من المعروف أن المتابعة لشبكات التواصل الاجتماعي تبلغ ذروتها فترة المساء، لأنه في العادة وقبل أزمة كورونا، هذه الفترة تكون بعد يوم كامل في العمل مما يعطي المجال للناس لزيارة حسابات المشاهير والأصدقاء والمؤثرين. واليوم زادت المتابعة وخلقت جائحة كورونا «المستبد» نمطاً جديداً وبرامج «ثابية» (إذا صح التعبير) تجعلك تفكر فعلياً في مستقبل التلفزيونات في ظل توفر التكنولوجيا التي تمكن الناس من التواصل من منازلهم بتقنية عالية الجودة وبأرخص ثمن.
منذ أن فرض علينا فيروس كورونا الحجر المنزلي، ظهرت نشاطات عديدة تساعد الناس على تمضية الوقت الطويل في المنزل، خاصة أن هناك بعض المدن التي منع فيها التجول بشكل تام، فكان لا بد من خلق أفكار سريعة لتفادي الملل والوقوع في بؤرة البؤس والكآبة.
وفي آخر مارس (آذار) الماضي، أطلقت شركة «إنستغرام» إمكانية التواصل والمشاهدة الجماعية للصور والتكلم عبر الصوت والصورة مع أكثر من شخص وفي الوقت نفسه. وهذا الأمر سهل عملية مشاهدة ما يدور وينشر على «إنستغرام» بدلاً من أن يقوم كل شخص على حدة بتحميل الفيديو الذي يود مشاهدته، كما أن هذه الطريقة تؤدي إلى التواصل الفعلي ما بين الأصدقاء، فيشعرون وكأنهم يجلسون في مكان واحد ويشاهدون الفيديو الذين يريدون رؤيته بالوقت نفسه.
إلى جانب تسجيلات «تيك توك» التي يعتبرها البعض أنها تناسب المراهقين وهي من علامات الملل التام عندما يقوم بها المشاهير من الوزن الثقيل. أكثر ما يجري حالياً هو قيام المشاهير بالإعلان عن بث حي مع شخص مشهور آخر في وقت معين، ويتم الإعلان عبر وسائل التواصل الاجتماعية مثل «تويتر» و«فيسبوك» وبما في ذلك «إنستغرام»، وما أن يأتي المساء حتى يشتعل الـ«إنستغرام» بعلامات الـ«لايف» في أعلى شاشة الهاتف، فنسبة المشاهدة تكون عالية جداً، والمواضيع التي تطرح شيقة في الكثير من الأحيان وتستحق المشاهدة، وهذه الظاهرة عالمية وليست حكراً على أمثال جنيفر لوبيز ومايلي سايرس وريتا أورا وغيرهن من نجوم هوليوود إنما على نجوم ونجمات العالم العربي في جميع المجالات.
الإعلامية ميسون عزام في قناة «العربية» كانت من بين أولى المقدمات اللاتي بدأن البث الحي على حسابها على شبكة «إنستغرام». استمر البث لحوالي أربعين دقيقة، وكانت نسبة المتابعة عالية جداً والتفاعل كان قوياً، وطرح المتابعون الكثير من الأسئلة التي كانت في سياق العمل الصحافي والوضع الحالي وأزمة العزلة التي من شأنها أن تترك أثراً واضحاً على الناس ما بعد كورونا، والعمل من البيت بالنسبة للصحافيين والإعلاميين.
في اتصال مع ميسون عزام التي قامت لغاية اليوم بإجراء مقابلات عديدة على هواء «إنستغرام» كل ليلة في تمام الساعة العاشرة بتوقيت دبي، سألناها عن السبب الذي دعاها إلى القيام بهذه الخطوة، وعن طريقة انتقائها للضيوف وعن المواضيع التي تتطرق إليها معهم.
بدأت ميسون بالقول إنها أرادت التواصل مع الناس في مواضيع مختلفة، لأن كل موضوع وراءه قصة، «أختار أشخاصاً يبعثون على الأمل. فعلى سبيل المثال، استضفت شاكر خزعل، الذي فتح أمام الناس تغيير الحبكة في الرواية، ووفر الفصل الأول مجاناً أمام القراء خلال الحجر، وقابلت الزميل في (العربية) محمد أبو عبيد، والغاية هي تقديم محتوى جيد، فالاستمرارية مهمة والنجاح وإلقاء الضوء عليه ضروري، كما استضفت عضوان الأحمري رئيس تحرير صحيفة (اندبندنت العربية)، وكان الحوار شيقاً جداً، وتكلمنا عن الدورة التدريبية التي تنظمها الصحيفة للمهتمين بالعمل الصحافي».
وتابعت عزام: «من المهم جداً خلق محتوى يشد المتابع، وهذا ما أفعله في برنامج (الخامسة) الذي أقدمه على شاشة (العربية)، لأنه من المهم جداً مشاركة المشاهدين القصص، كما أن فرصة البث الحي على (إنستغرام) تساعد الطرفين على الإدلاء بآرائهما، وهذا ما أؤمن به، لأن للجميع الحق بعرض أفكارهم وآرائهم، وعلى الغير تقبلها واحترامها».
«إن لم تختلف الأذواق لبارت السلع» هذا ما قالته ميسون بتعليقها عن البث المباشر الذي يقوم به «الفاشينستاز» والمؤثرون، ففي خلال العصور السابقة كانت توجد الصحافة الصفراء ومئات القنوات التلفزيونية التي يقدم بعضها المحتوى الجدي والجيد وبعضها يقدم المحتوى الخفيف، دعوتي ليست تقييم ما يقدم، دعوتي بأن نقدم كإعلاميين مواد مهمة ومحتوى مفيدا. فلكل منا دوره على وسائل التواصل الاجتماعي.
أما بالنسبة للعاملين في مجال العلاقات العامة فهم أيضاً بدأوا في البث المباشر ومقابلة الصحافيين والوجوه والأسماء المؤثرة، وقاموا من خلال مقابلاتهم بالحديث عن مستقبل الفنادق والمطاعم على سبيل المثال مع ذكر زبائنهم لضمان عودتهم إلى ساحة العمل بعد أزمة كورونا.
وساهمت برامج البث الحية على «إنستغرام» بنشر التوعية أيضاً من قبل العديد من مشاهير العالم العربي مثل جويل ماردينيان التي حددت منتصف الليل ليكون موعداً للبث الحي مع شخص آخر ووجهت دعوة لمساعدة المؤسسات الخيرية في لبنان لضمان وصول الغذاء اللازم للعائلات الفقيرة وغير القادرة على شراء الدواء والأكل.
التواصل الاجتماعي الوهمي فرق العالم قبل كورونا، ولكنه اليوم جعلنا نتواصل مع بعضنا فعلياً، وفتح لنا مجالات لرؤية العالم من داخل بيوتنا. ففي النهاية أصبح «الهواء هوانا» ونجوم العالم تسبح في الفضاء الافتراضي على أمل بأن يحمي الله الإنترنت والـ«واي فاي» لأنهما المتنفس الحالي الوحيد.
قد يهمك ايضا:
"فيسبوك"يعلن عن استثمار مبلغ 100 مليون دولار لدعم الناشرين
قصة حب في نيويورك في زمن "كورونا" تشعل مواقع التواصل الاجتماعي
أرسل تعليقك