمية الاجتماعية أمس، فيديو يتضمن مشاهد كر وفر بـ”مجلس قضاء وهران” (محكمة الاستئناف)، حيث ظهر عدد كبير من رجال القوة العمومية، تابعين لجهاز الدرك، يرتدون لباس التدخل السريع، وهم يدخلون إلى المحكمة بغرض كسر أقفال المكاتب التي أغلقها القضاة المضربون، بغرض فتحها لتمكين قضاة غير مضربين جاءوا من محاكم أخرى لتسلم مناصبهم الجديدة.
وكان القضاة والقاضيات، المحتجون على التغييرات التي أجراها وزير العدل بلقاسم زغماتي، يصرخون وبعضهم سقط أرضًا من شدة التدافع، فيما كانت تتقدم قوة الدرك بسرعة وبحزم نحو المكاتب لفتحها. وسمع بعض القضاة يرددون “عدالة حرة... مستقلة” ويندد بالحكومة. وقال يسعد مبروك رئيس نقابة القضاة لـ”الشرق الأوسط”: “ما حدث في وهران يعزز قناعتنا بضرورة مواصلة الإضراب، فالأمر يتعلق باستعادة كرامة مهدورة”.
وقال أعضاء بالنقابة إن ممثليها بمحاكم الاستئناف، سيخرجون اليوم (الاثنين) إلى الشارع للاحتجاج على أحداث محكمة وهران، وهددوا بالتصعيد. وذكر قاضٍ نقابي، مفضلًا عدم نشر اسمه: “ما جرى في وهران نتيجة مباشرة لما سمعناه من رئيس أركان الجيش، وهو يتحدث مع وزير العدل”، في إشارة إلى لقاء بين الفريق أحمد قايد صالح والوزير بلقاسم زغماتي، الجمعة الماضي، بمناسبة الاحتفالات الرسمية بعيد ثورة الاستقلال (1954 - 1962)، إذ دعاه إلى “ضرورة الذهاب إلى أبعد حد”، وكررها مرتين. ورد عليه الوزير زغماتي: “ألف شكر”.
وفهم ملاحظون كلام قائد الجيش على أنه تشجيع منه على تصعيد المواجهة مع نقابة القضاة، فيما عدّه آخرون تأكيدًا منه على ضرورة مواصلة الحرب التي يشنها القضاء على الفساد، منذ عزل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مطلع أبريل (نيسان) الماضي، وكان من نتائج هذه الحرب سجن كثير من وجهاء النظام.
وأكد رمضان تعزيبت وهو قيادي في “حزب العمال” (زعيمته لويزة حنون تقضي عقوبة 15 سنة سجنًا بتهمة التآمر على الجيش)، أن “أحداث محكمة وهران خطيرة جدًا، فالقضاة تعرضوا للعنف لأنهم أثاروا قضية استقلال القضاء”. وعبّر عن “تضامنه مع مطلب استقلال القضاء، فهو نفس مطلب فبراير (شباط) الذي رفعه عشرات ملايين الجزائريات والجزائريين”، في إشارة إلى الحراك الشعبي الذي اندلع في 22 فبراير الماضي بسبب ترشح بوتفليقة لولاية خامسة.
وصرّح عبد الحفيظ جرير مدير الشؤون القانونية بوزارة العدل، للإذاعة الحكومية أمس، بأن “المجلس الأعلى للقضاء” (الجهة المسؤولة عن تسيير المسار المهني للقضاة) سيجتمع قبل نهاية الشهر، لبحث طعون القضاة بخصوص حركة التحويلات التي تثير سخطهم. وذكر أن “القانون يمنع على القضاة الإضراب، وهم يعلمون ذلك”. وتساءل بنبرة استياء: “ما ذنب المواطن الذي ينتظر معالجة قضيته خصوصًا إذا كان مسجونًا على ذمة التحقيق؟”.
وأعلن جرير عن وجود لائحة تتضمن مطالب القضاة، خصوصًا ما تعلق منها برفع الأجور، تم إعدادها، حسبه، مع نقابتهم. وأكد أن الوزارة “موافقة من حيث المبدأ على المطالب المادية”.
واللافت أن المتظاهرين أظهروا في حراك “الجمعة 37” برودة في التعاطي مع احتجاج القضاة، لاعتقادهم أن سبب استيائهم يخصهم وحدهم ولا يتعلق بمطالب الحراك بتغيير النظام جذريًا. وهاجم بعض المتظاهرين القضاة وحمَلوهم مسؤولية سجن عشرات المتظاهرين. وتم أمس تقديم 5 متظاهرين اعتقلتهم الشرطة الجمعة الماضي، أمام النيابة بمحكمة بالعاصمة. ورغم الإضراب، فإن قاضي التحقيق اتهمهم بـ”المس بالنظام العام”، وأفرج عنهم في انتظار محاكمتهم.
وقد يهمك أيضا:
تفاصيل مهمة بشأن قائمة المرشحين للانتخابات الرئاسية الجزائرية
أرسل تعليقك