البحث عن طرق تعبير مختلفة في كتابة القصيدة عما ألفه الأجداد مع الحفاظ على أدواتهم ذاتها هو محور تجربة الشاعر الدكتور سمير سلهب الذي يسعى لأن يحمل نصه أبعادا أخرى تتمثل في تمجيد الحب والحرية ومقاومة كل أشكال العدوان على الذات الإنسانية.
الشاعر سلهب الذي كان حاله ككثير من الأطباء ممن استهوتهم كتابة الشعر يرى خلال حديث مع سانا الثقافية أن لكل عصر ملامح وبيئات وأفرادا وتقانات جديدة تغني حياة الناس معتبرا أنه لم يعد مناسبا أن نحتفي بذات العناصر التي كانت تثير دهشة الاجداد.
ورغم أن سلهب يدعو لابتكار طرق تعبيرية جديدة إلا أنه لا يخفي إعجابه بشعرنا القديم وبقاماته عبر العصور ولاسيما تلك الغنائيات الرائعة بجرسها العالي وهي تصور بأمانة خلجات نفس العربي وانعكاس مفردات بيئته الصحراوية عليه وتفاعله معها.
ويتوقف سلهب عند تجارب الشعراء المحدثين الأوائل من أبي النواس وأبي تمام وبشار بن برد ثم المتنبي وأبي العلاء المعري ليجد أن اشعارهم فارقت نمط ما وجدوا عليه أسلافهم ممن تتلمذوا عليهم واصبحت لغتهم ذات طابع مدني أكثر مؤكدا أن التحديث ليس أمرا مستنكرا بل مشروع ومطلوب.
ويعتبر الشاعر الطبيب أن الحداثة الشعرية اليوم هي وليد شرعي جميل لجهود عشرات المبدعين في تاريخنا القديم والمعاصر بما أبدعوه في تجاربهم المميزة واصبحوا علامة فارقة في الشعر العالمي المعاصر من ادونيس ومحمود درويش ومحمد الماغوط وأنسي الحاج وغيرهم.
وعن اللحظة التي يذهب فيها إلى نظم القصيدة يرى سلهب في الكتابة لحظة ولادة حقيقية تستدعيه لها في أغلب الأوقات وقد تكون يسيرة أو عسيرة حسب الظرف النفسي والبيئي الذي يحيط به.
وحول تماهي نصه الشعري مع فلسفة النفس يعيد سلهب ذلك لنظرته للحياة بأنها رحلة في فلسفة العدم والوجود والموت ليكون دور الشعر تمجيد لحظات معينة والاحتفاء بمواقف مميزة في الحياة وبوقفات خاصة في مواجهة الموت فالشعر عنده ذاكرة النفس البشرية بانفعالاتها وتموجها وهدوئها وفي حبها وبغضها وأخيرا هو تاريخ خاص للإنسان.
ويكشف سلهب عن حلمه الذي يراه عند أكثر الشعراء بعالم يحترم الإنسان ويصون حريته وكرامته ويحقق للبشر احتياجاتهم الإنسانية في العدالة والعيش الحر الكريم ورفض كل ما يعوق وصول الإنسان إلى حقوقه.
وحول المقومات التي لا بد منها للقصيدة يعتبر سلهب أنها سواء كانت من النمط التقليدي للقصيدة العربية القديمة أم جاءت متحررة من الوزن والقافية فلا بد أن تحوي الكلام المثير للدهشة والعاطفة الذي يوحي ويلهم أكثر مما يعبر ويشرح والمتآلف بإيقاع موسيقي جذاب والمحلق على متن أخيلة مع عمق الصور والمعاني والمسبوكة بلغة سامية تشي برؤيا شخصية مبدعة ومميزة لكاتبها.
وعن رأيه بالشعر المقدم في المرحلة الراهنة يؤكد سلهب أن قريحة الأمة لا تنضب وهناك من الشعراء المعاصرين الذين اطلع على نتاجهم وجهودهم ما يجعله يعتز بانتمائهم لعصرهم لأن تاريخ الادب سيخلدهم كما خلد الهامات الكبيرة من مبدعي أمتنا.
ويدعو مؤلف مجموعة ليس ثمة إلا أنت الشعراء الشباب أن ينموا ثقافتهم الخاصة والعامة وأن يقرؤوا تجارب الشعر بدءا من العصر الجاهلي وحتى اليوم وأن يطلعوا على مدارس النقد وأن يغنوا فكرهم بكل قديم وجديد من الأدب العالمي وأن يخلصوا لموهبتهم التي حبتهم إياها الفطرة الإنسانية برعايتها وصقلها وتدريبها وألا يستسهلوا النشر وإذاعة ما كتبوه لأن النشر برأيه مسؤولية تاريخية تحتاج لجرأة كبيرة وثقة بالنفس المبدعة.
وقد يهمك أيضا:
معرض الكتاب يختتم فعالياته بتكريم أدباء وفنانين وناشرين
أرسل تعليقك