حمل رجل هندي الجنسية لواء المحافظة على اللغة العربية، رافعاً العديد من الشعارات الداعمة لاستخدام اللغة العربية الفصحى، مردداً عبارة "اكسر عظامي ولا تكسر المنصوب"، وحيناً آخر يقول: "إنني أغار على اللغة العربية أكثر مما أغار على زوجتي".
أبو صالح أنيس لقمان الندوي تحدث عن قصة عشقه للغة العربية، قائلاً: "ولدت في مدينة هندية تدعى ماليغان، وهي مدينة يعمل أغلب سكانها في مجال النسيج. والدي كان نساجاً، وطفولتي كانت عبارة عن قسوة وحرمان بسبب الفقر. لكن حياتي كانت سعيدة من ناحية أخرى لالتحاقي بالمدرسة، وتفوقي في الدراسة، نظير حرص والدتي على تعليمي وغرس حب القراءة ومصادقة الكتب".
وأضاف: "رحلتي مع اللغة العربية بدأت بصدفة غريبة، عندما سجلني والدي في معهد ديني اسمه "بيت العلوم" والذي غير مسار حياتي، حيث تفوقت في دراسة اللغة العربية. بعدها فكرت بالسفر إلى العالم العربي. وبعد أن زار الشيخ زايد آل نهيان - رحمه الله - الهند في بداية التسعينيات، وجدت في نفسي شغفاً للاطلاع على ثقافة الإمارات. بعد أعوام بدأت في مراسلة بعض القطاعات في الإمارات، وترجمة بعض الكتب من الأوردية إلى العربية، كما نُشرت لي مقالات في بعض الصحف، وتلقيت عرضاً من إحدى المدارس الخاصة في الإمارات لتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها. وحصلت حينها على وظيفة مدرس أول للغة العربية، وذهبت إلى الإمارات في العام 1996 ومنذ ذلك التاريخ كانت اللغة العربية هي تذكرتي لدخول الإمارات وهمزة الوصل للتعامل الثقافي بيني وبين الناس".
وأبان أبوصالح أنه استمتع بالعديد من المواقف والعلاقات مع المثقفين بفضل إجادته اللغة العربية، وقد كان أول هندي تُرخص له وزارة التربية والتعليم الإماراتية تدريس التربية الإسلامية. كما عمل في الإدارة وتطوير المناهج وتدريب المعلمين بالمدارس الخاصة في أبوظبي، والتحق في "مؤسسة سدرة" لدمج ذوي الإعاقة عام 2014 كرئيس إدارة البحوث.
وعن سيرته الذاتية، أوضح أنه تلقى تعليمه الابتدائي حتى الصف السابع في مدرسة نظامية حكومية في الهند، ثم التحق بإحدى المدارس الدينية في مسقط رأسه، ليدرس علوم القرآن والحديث والفقه على الطريقة التقليدية، وتخرج فيها عام 1983 ثم التحق بـ"دار العلوم ندوة العلماء" في الهند، حيث أتم دراسة المنهاج لنيل شهادة "العالمية" في علوم الشريعة واللغة العربية وآدابها، وبيّن أبو صالح أن خريجي هذه الجامعة يلقبون بـ"الندوي" كما يُلقّب خريجي الأزهر بـ"الأزهري".
عمل أبو صالح مع الداعية والمفكر الإسلامي وحيد الدين خان، في "مركز الدعوة والبحوث" في نيو دلهي كباحث ومترجم، وشارك في تأليف عشرات الكتب بالأردو وبالإنجليزية، كما ترجم مئات المقالات وبضعة كتب إلى العربية، بما فيها "تاريخ الدعوة الإسلامية" و"التذكير القويم في تفسير القرآن الكريم"، وعمل لأكثر من 20 عاما في الإمارات العربية في مجال تطوير المناهج.
ويعمل أبو صالح حالياً بالمكتبة الخاصة للشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي، كمنسق للشؤون التعليمية، وفي "مؤسسة سدرة" كرئيس إدارة البحوث.
ويقول أبو صالح: "طالبت في العديد من مقالاتي بإيجاد امتحان "توفل" العربية والتنفيذ الجاد لهذا النوع من الحماية للغة العربية، وما جعلني أتوجه نحو هذا الأمر هو ما أراه من تجاوزات لقواعد اللغة العربية والأخطاء من أبنائها، واقتراحي بـ"توفل العربية" هو للعرب ولغير العرب مما سيكون له أثر إيجابي على اللغة العربية والحفاظ عليها أمام الغزو الثقافي".
وكتب أبو صالح العديد من المقالات في صحيفة "الاتحاد" الإماراتية عن الظواهر التي تؤرق علماء الدين والمصلحين الاجتماعيين، وعن كيفية التعامل مع السيرة النبوية، وعن تفاقم أزمة لغة الضاد بين أبنائها رغم الاحتفاء بيومها العالمي كل عام، وعن عمله مع وزارة التربية والتعليم الإماراتية.
وختم حديثه: "أسعدني التفاعل الجميل عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع قصتي، وتناقل أحاديثي ومقولاتي، والتي كان لها صدى كبير في الأوساط المحلية في الإمارات، عن طريق مئات الزملاء وأولياء الأمور الذين عرفتهم وعرفوني على مدى ربع قرن مضى، ولاسيما عند حديثهم عن اللغة العربية والالتزام بها في مخاطباتهم".
وقد يهمك ايضًا:
الأزهر الشريف يعلن عن أول مسابقة عالمية لحفظ القرآن
المفتي العام للقدس يُحذر من تداول نسخة من "القرآن الكريم"
أرسل تعليقك