طرح الجنود الأميركيون المرابطون في نقاط تمركز عسكرية شرق سورية تنويعات مختلفة من التساؤل ذاته على قائدهم الأعلى، السبت الماضي، حول مستقبلهم والأهداف التي يتعين عليهم التفكير فيها، ويعي الجنرال فرانك ماكنزي قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط، جيداً، أن المستقبل غير مؤكد. إلا أنه، على الأقل فيما يخص اليوم، يقول، «هذه منطقة أعلنّا التزامنا تجاهها، وأعتقد أننا سنظل هنا لبعض الوقت».
وفي إطار جولة غير معلنة عبر خمس قواعد عسكرية في سوريا تمتد من شمال شرقي البلاد حتى وسط وادي نهر الفرات، قدم ماكنزي تطمينات بأن الولايات المتحدة ما تزال ملتزمة تجاه مهمتها في سوريا، وقال، "إن العمليات الجارية ضد تنظيم «داعش» في تزايد من جديد، بعدما كانت الولايات المتحدة قد قلصتها جراء التوترات المتفاقمة مع إيران والحاجة إلى التركيز على تعزيز الأمن.
ومع هذا، فثمة غموض كبير يسود الموقف هذه الأيام، وقد تعرضت المهمة الأميركية للتدريب والتشارك مع قوات سوريا الديمقراطية في قتال «داعش»، لاختبارات صعبة".
وفي العام الماضي، اتخذ الرئيس دونالد ترمب قراراً بسحب القوات الأميركية من سوريا، ما شكل جزءًا من تعهده بإعادة القوات إلى الوطن ووقف الحروب التي لا نهاية لها.
ومع هذا، وبمرور الوقت نجح قادته العسكريون وأعضاء من الكونغرس وقيادات أخرى في إقناعه بالإبقاء على قوة محدودة داخل سوريا، لحماية منطقة خاضعة لسيطرة الأكراد تضم حقولاً ومنشآت نفطية والحيلولة دون وقوعها في يد «داعش».
وعليه، فإنه رغم انسحاب قوات أميركية بالفعل من سوريا، أصدر البنتاغون أوامره لقوات أخرى بالتحرك شرقاً، برفقة مركبات مدرعة وقوات أمن لمعاونة قوات سوريا الديمقراطية في حماية النفط.
وقال ماكنزي، الذي التقى قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، داخل قاعدة عسكرية لم يكشف عنها صباح السبت، إن القائد الكردي رغب في الحصول على ضمانات باستمرار تقديم الولايات المتحدة العون لمقاتليه.
وأوضح ماكنزي أن رده كان، أن الولايات المتحدة ستستمر في تنفيذ مهام ضد «داعش» والتعاون مع معارضين مسلحين والمساعدة في حماية حقول النفط، لكنه استطرد بأن واشنطن لم تقر موعداً زمنياً نهائياً لهذا الأمر. وقال أثناء توقفه في نقطة عسكرية بالقرية الخضراء قرب دير الزور: «هو يعلم وأنا أتفق معه، بأننا لن نستمر هنا لـ100 عام. صراحة، لا أعلم إلى متى سنبقى هنا وليست لدي تعليمات في هذا الشأن سوى الاستمرار في العمل مع شريكنا هنا».
ويُذكر أن ماكنزي خلال جولته، تحرك عبر شرق سورية، لاستخدام مروحية فوق مساحات واسعة من الصحراء تتخللها مساحات متقطعة من الخضرة وقرى متفرقة. وكانت هذه أولى رحلاته إلى القواعد الخمس.
وكانت الولايات المتحدة، قد أعلنت القضاء على دولة الخلافة المزعومة لـ«داعش» في مارس (آذار) الماضي. إلا أنه خلال الشهور الأخيرة، تزايدت المخاوف إزاء إعادة تجمع مسلحين، خاصة إلى الغرب حيث لا توجد قوات أميركية.
ومع ذلك، تعطلت العمليات الجارية ضد «داعش» خلال الأسابيع الأخيرة في أعقاب هجوم «الدرون» الذي شنته الولايات المتحدة وأسفر عن مقتل جنرال إيراني بارز في العراق. وخوفاً من التعرض لهجمات انتقامية من جانب إيران والقوات العاملة بالوكالة عنها، أوقفت الولايات المتحدة أو أبطأت، وتيرة العمليات من أجل تعزيز أمن أفرادها في العراق وسوريا. وتبعاً لما ذكره مسؤولون، تراجعت العمليات الأميركية ضد «داعش» بمقدار النصف خلال تلك الفترة.
إلا أنه خلال جولته عبر شرق سوريا التي استمرت يوماً كاملاً، قال ماكنزي إن الوضع تبدل الآن. وأخبر ماكنزي اثنين من المراسلين العاملين لدى وكالة «أسوشييتد برس» وصحيفة «واشنطن بوست» سافرا معه إلى سوريا، أنه بينما «تراجعت وتيرة العمليات في وقت سابق من العام بالتأكيد، فإننا عدنا اليوم، حسبما أعتقد، إلى معدل ربما ثلاث أو أربع عمليات أسبوعياً بالتعاون مع شركائنا هنا».
جدير بالذكر أن القائد العسكري إريك هيل، قائد قوات العمليات الخاصة في العراق وسوريا، كان برفقة ماكنزي أغلب ساعات اليوم. وقال إن قواته ما تزال مستمرة في نشاطات التدريب وتجري عمليات بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية لاستئصال جذور متمردي «داعش» الذين «يختبئون في الأودية والكهوف والصحارى ويحاولون إعادة تجميع صفوفهم».
وتحدث هيل إلى مراسلين داخل القاعدة العسكرية الواقعة عند حقل كونوكو للغاز الطبيعي قرب دير الزور، حيث ترابط شاحنات وطائرات عسكرية إلى جوار مبانٍ ومنازل قديمة جرى تحويلها إلى مراكز عمليات وثكنات تعتمد على تقنيات متطورة للغاية.
وتبعاً لما أفاده مسؤولون، فإن هناك حوالي 750 جندياً أميركياً شرق سوريا منتشرين عبر مساحة من الأرض تمتد لأكثر عن 90 ميلاً (150 كيلومتراً) من دير الزور حتى منطقة أوسع إلى شرق الحسكة.
جدير بالذكر أن العلاقات بين واشنطن والسوريين الأكراد التي تعود إلى عام 2014. توترت في أعقاب إصدار ترمب أوامره الشهر الماضي لقوات أميركية بالانسحاب من شمال سوريا، ما أفسح الطريق أمام غزو تركي لمدن وقرى كان يسيطر عليها الأكراد على طول الشريط الحدودي.
اليوم، تعمل قوات كردية وأميركية في منطقة أكثر تعقيداً وازدحاماً بقوات عسكرية منذ أن شنت تركيا هجومها ضد شمال شرقي سوريا، مطلع أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك بهدف دفع المقاتلين الأكراد بعيداً عن الحدود.
وأثناء حديثه إلى جنود، السبت، حذر ماكنزي من أن قوات تعمل بالوكالة عن إيران داخل سوريا ما تزال تشكل خطراً كبيراً عليهم. وقال إنه في الوقت الذي يبدو أن إيران ارتدعت في الوقت الحالي عن شن هجوم آخر ضد الولايات المتحدة، «فإنه يتعين عليكم دوماً الانتباه إلى قدرتهم على قيادة والسيطرة على عناصر تعمل عنها بالوكالة مجهزة على نحو جيد للغاية»، حسبما أضاف الجنرال.
قد يهمــك أيضــا: مقتل المسؤول عن عائدات النفط والغاز في "داعش" بعملية في دير الزور
"قوات سورية الديمقراطية" تؤكد أنها تنسق مع روسيا وأميركا بشأن المتطرفين
أرسل تعليقك