أكد المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في جنيف السفير حسام الدين آلا أن تطهير المناطق المحررة من الإرهاب من الألغام والتوعية بمخاطرها ومساعدة ضحاياها أولوية لدى الحكومة السورية مشيرا إلى أن امتناع دول عن توفير الموارد المالية والتقنية المطلوبة لإزالة الألغام وربطها بشروط سياسية مصطنعة من شأنها تسييس هذا العمل الإنساني وزيادة أعداد الضحايا وعرقلة عودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم.
وأشار السفير آلا في بيان أمام المؤتمر الاستعراضي الرابع لاتفاقية الألغام الأرضية المضادة للأفراد في أوسلو اليوم إلى أن الجمهورية العربية السورية شاركت كمراقب في أعمال هذا المؤتمر انطلاقا من اهتمامها الكبير بمخاطر الألغام وبأضرارها الإنسانية وقال: لقد خلفت حرب الإرهاب التي تعرضت لها سورية خلال السنوات الماضية آثارا كبيرة على حياة السوريين في مناح مختلفة.
وأضاف: مع وجود مساحات واسعة من الأراضي التي زرعتها تنظيمات “داعش” و”جبهة النصرة” وغيرها من المجموعات الإرهابية بكثافة بالألغام والعبوات الناسفة بدائية الصنع في مناطق سيطرتها السابقة فإن تطهير تلك المناطق من الألغام والتوعية بمخاطرها ومساعدة ضحاياها هي أولوية تتعامل الحكومة معها من خلال استراتيجية عمل تشرف على تنفيذها الجهات الوطنية المعنية بمكافحة الألغام.
وتابع السفير آلا إن تطهير المناطق الملوثة بالألغام يعد شرطا مسبقا لإعادة الحياة الطبيعية إلى المناطق المحررة من الإرهاب وشرطا لتمكين السوريين الذين اضطروا للنزوح القسري داخل سورية وخارجها من العودة إلى مناطقهم الأصلية وبيوتهم مشيرا إلى أن الفرق المعنية بإزالة الألغام في القوات المسلحة السورية بدعم من القوات العسكرية الروسية العاملة على الأراضي السورية تقوم بتنفيذ خطط عاجلة لتطهير المناطق المحررة من التنظيمات الإرهابية من الألغام بخبرات وطنية وبالإمكانيات المتاحة.
وأضاف السفير آلا: على الرغم من النجاح المتحقق فإن تنفيذ استراتيجية العمل والإسراع في تطهير المساحات الواسعة من المناطق التي تم تحريرها من “داعش” و”جبهة النصرة” والمجموعات الإرهابية الأخرى يتطلب تسخير موارد مالية وتقنية تحد الإجراءات القسرية الأحادية المفروضة على الشعب السوري من القدرة على توفيرها ولهذا الغرض وقعت الحكومة السورية مذكرة تفاهم في شهر تموز 2018 مع دائرة الأمم المتحدة لخدمة الألغام “اونماس” للاستفادة من خبراتها وتأمين الدعم المادي والتقني المطلوب لتطهير المناطق الملوثة بالألغام والذخائر غير المنفجرة وتنفيذ برنامج توعية بمخاطرها.
ولفت إلى أن تنفيذ برامج التوعية بالتعاون مع الأونماس والمنظمات غير الحكومية قطع خطوات ملموسة من خلال تدريب وإعداد الميسرين من الجنسين ومن مختلف الأعمار وإطلاق حملات إعلامية شملت توزيع نشرات توعية وتوجيه رسائل نصية هاتفية ورسائل في وسائل الإعلام وفي مواقع التواصل الاجتماعي للتوعية بمخاطر الألغام والتخفيف من حوادث التعرض لها في كل المحافظات السورية دون تمييز موضحا أن الجهود للانتقال إلى المباشرة بالعمل الميداني تواجه عراقيل واضحة نتيجة امتناع الدول المانحة عن توفير الموارد المالية والتقنية المطلوبة وربطها بشروط سياسية مصطنعة لا علاقة لها بالطبيعة الإنسانية لعمليات إزالة الألغام ومن شأنها تسييس هذا العمل الإنساني وزيادة أعداد الضحايا وعرقلة عودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم ومنوها في هذا الإطار بالدعم السخي الذي قدمته جمهورية أرمينيا لتطهير المناطق الملوثة بالألغام في محافظة حلب.
وقال السفير آلا إن الجرائم الإرهابية التي ارتكبتها “داعش” و”جبهة النصرة” وغيرها من المنظمات الإرهابية واستخدامها المكثف للألغام والأشراك الخداعية والعبوات الناسفة بدائية الصنع جعل منها مصدر الخطر الأكبر على سلامة المدنيين ما خلف أعدادا كبيرة من الضحايا الذين فقدوا حياتهم ومن الناجين الذين يعانون من الإعاقة مشيرا إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بصفتها المنسق الوطني للجهود الحكومية حول التنمية الشاملة للأشخاص ذوي الإعاقة تعمل على تنسيق الاستجابة لاحتياجات ضحايا الألغام حيث ترمي التشريعات والتدابير الصادرة مؤخرا إلى تسهيل حصولهم على فرص التعليم والعمل والرعاية الصحية المناسبة لافتا إلى أن هناك اثني عشر مركزا تابعا للحكومة والجمعيات الأهلية توفر حاليا الأطراف الصناعية والرعاية الطبية النوعية والمجانية للضحايا في مختلف المحافظات السورية.
وأكد السفير آلا إن تحقيق هدف إخلاء العالم من الألغام الذي يتبناه المؤتمر ونجاح الجهود الرامية لتحقيق عالمية المعاهدة يتطلب معالجة المشاغل والتحديات القائمة وفي مقدمتها ترجمة التعهدات السياسية إلى موارد مالية لدعم تحقيق تلك الأهداف.
وأشار إلى أن الجمهورية العربية السورية تؤمن بالأهداف الإنسانية التي تتوخاها اتفاقية أوتاوا ولم تصبح طرفاً فيها نتيجة الظروف الراهنة والأوضاع الإقليمية المحيطة بها كما يعد توفير الدعم الدولي والموارد المالية والتقنية بحسن نية بعيداً عن المشروطية والتسييس والانتقائية بالتنسيق المباشر مع السلطات الوطنية ورفع الإجراءات القسرية ودعم جهود مكافحة الإرهاب مفتاح نجاح جهود تطهير الأراضي السورية من الألغام ومساعدة ضحاياها.
وأضاف السفير آلا: يشكل التواجد الأجنبي غير المشروع على أجزاء من الأراضي السورية واستخدام المجموعات الإرهابية المسلحة الألغام والعبوات الناسفة المرتجلة في أماكن تواجدها واستمرار الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري حيث يتعرض السكان السوريون هناك لمخاطر الإصابة بالألغام المزروعة بين بيوتهم وحول حقولهم وقراهم عوائق أمام إمكانية تحديد كل المناطق الملوثة بالألغام على الأراضي السورية وتطهيرها.
وأعرب السفير آلا عن أمل سورية بأن تسهم معالجة هذه المشاغل في المرحلة القادمة وتوفير المجتمع الدولي الدعم المالي والسياسي في التغلب على العقبات المشار إليها وخلق الظروف المواتية للوصول إلى عالمية الاتفاقية وتحقيق أهداف هذا المؤتمر.
وقد يهمك أيضا:
رئيس الحكومة العراقية يكشف عن نيته إجراء تعديل وزاري فريبًا
ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق تزور الجرحى
أرسل تعليقك