دمشق - سورية 24
كان النحت التدمري على الجص فناً سائداً ومرافقاً كعنصر جمالي إضافي في أسقف الأبنية وواجهات المدافن في تدمر حيث أظهرت المكتشفات الأثرية المعاصرة للمنحوتات الجصية المزخرفة تفرد التدمريين في صناعة الجص بحرق الحجر الكلسي.
ويوضح مدير سياحة تدمر الباحث جميل عمر القيم في حديثه لمراسل سانا أن أبرز أنواع النحت الذي اعتمده الفنان التدمري قديما هو الذي يسمى حالياً “ريليف” حيث يقوم الفنان بنحت الأشكال على الجص الموضوع على الجدار أو السقف وتستخدم طريقة لإضافة وإيجاد بروزات أكثر ظهوراً.
ويبين القيم أنه نظراً لعدم مقاومة الجص لعوامل الرطوبة فقدت معظم التزيينات الجصية في البيوت التدمرية مبيناً أن تلك التزيينات تشمل أفاريز جدارية ولوحات وزخارف واجهات قناطر ونوافذ وأبواباً وأسقفاً فضلاً على تماثيل توحي بعبقرية الفن التدمري الذي ضاهى الفن اليوناني.
ويستعرض القيم بعضاً من هذه الأعمال ومنها لوحة لإفريز يصور طائراً يأكل حبات رمان وتظهر مهارة النحات الذي قام بنحته مباشرة على الجص ولا يخلو الإفريز من الألسنة وترمز للحكمة عند الأغريق ومن البيوض وترمز للتجدد والاستمرار في الحياة.
ويلفت القيم إلى تألق الفنان التدمري حيث استخدم مخططاً هندسياً دقيقاً يعتمد على تقسيم السطوح إلى وحدات متساوية في الطول والعرض وذلك باستخدام المربعات ثم قام باستخدام الفرجار برسم دوائر متقاطعة كانت الأساس لرسم المثمنات المتجاورة.
وتوقف القيم عند براعة الفنان التدمري باستغلال الفراغ الناتج بين المثمنات برسم مربعات في داخلها زهور رباعية الورقة حيث نفذ هذا العمل وفق مخطط هندسي مرسوم بدقة على ورق بردي ثم تم تكبيره باستخدام شبكة المربعات وهي طريقة معتمدة في كل الحضارات والتي نجد أنماطاً وأشكالاً كثيرة منها في المدافن التدمرية.
يذكر القيم أن الفنان التدمري كان له ولع كبير قديماً في نحت ورقة نبات الكرمة وأغصانه وعناقيده حيث أتقن نحتها وصناعة العديد من النماذج والأشكال التي زين بها واجهات القناطر والمداخل والنوافذ والأبواب.
ويعتبر الباحث القيم أن المنحوتات التدمرية الجصية إنما كانت نتيجة لفعل المثاقفة بين تدمر والمراكز الثقافية في العالم في إطار التأثيرات الفنية للثقافات الأخرى مع التركيز على مبدأ الأصالة التي تعتبر من الخصائص الرئيسة للحضارة السورية بشكل عام.
قد يهمك ايضاخالد سرور يوضح أن معرض "رحلتي" يقدم لوحات تشكيلية مفعمة بالأحاسيس
توقيع كتاب (أشياء العالم الصغير) للأديب وفيق سليطين
أرسل تعليقك