أصاب التراجع الذي تعيشه القضية الفلسطينية كل مجالاتها وعناصرها ومفاهيمها، واختلطت المفاهيم بعضها ببعض، وصرنا نتحدّث عن العدوّ الصديق والاحتلال الحر، والوطن المنفى، والمقاوم الإرهابي والمواطن المقيم، واللاجئ المواطن والأراضي المتنازع عليها، والقدس أو في القدس، والمستوطنات الشرعية والمستوطنات غير الشرعية، وغير ذلك. إضافة إلى ما حققته إسرائيل من تقدم على المستوى الدولي، وإلغاء قرار أممي يسمها بالعنصرية. وتسابقت دولٌ كثيرة إلى إقامة علاقات اقتصادية وثقافية معها، وعدم شعور أي دولة، أفريقية أو آسيوية، بحرج من إقامة العلاقات الدبلوماسية والسياسية معها، بدعوى أن دولة فلسطين ودولاً عربية أخرى تقيم علاقات "شرعية علنية" أو سرّية مع الكيان الغاصب.
حققت إسرائيل إنجازات كبرى، مثل الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لها، والضغوط المتواصلة لمحاصرة حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وتعويضهم، وتضاؤل فرص حل الدولتين. أثرت كل هذه الأوضاع وغيرها سلباً على مفاهيم الأجيال الجديدة، عربية وغير عربية، إلى درجةٍ تشكل خطرًا على الوعي الثقافي والأخلاقي العالمي، مثل تبدل الأدوار واعتبار إسرائيل دولة معتدى عليها، والعرب (لا دولهم) معتدي، فالدول العربية تتسابق في حماية نفسها من أن تصنف عدو إسرائيل بطرق وأشكال شتى. ويمكن مقاومة هذه المترتبات الخطيرة على تزييف الوعي العربي والعالمي بالمناهج التعليمية، لسببين:
الأول: لا تستطيع الدول العربية الرسمية، لو رغبت، أن تمنع وصول أي منهج تربوي إلى الأجيال، وخصوصًا أننا قد نتحدّث عن منهاج إلكتروني يتحدث عن بناء الشخصية القادرة على توضيح مفاهيم القضية الفلسطينية وبنائها في عقول الشباب. واقتباسًا من ميثاق منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، كما تبدأ الحرب في عقول الرجال، فإن بناء السلام يجب أن يتم في عقولهم. واقتباسًا أقول، كما هزمنا نفسيًا في القضية الفلسطينية ففي أنفسنا يجب أن نبني حصون النصر.
المطلوب بناء منهاج مزدوج، عادي وإلكتروني، أو كما يسميه التربويون بناء منهاج مدمج: إلكتروني وورقي. وقبل التحدث عن نتائج هذا المنهاج، من المهم الإشارة إلى واقع القضية الفلسطينية ومفاهيمها التي توجد في مناهج التعليم، متخذًا من المنهاج الأردني نموذجًا. والكاتب يدعو هنا إلى تسجيل القضية الفلسطينية في خبرة الطلبة ووعيهم، كي لا تضيع مع انتهاء أجيال النكبة والنكسة والمقاومة، وحتى الهزيمة. والقصد بالتسجيل البدء بإعداد مناهج بمفاهيم الوعي العربي، لتسجيل أحداث القضية قبل تزييف وعي الأجيال. وأسباب اختيار واقع القضية الفلسطينية في مناهج التعليم الأردنية:
أولًا: الأردن بلد عايش القضية الفلسطينية تاريخيًا وجغرافيًا وإنسانيًا وسيكولوجيًا واجتماعيًا واقتصاديًا.
ثانيًا: الأردن بلد العيش الأردني الفلسطيني المشترك، مهما اختلفت النسب المئوية لمكوناته.
ثالثًا: الأردن بلد يدّعي أن سياسته ثابتة في دعم القضية الفلسطينية، علمًا أنه لا يعرف أحد ما هي هذه السياسة، وما مدى ثباتها.
رابعًا: الأردن بلد يقيم علاقات تطبيعية مع إسرائيل، ويمارس كالسلطة الوطنية الفلسطينية سلوكات تنسيقية في مجالات مختلفة.
فلسطين في النظام التعليمي الأردني
ينص قانون التربية والتعليم الأردني رقم 16 لعام 1964 على "عروبة فلسطين وجميع الأجزاء المغتصبة من الوطن العربي، والعمل على استردادها (فقرة 4 من المادة 3). وبناءً عليه، كان طلبة الأردن يدرسون مادة مستقلة هي القضية الفلسطينية، وبقيت حتى تم إلغاؤها في 1992.
وفي قانون التربية والتعليم الأردني رقم 3 لعام 1994، ورد نص في الفقرة ب/ 6 من المادة الثالثة مطابق تمامًا ما ورد في القانون السابق. وأضاف هذا القانون الذي صدر بعد معاهدة السلام نصًا آخر في الفقرة ب/7 من المادة الثالثة: القضية الفلسطينية قضية مصيرية للشعب الأردني، والعدوان الصهيوني على فلسطين هو تحدّ سياسي وعسكري وحضاري للأمة العربية والإسلامية بعامة، والأردن بخاصة. وهذا نص جريء وملفت في بلدٍ يقيم علاقات طبية أو طبيعية مع إسرائيل التي هي سياسيًا دولة طبيعية، لها حق العيش ويقيم الأردن معها علاقات، وفيما لكل منهما سفارة. أما تعليميًا أو تربويًا فإنها دولة صهيونية معتدية تتحدّى الأردن عسكريًا وسياسيًا وحضاريًا (!). وقد زالت بعد معاهدة وادي عربة المادة عن عروبة فلسطين والعمل على استردادها.
وخلت السياسات التربوية والأهداف العامة والنتاجات، تمامًا، من أي تركيز أو إشارة إلى فلسطين وغيرها. وهذا يعني تفوّق الجانب السياسي على الجوانب التربوية، وهذا يمكن أن يقود إلى الاستنتاجات الآتية:
هناك انفصال بين السياسات "السياسية" والسياسات التربوية، قد يعكس تناقضًا يجعلنا نعي أن الموقف الأردني الصحيح هو "التعامل الطبيعي مع إسرائيل"، ونعتبر ما كتب في النظام التربوي كلامًا إنشائيًا "مأذونًا به"! ويقوّي هذا الزعم أن المناهج التعليمية والأهداف التربوية لم تشر إلى القضية الفلسطينية. وقد يكون هذا الضباب مفهومًا من ناحية الدولة الرسمية، لكنه ليس مقبولًا من الناحية الشعبية، مع أن الدولة تدفع دائمًا بأن البرلمان وافق على معاهدة وادي عربة، وعلى العلاقات السلمية مع إسرائيل، وهذا يتضمن أن دعاة عدم التطبيع أقلية يمكن التعامل معها على أنها خارجة عن القانون.
وفي الأردن حركة لتطوير المناهج، حيث تم إعداد إطار جديد للمنهاج الأردني. وردت فيه عبارة "الوقوف مع القضايا العربية، وفي مقدمتها تحرير فلسطين". وسواء كان هذا الوضع القانوني قويًا أو ضعيفًا، لا نستطيع أن نقيمه إلّا بمقدار انعكاسه على محتويات الكتب المدرسية.
تضمنت المناهج والكتب المدرسية الأردنية مقالات وقصائد وإشارات إلى هذا الموضوع، وخصوصًا كتب التربية الوطنية واللغة العربية، بينما بدا الاهتمام في كتب التاريخ بدور الأردن في فلسطين محدودًا، وغاب تمامًا في مجالات مهمة، مثل كتب التربية الإسلامية والفن والجغرافيا والعلوم والرياضيات، كما كان توزيع الموضوعات عبر الكتب وعبر الصفوف المختلفة مفقودًا، أو غير مقصود في معظم الحالات.
تم الاهتمام في كتب التربية الوطنية بدور الجيش الأردني في معركتي اللطرون والكرامة في الصفوف، الرابع الأساسي والخامس والعاشر، وغاب في بقية الصفوف. وكان الاهتمام أردنيًا بحتًا، وليس فلسطينيًا بنائيًا، فلم تركز الاهتمامات بمفاهيم فلسطينية أساسية، مثل الاحتلال والمقاومة والحل العادل وغيرها، ما يسهّل الحكم بأن هذه الاهتمامات لا تساعد على بناء وعي بالقضية الفلسطينية، ولا تنمّي لدى الطلبة مهارات الدفاع ضد حجج الأعداء، ولا مهارات البحث عن أساليب لمقاومة الاحتلال.
وفي كتب التاريخ، تم ذكر معلومات تاريخية عن فتح بيت المقدس، ومكانة القدس كما أكدها الخليفة عمر بن الخطاب في صفحة واحدة، ليتحدّث كتاب الصف السابع عن صورة المسجد الأقصى وقصر هشام في أريحا، وعن بعض المدن الفلسطينية. وتناول كتاب الثامن بإشارة بسيطة معركة عين جالوت، ثم وردت الحروب الصليبية في الصف العاشر. أما بقية الكتب فأبدت اهتمامًا في دعم الموقف الأردني وتضامنه مع فلسطين في ثورتي 1936 والبراق 1929، وأوردت أسماء شهداء أردنيين في فلسطين، مثل كايد مفلح عبيدات، مع شروح عن وعد بلفور ومؤتمر أريحا ومعارك باب الواد واهتمام الهاشميين بصيانة الأماكن المقدسة. وقد لوحظ عدم ذكر معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية المسمّاة معاهدة وادي عربية (هل هذا خجل أو نأي بالنفس؟). وبذلك يمكن القول إن في كتب التاريخ اهتمامًا بالدور الأردني: جيشًا وشعبًا ونظامًا بفلسطين. إلى حدٍّ يمكن استنتاج أن هذه الكتب لم تكن تمتلك خطة لشرح القضية الفلسطينية، بل لإقناع الطلبة بالدور الأردني، تبرئة للذمة من دم يعقوب.
ونأت بنفسها الكتب المقرّرة للتربية الإسلامية، وهي الأكثر تأثيرًا في بناء الطلبة، ويتمتع مدرّسوها بمهارات الخطابة والصوت المؤثر، داخل المدارس وخارجها، عن متاعب الصراعات، فمناهج التربية الإسلامية لم تذكر كلمة فلسطين، أما كتبها، فكانت محيّرة!، إذ خلت كتب صفوف عديدة من أي ذكر لفلسطين، انتظارًا لكتاب الصف الحادي عشر الذي أورد عبارات مهمة مثل؛ للأقصى مكانة في نفوس المسلمين. تعرّض الأقصى للاحتلال، وحرره صلاح الدين. الرعاية الهاشمية. دافعنا عن حقوق المسلمين في الصلاة في الأقصى. دافعنا عن فلسطين في المحافل الدولية.
وفي هذا الصدد، يمكن إثارة أسئلة بشأن الجهاد، ولماذا غابت فلسطين عن درس الجهاد؟ هل يريدون أن نجاهد في أوروبا لنقلها من الظلمات إلى النور؟ كيف لكتب تربية إسلامية تناولت الأدعية ونواقض الوضوء وآداب السفر أن لا تشير إلى فلسطين؟ نعم، اهتم كتاب الحادي عشر (أدبي) بمكانة المسجد الأقصى والفتح العمري وانتهاكات اليهود الأقصى ودور الهاشميين في الإعمار. ولكن ذلك لم يرتبط بقضية فلسطين. وبذلك أقول، بضمير مرتاح جدًا، إن كتب التربية الإسلامية لم تخطط لأي دور توعوي بقضية "الأردن الأولى"! وقد ربطت بين الدين والرياضيات وبين الدين والعلوم، لكنها لم تجرؤ (أو لم تفطن) على الربط بين الدين وفلسطين! وفي كتب العلوم، تم الربط القوي بين العلم والدين في كل درس، ولكن لم يتم ربط العلوم وفلسطين، علمًا أن العلوم ميدان واسع للحديث عن فلسطين ومواردها وعلمائها. وفي كتب الرياضيات، تم الربط بين الرياضيات والصلاة، وبعد المسجد عن المنزل.. إلخ، ولكن ليس ثمة مسألة واحدة عن أعداد الشهداء، أو المسافات بين مدن فلسطين.. إلخ. وغابت القضية الفلسطينية عن كتب اللغة العربية التي تحتل الحجم الأكبر من وقت الطلبة وبرامجهم وحفظهم، بينما وردت نصوص عن فلسطين في الصفوف من الرابع إلى السابع، ثم في الصفين الحادي عشر والثاني عشر. بينما غاب أي اهتمام بفلسطين في الصفوف الثلاثة الأولى، وفي الصفوف الثامن والتاسع والعاشر. تحدثت كتب اللغة العربية عن مسرى النبي وصلاح الدين، والإعمار الهاشمي، وحريق المسجد الأقصى، ورحيل اليهود، وعز الدين القسام، وثورة 1936، وشهداء الأردن، والجهاد، وأريحا المحتلة، واللاجئين، وعودة اللاجئين، وفلسطين عربية والعدوان الصهيوني، وزهرة المدائن وفتح بيت المقدس وعلاقة الهاشميين في القدس، وحب الملك القدس. وردت بعض هذه المفاهيم في قصائد أو نصوص، ولكن معظمها ورد في جمل ضمن نصوص. ولكن التدقيق في هذه النصوص يشير إلى غياب أي اهتمام بالعمل الفدائي الحالي والمقاومة والتطبيع والتهويد والمحكمة الجنائية، واتفاقية السلام وحل الدولتين والأسرى، والفن الفلسطيني، والتراث الفلسطيني وفلسطين في قائمة التراث العالمي، والهوية الفلسطينية، والشعب الفلسطيني والدولة الفلسطينية، وأدب المقاومة، والحدود، والمستوطنات. وهذه مفاهيم أساسية لفلسطين قضية. وبذلك، تتناغم مناهج وكتب اللغة العربية مع سائر الكتب في تقديم فلسطين بعيدًا عن القضية الفلسطينية، من دون وجود خطة لتوزيع مفاهيم فلسطينية عبر كل الصفوف أو لندرة وجودها أساسًا.
ليس هناك من تهم. قد لا يكون غياب القضية الفلسطينية مقصودًا، إذا افترضنا حسن النية. ولكن بالتأكيد يعكس هذا الغياب ضعف اهتمام واضح، ففلسطين ليست في ذهن المؤلفين، مع أنها في ذهن القانون.
وملخص القول: كان الاهتمام بقضية فلسطين باعتبارها قضية صراع واحتلال معدومًا. فالمناهج لم تقدم هذا المفهوم. كان تناثر الحديث عن فلسطين متباعدًا وغير مخطط له، فقد تجد قصيدة أو نصًا عن فلسطين، كما تجد أي قصيدة في أي موضوع. لم يترجم المؤلفون ما طلب منهم القانون. وبذلك يمكن توجيه تهمة بأنهم أصدروا كتبًا لم تلتزم بالقانون. لا أعتقد بوجود تعليمات سرّية للمؤلفين، كي يبتعدوا عن فلسطين. وقد يكونون خضعوا لرقابة ذاتية تدرك الجو العام ومتطلباته. قضية فلسطين تقزّمت إلى قضية القدس، بينما تحولت قضية القدس إلى إعمار هاشمي.
تشير هذه الوقائع إلى عدم وجود منهج للقضية الفلسطينية باعتبارها قضية، وعدم وجود خطة للتوعية بأبعادها، فالمفاهيم المتناثرة غير المنظمة لا تبني مهارات، ولا اتجاهات. المطلوب بناء منهاج يحقق ما يصبو إليه الشباب العربي والأمة العربية، منهاج منظم عابر للأنظمة وعابر للدول وعابر للصفوف وعابر للمواد الدراسية.
منهاج مقترح
على ضوء ما سبق، ومن دراسة واقع القضية الفلسطينية في المناهج والكتب المدرسية، يقترح كاتب هذه المطالعة المنهاج الآتي:
أولًا: الخطوط العريضة أو الإطار العام: يتحدد منهاج القضية الفلسطينية بالخطوط العريضة الآتية:
ـ المنهاج قضية، وليس مادة دراسية عادية، وهذا يعني أن المنهاج المدرسي ليس مجموعة معلومات وحقائق عن التاريخ والجغرافيا والماضي والمستقبل، بل قضية الشعب الفلسطيني، واقعه وما تعرّض له، وتفسير ذلك الواقع وانعكاسه على الحياة الجمعية للشعب، وعلى الحياة الخاصة لكل فلسطيني. وعلى حق الفلسطيني في السعي، بكل الوسائل، إلى الحصول على تطلعاته، وفق القانون الدولي وحقوق الإنسان. ويتطلب مفهوم القضية إجراء حوارات بين الفلسطيني والفلسطيني، وبين الفلسطيني والآخر غير الفلسطيني، فالمنهاج الفلسطيني يعالج التحديات الحياتية والمستقبلية للشعب الفلسطيني. والقول إنها قضية، وليست مادة دراسية، يعني أن تدريس هذه القضية يتطلب استخدام استراتيجيات تفاعلية، وليست تلقينية. وتكون المهارات والاتجاهات والقيم هي أساس الوعي بالقضية.
ـ القضية الفلسطينية قضية إنسانية، بمعنى أنها ليست قضية صراع بين طرفين متناقضين، محتل ومظلوم، بل قضية العدالة والمساواة والكرامة، وأن تطور حياة الفلسطيني سيسهم في بناء الإنسانية، ويقلل من القيم السلبية والحروب والتوترات في العالم. وحين نطالب بحق الفلسطيني، فإننا نقف موقفًا إنسانيًا مع جميع الشعوب التي تعاني أو التي تبحث عن كرامتها. وهذا يتضمن أن لا يكون حل قضية سببًا في إيجاد مشكلات، ويجب ألا يكون إنصاف شعبٍ على حساب القيم الإنسانية.
ـ حق الشعب الفلسطيني في استخدام الوسائل المتنوعة للوصول إلى حقوقه، فلا نقيده بوسيلة ونحرمه من أخرى. والشعب الفلسطيني هو من يقرّر نوع الوسائل التي يمكن أن يستخدمها عبر تطور نضاله. ومهما كانت الوسائل، فإنها يجب أن تستند إلى حتمية الصراع مع العدوّ المحتل، والسعي المتواصل إلى تحرير فلسطين، ليقرّر بعدها الشعب الفلسطيني وحده نوعية الحياة التي يريدها، ونوعية العلاقات التي يقيمها مع العالم. ومهما تعدّدت وسائل النضال، فإنها يجب أن تستند إلى مبادئ حقوق الإنسان، وفي مقدمتها حقوق العيش بسلام وكرامة في بيئة آمنة.
ـ الديموقراطية وسيلة بناء الشعب الفلسطيني حول قضيته، والمقصود بالديموقراطية هنا ليس التصويت والأغلبية، فقضية فلسطين تتطلب إجماعًا فلسطينيًا، وإذا تعذّر، فإن التوافق على حلولٍ وسياساتٍ يقبلها كل الفلسطينيين، فلا إقصاء لأي فكر أو مكوّن ولا يتحدث أحد باسم الشعب الفلسطيني، إلا من يمثل الإجماع أو التوافق. كما أن الديموقراطية والتوافق لا يعنيان أن يمنع أي فلسطيني، فردًا كان أو فئة، من الدعوة إلى أفكار إبداعية جديدة.
ـ نموذج الشخصية الفلسطينية التي يهدف لها المنهاج هو شخصية واثقة، لا تشعر بالنقص، قوية لا تتراجع، حوارية منفتحة، تستمع لكل رأي، تمتلك مهارات: الوعي بالذات، والثقة بالذات، واحترام الآخر. التفكير الناقد، وقراءة الأفكار، وتحليل المواقف. الصمود النفسي وعدم اليأس أمام الصعوبات. المبادرة والمبادأة وتقديم أفكار جديدة. الانخراط في العملين، الجمعي والمدني التطوعي. التمسّك بالفكر المقاوم المتفائل. بثّ روح الأمل والممكن أمام التحديات. البحث المستمر عن الأسئلة الفلسطينية الكبرى وعن إجابات لها.
أهداف ومحتوى
يهدف المنهاج الى بناء الوعي بالقضية الفلسطينية لدى أبناء الشعب العربي، من خلال تحقيق الأهداف الآتية: الوعي بالمفاهيم الأساسية للقضية الفلسطينية، مثل التحرير والاحتلال والوطن والعودة والمقاومة. إكساب المتعلمين مهارات البحث، وبناء المعرفة في القضية الفلسطينية. الوعي بإبعاد القضية الفلسطينية: محليًا وعالميًا. ممارسة مهارات التواصل الناجح والتأثير في الآخرين. بناء رأي عام محلي وعالمي حول الحقوق الفلسطينية.
ومن أجل بناء محتوى المنهاج، تم إعداد استبانة وزعت على عشرين خبيرًا تربويًا في عمّان. طلب منهم تحديد المفاهيم الضرورية لمنهاج حول القضية الفلسطينية، وتحديد درجة أهمية كل مفهوم. ثم أتبع ذلك جلسة عصف فكري، نتج عنها الاتفاق على المفاهيم والمهارات والقيم الآتية، لتكون أساسًا لمنهاج قضية فلسطين.
1- مفاهيم تتعلق بالحقوق الفلسطينية، وتشمل: حق تقرير المصير، العيش في وطن، الهوية الفلسطينية، الدولة الفلسطينية، الحق التاريخي.
2- مفاهيم تتعلق بالتحرير، وتشمل: المقاومة، الحوار والمفاوضات، بناء تحالفات عربية وإسلامية، الشهادة، حق العودة، رفض الاحتلال، دعم الأسرى، الصراع الوجودي، الحرب.
3- مفاهيم ثقافية فلسطينية، وتشمل: التراث الفلسطيني، الأدب والشعر والفن. المنتجات الفكرية، التراث الثقافي العالمي، أدب المقاومة، التراث المادي والمعنوي، الملابس الشعبية، الأغاني والاحتفالات.
4- مفاهيم حضارية دينية، وتشمل: القدس، البعد الإسلامي والمسيحي، مسجد الأقصى وكنيسة المهد والقيامة.. إلخ.
5- مفاهيم ذات صلة بالتأثيرات السلبية، وتشمل: وعد بلفور، سايكس بيكو، المفاوضات غير المتكافئة. اتفاقيات كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة، الصلح والتطبيع، الاعتراف المجاني بإسرائيل.
6- مفاهيم دولية، وتشمل: مجلس الأمن وقراراته، المنظمات الدولية، المحكمة الجنائية الدولية، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، القانون الدولي، اليونسكو، حقوق الإنسان.
7- المبادئ الثابتة، وتشمل: حق الشعب، حق الفلسطيني، حق العودة، الاستقلال والسيادة، القدس العاصمة، المساهمة في الحضارة الإنسانية.
8- نتاجات سلبية، وتشمل: المخيمات، اللجوء، الصراع أو النزاعات الفلسطينية العربية، غياب الهوية الفلسطينية، حقوق الفلسطيني المنقوصة.
9- مفاهيم الوعي بخطط العدوّ، وتشمل: الفكر الصهيوني، الدولة الدينية، تجنيد العملاء، الموساد، التجسس، سرقة التراث الفلسطيني، والاستيطان.
هذه هي المفاهيم الأساسية، التي يجب أن تستند إلى القيم: العدالة، الكرامة، حقوق المرأة، حق المقاومة، الديمقراطية، احترام الذات والآخر، العمل في فريق، الحوار والتواصل.
سيناريوهات التنفيذ
ينفذ المنهاج من خلال الاستراتيجيات الآتية:
قد يهمك أيضًا:
حافلة تحتضن أطفال اللاجئين العالقين على الحدود المكسيكية الأميركية
أولًا: بناء مصفوفة فلسطينية: والمقصود حصر المفاهيم الأساسية للقضية الفلسطينية وتوزيعها حسب أعمار الأطفال، وتحديد ما يناسب كل عمر، بحيث تنمو المفاهيم مع تطور نمو الطفل. ويمكن أن يبنى مجمع تعليمي "موديول"، حسب كل مفهوم، يقدّم إلكرتونيًا أو ورقيًا، حسب الحاجة والإمكانات المتوفرة. وفي حال قبول بعض الأنظمة العربية هذا المنهاج، يمكن توزيع المفاهيم الفلسطينية عبر جميع المواد الدراسية، وعبر جميع الصفوف لا مادة مستقلة، ففي الرياضيات مثلًا يمكن ربط بعض المسائل بجغرافية فلسطين أو عدد الأسرى أو الشهداء... إلخ. وفي العلوم، يمكن إبراز دور العلماء الفلسطينيين، والثروات الطبيعية الفلسطينية من معادن وغيرها. وهكذا في بقية الدروس.
ميزة هذا السيناريو، إن كان مقبولًا (أعتقد غير ذلك) أن يبني وعيًا متكاملًا بالقضية الفلسطينية، من دون إضافة أي عبء على الطالب أو برنامج الدراسة. أما في حالة رفض الأنظمة العربية (وهذا هو المرجح) يمكن تقديم "موديولات" المفاهيم الإلكترونية والانتقال بالطلبة من مستوى إلى آخر.
ثانيًا: بناء كتب عادية، وتحقيق الأهداف المطلوبة، بحيث تراعي مستويات الطلبة. ويمكن أن ينجح هذا السيناريو شعبيًا بتداول هذه الكتب خارج النظام التعليمي، ويزداد نجاح هذا السيناريو بنجاح تأليف كتب للأطفال، ترسّخ الوعي بالقضية وفق مستويات مختلفة.
ثالثًا: بناء منهاج إلكتروني يتضمن ما نريد أن نوصله من مفاهيم عابرة للحكومات والأنظمة.
ويمكن تطبيق السيناريوهات الثلاثة مجتمعة، بإصدار منهاج إلكتروني، أو إصدار كتب أو موديولات المفاهيم. كما يمكن تطبيق أحدها أيضًا، حسب الظروف، فالدول العربية قد لا تقبل إدخال القضية الفلسطينية مادة مستقلة على مناهجها. ولكن يمكن إقناعها من خلال المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)، بتضمين الكتب الحالية مفاهيم أساسية عن فلسطين وقضيتها. كما أن سيناريو الكتب والموديولات يمكن أن يكون عابرًا للحكومات، ولا سيطرة عليه. ولذلك يبدو حلًا عمليًا أكثر. وستشجع منظمات عديدة في المجتمع المدني فكرة المنهاج، كما أن المواطن العربي حريص على توعيةٍ بمنهاج على القضية الفلسطينية.
قد يهمك أيضًا:
التحاق 300 من الطلبة العراقيين ببرامج دراسية في أفضل 200 جامعة بالخارج
69% من الإماراتيين يرون أن طرق تدريس اللغة العربية بحاجة إلى التطوير
أرسل تعليقك