هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزل الشهيد الفلسطيني أشرف نعالوه في طولكرم شمال الضفة الغربية، بعد أيام قليلة على اغتياله. وجاء الهدم تنفيذاً لأوامر رئيس الوزراء ووزير الجيش الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء الماضي، وشملت تسريع إجراءات هدم منازل مهاجمين فلسطينيين رداً على هجمات متقطعة نفّذها مسلحون فلسطينيون وقُتل خلالها إسرائيليون، فيما تدرس الحكومة سن قوانين تشمل طرد عائلات منفذي العمليات من مساكنهم. وانتقد ناطقون باسم اليمين الإسرائيلي قيام الجيش بهدم بيت الشهيد نعالوه بشكل جزئي وطالبوا بهدم العمارة بالكامل.
واقتحمت قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي فجراً ضاحية الشويكة في طولكرم، وحاصرت منزل نعالوه وسط مواجهات عنيفة مع فلسطينيين تجمهروا لحماية البيت. وأطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي الرصاص تجاه المتظاهرين الذين ردوا برشقها بالحجارة والزجاجات ما أدى إلى إصابات في صفوفها، فيما شرعت جرافات بهدم المنزل.
واغتال الجيش الإسرائيلي أشرف نعالوه (23 عاماً) فجر الخميس الماضي، في مخيم عسكر الجديد شرق مدينة نابلس بعد مطاردة طويلة استمرت 67 يوماً. وتتهم إسرائيل نعالوه بقتل إسرائيليين اثنين في المنطقة الصناعية "بركان" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
أقرأ يضًا:
- جيش الاحتلال الإسرائيلي يُعلن اغتيال مُنفذ عملية "بركان" في نابلس
ومنزل نعالوه واحد من 9 منازل هدمتها إسرائيل هذا العام، فيما أبلغت أصحاب 5 منازل آخرين بنية هدمها.
وأدانت حكومة الوفاق الوطني، أمس، جريمة هدم منزل عائلة الشهيد أشرف نعالوه. وطالب رئيس الوزراء رامي الحمد الله، العالم أجمع باتخاذ خطوات وآليات فاعلة لتوفير الحماية الدولية لشعبنا الأعزل من الاعتداءات اليومية من قبل الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه.
وقال الحمد الله: إن "إسرائيل تعمل بوتيرة متسارعة لتوسيع منظومة الاستيطان الاستعماري، وتنفذ الاجتياحات المتكررة للمدن والبلدات والقرى الفلسطينية، وتقتل وتعتقل الأبرياء من أبناء شعبنا، وتستهدف المؤسسات الرسمية والطواقم الطبية والإعلامية، وتروّع الأسر الآمنة، وتهدم البيوت، في ذات الوقت الذي تواصل فيه التحريض على الرئيس محمود عباس وشعبنا الفلسطيني ككل".
ووصفت الحكومة الفلسطينية تفجير منزل نعالوه بأنه يقع في دائرة العقاب الجماعي والانتقام ضمن حملة التصعيد المسعورة التي تشنها قوات الاحتلال على شعبنا، وأرضه، وممتلكاته، في ظل ملاحقة المواطنين، وإراقة الدماء، وإفلات جماعات المستوطنين المسلحين ضد المدنيين العزل، وفرض الحصار على المدن، ونشر الحواجز العسكرية في طول الضفة الغربية وعرضها.
وشدد المتحدث الرسمي للحكومة على أن جميع الأطراف الإقليمية والدولية على قناعة بأن الاحتلال هو السبب الرئيسي لاستمرار التوتر والعنف في بلادنا، والمنطقة، والعالم، ولذلك يتوجب على المجتمع الدولي تفعيل قوانينه بوقف العدوان الاحتلالي، وتطبيق الشرائع الدولية التي تنص على إنهاء الاحتلال عن بلادنا، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية على كامل حدود عام 67.
كما اعتبرت حركة حماس، أن هدم قوات الاحتلال منازل منفّذي العمليات البطولية، والتهديد بإبعاد عائلاتهم، يعكس حالة الإفلاس الصهيوني والإحباط والعجز الذي يعيشه قادة الكيان».
وقال المتحدث باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع: إن جرائم الاحتلال النكراء لن تنجح في ردع شباب الضفة الثائرين أو ثنيهم عن الاستمرار في مواجهة الاحتلال وجرائمه، وستدفع شعبنا لمساندة أهليهم وذويهم.
أما حركة الجهاد الإسلامي فاعتبرت أن سياسة هدم بيوت المناضلين في الضفة جريمة وسلوك قديم جديد يمارسه الاحتلال بوحشية كنوع من العقاب الجماعي. وقالت الحركة في بيان إنها محاولة بائسة من العدو للضغط على حواضن المقاومة الشعبية في الضفة المحتلة.
وأكد المتحدث باسم الحركة مصعب البريم أن الإرهاب الصهيوني المتمثل في تدمير البيوت والتحضير لإبعاد عائلات المقاومين وإعدام الأسرى ميدانياً يعكس حالة القلق الذي يعيشه الكيان الصهيوني من تنامي المد المقاوم في الضفة.
وبخلاف مواجهات طولكرم، لم تسجَّل مواجهات أخرى عنيفة في الضفة على غرار الأيام القليلة القادمة في مؤشرٍ على تراجع حدة التصعيد، لكن بقيت الضفة الغربية في حالة توتر شديد بسبب الأعمال التي ينفّذها الجيش الإسرائيلي في المدن، بحثاً عن منفذي عمليات إطلاق نار تسببت في مقتل جنديين إسرائيليين يوم الخميس الماضي قرب رام الله.
جدل في إسرائيل
وفي إسرائيل، تصاعدت حملة الجنرالات السابقين والقادة الأمنيين الحاليين للتحذير من مواصلة حكومة بنيامين نتنياهو قراراتها الشعبوية لتهدئة اليمين المتطرف وحركات الاستيطان، كما حذروا من أن سياسة التواطؤ هذه تلحق ضرراً كبيراً بالأهداف الاستراتيجية للدولة العبرية وستُدخلها في موجة عنف مجلجلة.
ووجه رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، نداف أرغمان، انتقاداً مباشراً إلى مشروع القانون الذي أقرته اللجنة الوزارية للتشريع، والذي يهدف إلى تمكين جيش الاحتلال الإسرائيلي من طرد عائلات فلسطينية من مكان سكناها إلى أماكن أخرى داخل الضفة الغربية، بادعاء أن أحد أفراد العائلة نفّذ عملية مسلحة. ونُقل على لسان أرغمان، خلال جلسة المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينيت)، قوله إن تشريع هذا القانون سيُحدث نتائج عكسية عما هو مقصود. ومن شأنه أن يُسهم في تصعيد التوتر وتأجيج الأوضاع في الضفة الغربية.
وأبدى موقفاً مماثلاً كلٌّ من رئيس أركان الجيش غادي آيزنكوت، والمستشار القضائي للحكومة أبيحاي مندلبليت، ودخلوا في مواجهات كلامية مع عضو الكنيست موطي يوغيف، المبادر للقانون، ومع وزيري حزب "البيت اليهودي"، نفتالي بينيت وأييليت شاكيد. ووفقاً لمسؤولين شاركوا في الجلسة، قال أرغمان: لن يكون بمقدورنا القيام بجولة حول عناوين العائلات، والدخول يومياً إلى القصبة والخليل ونابلس، بغية أن نرى من يعيش هناك وإذا ما عادت العائلة إلى مكان إقامتها. وأضاف: القانون سيُحدث نتائج عكسية خلافاً للهدف المرجوّ من الردع، وتطبيقه سيسهم في التوتر الذي من شأنه أن يؤثر على الأوضاع بشكل عكسي.
وقدم أرغمان حجة إضافية لمعارضته مشروع القانون، حسب المصادر نفسها، وهي أن القانون سيمسّ بالتحقيقات التي يجريها جهاز "الشاباك" حول العمليات التي تنفَّذ، إذ يتم الاعتماد عبر التحقيقات على الاعتقالات الإدارية التي لا تستند إلى تقديم أي تهمة للمعتقل، بل تهدف إلى منع ارتكاب أي مخالفة أو عملية يجري التخطيط لتنفيذها مستقبلاً، وكذلك منع الإشراف عليها. ووفقاً لرئيس "الشاباك"، في حال المصادقة النهائية على مشروع القانون، فإن المحكمة العليا الإسرائيلية ستفضل القانون على الاعتقال الإداري، مما يُضعف قدرة جهاز المخابرات على جمع المعلومات في تلك التحقيقات.
وقال آيزنكوت إن "مشروع القانون قُدم بسبب ضغط حزبي وسياسي وليس بسبب الحاجة العملياتية الموضوعية"، وتساءل: "كيف يمكننا فعل ذلك بالضبط؟ نقوم بطرد عائلات إلى جبل الخليل؟ ثم ماذا؟ نقوم بمراقبة وتعقب هذه العائلات في كل مرة تعود لمسقط رأسها؟".
عنف في غزة
وفي غزة، أُصيب 23 فلسطينياً، 2 منهم بالرصاص الحي و8 إصابات بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط و3 حالات بالاختناق، و8 إصابات بقنابل الغاز و2 بالشظايا والضربات خلال قمع الاحتلال المسير البحري الـ20 شمال قطاع غزة.
والمسير البحري ضمن فعاليات أطلقتها "حماس" في مارس/آذار الماضي، وتشمل مظاهرات الحدود المعروفة باسم مسيرات العودة، وساهمت في الوصول إلى اتفاق تهدئة في غزة قبل أن تخفض الحركة من حدة هذه المواجهات.
قد يهمك أيضًا :
الخارجية الفلسطينية تؤكد أن تصعيد الاحتلال الأخير محاولة لفرض صفقة القرن
تقدم مذكرة احتجاجية إلى مجلس الأمن ضد تهديدات الاحتلال لشخص الرئيس الفلسطيني
أرسل تعليقك