دمشق_سورية24
عندما بدأت عيناها بالاحمرار وفاجأها السعال، ظنّت كنانة الشريف بأن حساسية الربيع التي لطالما اعتادت عليها في هذا الموسم في العاصمة الأميركية واشنطن هاجمتها.وكالعادة، أخرجت أدوية الحساسية من خزانتها وتناولتها، تحسنت العوارض، وخلدت كنانة إلى النوم وفي ذهنها راحة لتجاوب جسمها مع الأدوية يشوبها قلق دفين مما يجري حولها. ففيروس كورونا المستجد بسط نفوذه في ولاية فيرجينيا مقرّ إقامتها، حيث تم فرض إجراءات حجر قاسية على المواطنين هناك… وجلّ ما كانت تخشاه مراسلة محطة (أورينت) السابقة إصابتها بالفيروس.السعال الحاد والجاف أيقظها من نومها العميق، في كتفيها وجع رهيب… قالت كنانة: "لقد كان شعورًا غريبًا جدًا… فكرت في نفسي: هل هي قلة نوم؟ هل هي قلّة غذاء؟".
لكن عندما بدأت بالارتعاش من البرد والتعرّق الشديد، علمت أن عليها الذهاب فورًا للمستشفى، فهذه كلها عوارض كوفيد – 19 التي تابعتها بكثافة في الأيام الماضية، لكن كنانة وحيدة في شقتها، فهي أرسلت أولادها الأربعة إلى تكساس لقضاء بعض الوقت مع والدهم هناك، خوفًا عليهم من تفشي الفيروس في فيرجينيا.لم يكن أمامها سوى الاتصال بصديق لها في مطلع الفجر للذهاب بها إلى قسم الطوارئ في مستشفى (اينوفا – فيرفاكس). وتتحدث كنانة عن تجربتها وتقول: "دخلت قاعة الانتظار وأنا أرتدي كمامة وقفازات… شعرت وكأني أدخل وكالة فضائية، فبالكاد رأيت أعين الأطباء والممرضات، وبمجرد دخولي طلبوا مني نزع القفازات فورًا والإبقاء على الكمامة… فحصتني ممرضة ترتدي بزة صفراء وعلى وجهها قناع مغلف بإطار بلاستيكي… خفت كثيرًا حينها وتمنيت في نفسي ألا يكون وضعي سيئًا جدًا، لأني لا أريد البقاء هنا".
العوارض كانت واضحة: ضغط عال وحرارة مرتفعة إضافة إلى السعال الجاف والإرهاق… فحكمت الممرضة: "لديك كل عوارض كورونا. لكن الفحوص المخبرية التي لدينا قليلة للغاية، لن نتمكن من إجراء الفحص من دون إذن طبيبك".وارتبكت كنانة، فهي لم تكن تملك تأمينًا صحيًّا، ورغم أنها تمكنت للتو من الانضمام إلى (الميديكايد) وهو نظام الرعاية الصحية الحكومي، لكن لم يتسن لها الوقت لاختيار طبيب لها… تفسيرات لم تغير من رأي الممرضة التي كرّرت ببرودة أعصاب: "أنا آسفة… ليست لدينا فحوصات بما فيه الكفاية". وتابعت الممرضة وهي تقف بعيدا عن كنانة: "سنقوم بفحص أشعة للصدر، وإن كانت النتيجة سيئة، سأتحدث مع الطبيب المناوب في الطوارئ وقد نتمكن من توفير فحص مخبري لك". وتم إجراء صورة الأشعة من دون العثور على أضرار كبيرة في الرئتين… وسقط الحكم على كنانة: "لا يوجد فحص مخبري… لكنك مصابة بكورونا، عليك بحجر نفسك ولا تعودي إلى هنا إلا في حال ضاق نفسك بشدّة وأصبحت حياتك بخطر…".
انفعلت كنانة وهي تتحدث عن هذا الجزء وقالت: "كيف يُعقل لبلد مثل أميركا أن يعامل المواطنين بهذا الشكل؟؟".وتابعت كنانة التي ولدت في السعودية لأم وأب سوريين، وعاشت هناك حتى الثانية والعشرين من عمرها: "كيف يُعقل أن يرسلوني إلى منزلي من دون أي توجيهات واضحة؟ كلّ ما قالته لي الممرضة هو أن أعود فقط إن لم أتمكن من صعود الدرج! لقد اضطررت للحديث مع طبيب من الجالية السورية الذي وجهني خلال محنتي وأنا مدينة له لمساعدته لي".
كنانة عاشت 4 أسابيع من العوارض المؤلمة والمخيفة، لم يكن لها أي شهية للأكل، سعالها مستمر، وضغطها عال. ورغم أن بعض هذه العوارض بدأت بالتحسن قليلًا بعد 4 أيام من بدايتها إلا أن التعرق والإرهاق لم يختفيا، كما فقدت حاستي الشم والتذوق فجأة، وتقول كنانة: "الليل كان سيئًا للغاية وذروة المرض كانت في اليوم العاشر، فقد بدأت بالهلوسة: أين أنا؟ أين هم أولادي؟ خوف من الوحدة، خوف من الموت… صداعي لم يتوقف… نفس
قد يهمك أيضا
"ما وراء الكورونا" تجربة جديدة لإبراهيم عبد العزيز عبر يوتيوب
صحف بغداد تواصل صدورها الإلكتروني رغم الداء والأعداء
أرسل تعليقك