ضمن مشروع “زمن الحرب وما بعد الصراع في سوريا” توصلت دراسة أجرها باحث سوري إلى أن تركيا “فرضت تغييراً ديمغرافياً هادئاً وسريعاً في عفرين عبر إحلال سكان عرب من المهجرين والنازحين محل الأكراد المهجرين”، وأنها تعمل على بلورة “سياسة تتريك” للمنطقة بهدف ربطها بها على المدى المتوسط.
الدراسة أجرها الباحث السوري خير الله الحلو تحت عنوان “عفرين بعد السيطرة التركية: تحولاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية” لصالح مشروع”زمن الحرب وما بعد الصراع في سوريا” بإشراف مركز روبرت شومان للدراسات العليا في الجامعة الأوروبية في فلورنسا، وفق مقدمة البحث
وجاء في الملخص التنفيذي للبحث أن قيام فصائل ما يسمى بغصن الزيتون خلال الأشهر الاولى من سيطرتها بمشاركة الجيش التركي، بانتهاكات واسعة من “سلب وخطف واستيلاء على ممتلكات المدنيين، دفع الأكراد إلى مغادرة عفرين”.
وتقول الدراسة أن انقرة كرست مناخاً من “الفوضى المنضبطة وفرضت معادلة أمنية قلقة”، ما عزز لدى المجتمع المحلي بعفرين عوامل الخوف المستمر.
وتذكُرُ الدراسة أن تركيا لم تفرض نموذج حكم ذاتي في عفرين، “في دلالة على تفاهم مع روسيا ضمن مسار آستانة يقضي بعدم تحويل مناطق السيطرة التركية إلى منصات بديلة أو منافسة للدولة السورية”.
وإنها مارست سياسة “التوكيل والإشراف” وأحدثت تغييراً في نسبة التمثيل السكاني، “فارضة تقسيماً غير عادل كان للعرب الحصة الكبيرة منه وأُسساً لوجود التركمان بصفتهم القومية”، بحسب ما ورد.
وتذهب الدراسة إلى تراجع الوضع الاقتصادي في المنطقة الذي كان مرتكزاً على الزراعة وغابت التنمية المحلية في مقابل خطط الاستثمار لصالح التجار الاتراك.
وينقسم البحث إلى أربعة أجزاء، يتناول أولها بناء تركيا لنظام عسكري وأمني جديد في عفرين، تكون هي المرجعية العليا فيه، وبحيث تكون الفصائل تحت امرتها، برقابة من الشرطة العسكرية عليها. بينما تضبط الشرطة المدنية أوضاع المدنيين فيها.
ويتناول الجزء الثاني من الدراسة بناء تركيا لمجالس محلية جديدة بلا إرادة و لا تراعي التمثيل الصحيح للمكونات، كما أوجدت نخب سياسية جديدة مقربة من أنقرة، مع توفيرها للخدمات العامة.
بينما ركز الباحث في الجزء الثالث على واقع التغيير الديمغرافي والسكان الأصليين قبل وبعد معركة عفرين، وتوطين مهجري حمص والغوطة قسراً.
بينما يتناول الجزء الرابع تغير تركيا للنظام الاقتصادي عبر تقييد الانتاج الزراعي والصناعي وفتح المنطقة أمام الشركات التركية.
اقرأ أيضًا:
موسكو تنفي مشاركة قواتها البرية في معارك ريف إدلب
وخلصت الدراسة في خاتمتها إلى عدة نتائج منها أن تركيا انتهجت “سياسة صارمة محددة المعالم” في عفرين بعد السيطرة عليها، وذلك عبر مسارات عدة من المسار الأمني، بحيث طوعت فصائل ما يسمى بغصن الزيتون ولم يبق من يتجرأ على مخالفتها.
و تضيف أن تركيا تنتهج سياسة اقتصادية هدفها “ربط عفرين بالمستثمرين الأتراك”، متوقعة أن تبرز شركات تركية كبرى قريبا فيها.
وتؤكد الدراسة على أن تركيا تعمل على بلورة سياسة تتريك سريعة ولكن هادئة، بهدف ربطها بها على المدى المتوسط، آخذة بعين الاعتبار الاحتمالات لمستقبل سوريا فإن اتجهت نحو التقسيم تكون انقرة قد “اخذت حصتها مسبقاً”.
بالإضافة إلى عملها على ضمان أن يكون لها نفوذ سياسي كبير داخل سوريا في مرحلة ما بعد الحل السياسي.
وتنتهي الدراسة إلى أن دور تركيا في عفرين يبقى مرهوناً بعلاقتها بموسكو التي اصبحت التحدي الوحيد في وجه تركيا، بعد أن تمكنت من ضبط كل المسارات في عفرين.
وسبق أن اتهمت أحزاب ومنظمات حقوقية كردية تركيا ممارسة سياسة ممنهجة بحق سكان عفرين، وإجبارهم على ترك أراضيهم والهجرة ضمن مساع لأحداث تغييرات ديمغرافية فيها.
قد يهمك أيضًا:
روسيا تدخل المعركة الى جانب الجيش السوري في حماه وموسكو ترد
الشرطة التركية تتربص بالسوريين في أحياء اسطنبول
أرسل تعليقك