حمص - سانا
في مشهد تراثي يعيد ذاكرتنا إلى التاريخ السوري العريق تألقت الأعمال الفنية والحرفية في أروقة قصر الزهراوي الذي يتوسط مدينة حمص القديمة بطرازه المعماري الفريد والذي جعل منه واحداً من أهم المعالم الأثرية في سورية.
القصر الذي تم بناؤه قبل سبعمئة وخمسين عاماً من حجر البازلت الأسود الذي يميز مدينة حمص غدا اليوم بفضل مئات الأعمال الفنية التي احتضنها في إطار مهرجان التراث السوري الذي نظمته مديرية السياحة بالتعاون مع المحافظة ودائرة آثار حمص وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أشبه بلوحة بانورامية تكتنز بين خربشاتها نمانم فنية بحرفية أتقنتها اليد الحمصية فأبدعت في مختلف أصناف الفنون من رسم على الزجاج ورسم عجمي ونقش على النحاس وصناعة الفخار وصناعة وغزل الحرير الطبيعي والتطريز على القماش وصناعة المكرميات ولوحات الموزاييك على الرخام فضلاً عن صناعات يدوية تراثية تطبعت بها مدينة وميزتها لتضاف إلى اللوحة الفسيفسائية التي تجمع مختلف فنون الفن السوري.
في أجنحة القصر الذي تتوسط فسحته السماوية بحرة ماء أثرية بنيت من حجر البازلت الأسود والمحاطة من الجهات الأربع بقناطر بداخلها حجرات صغيرة ذات ارتفاع يعلو عن سطح باحة القصر ركنت الأعمال الفنية لتضيف جمالاً آخر إلى جمال القصر الذي تشهد كتاباته الأثرية على أنه كان يوماً ومازال معلماً يرتاده السياح ومقصداً لكل متلذذ لجمالية الفن المعماري السوري.
عن الأعمال الفنية التي احتضنها القصر أوضح طارق سفر مدير مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في حمص الذي تشارك مجموعته المؤلفة من خمسة عشر شابا وشابة من طلبة الجامعة وخريجيها بعشرات الأعمال اليدوية والحرفية على مواد الخشب والنحاس والحرير والرخام.. إن هذه المشاركة تأتي ضمن المشاريع التي تنفذها ورشات البرنامج وتهدف إلى تشجيع الروابط الاجتماعية من خلال نشاطات اجتماعية وفنية وحرفية حيث تتيح مثل هذه المعارض الدعم لهؤلاء المبدعين والأخذ بيدهم لمزيد من العطاء.
وفي جناح آخر من أجنحة القصر يشرح سامي زكي نداف والحرفي الوحيد في حمص على آلة النول الأقدم في سورية أنه يقدم من خلال منسوجاته على الحرير والقصب للأجيال فكرة عن هذه الصناعة التي تعد من التراث القديم وبأن حمص لاتزال تكتنز هذه الصناعة الفريدة والمتميزة.
الحرفي زكريا كركوش يقدم هو الآخر بأعماله الفنية على الفخار لوحة جميلة لهذه الحرفة التي انفرد بها أيضاً مع عائلته في مدينة حمص فصقلها أبا عن جد وأبدع فيها وكانت تصاميمه شواهد على هذا الإبداع.
في رواق آخر يسطع إبداع الفنان المحترف أحمد سعيد كردي من خلال رسمه على الأواني الزجاجية بالخط العجمي الدمشقي وبألوان نافرة تارة وكتيمة عاتمة تارة أخرى لتغدو لوحات فنية مرصعة باللون الذهبي أو الفضي النافر مقدماً لمسة إضافية إلى جمالية الحرف الأخرى.
مهندسة الديكور رنا أحمد غميض افترشت لوحات وتصاميم ورشتها “فينيق” على جدران وطاولات واحد من أجنحة القصر والتي جعلت من المكان أشبه بلوحة سريالية تتنوع فيها الألوان والزخارف والتصاميم التي أخذت موادها الأولية من الطبيعة فشكلت منها لوحات تراثية متميزة تطمح من خلالها إلى العالمية.
الشاب المبدع يزن مرعي قدم مشروعه “خمر عتيق” أسلوبا فنيا آخر في الحرفية التراثية عبر الاشتغال على مادة الخشب ليشكل نماذج فنية متميزة.
في جانب آخر من أجنحة القصر جلست سيدتان تحيكان الملبوسات الصوفية والشالات وهي حرفة تفننت بها المرأة الحمصية فأبدعت لبيتها وأولادها أروع الأزياء والتصاميم الشعبية.
أرسل تعليقك