شهدت أسواق الدواء في سورية نقصًا ملحوظًا في أصناف عديدة منذ نحو أسبوعين نتيجة تأثير تشديد الحصار الاقتصادي والعقوبات الغربية المفروضة على البلاد منذ نحو عشر سنوات، إلى جانب توقف النقل بين الدول بعد ظهور جائحة كورونا في أنحاء العالم مما أثر على شحن بعض مدخلات الإنتاج والمواد الأولية من الصين والهند.أكدت نقابة الصيادلة في سورية أن الأمن الدوائي في البلاد ما زال بخير وسيتم ضخ الأدوية في السوق المحلية قريبًا داعيةً المواطنين أن يشتروا حاجتهم فقط.
“كورونا” ونقص المواد الأولية
أوضحت الدكتورة وفاء كيشي، نقيب صيادلة سورية في تصريح خاص لـ”سبوتنيك”، أن “الأمن الدوائي في سورية لا زال بخير ولن ينقطع الدواء من السوق وعلى المواطنين أن يأخذوا حاجتهم فقط لا أن يأخذ الشخص أربع علب دواء ويحرم غيره من المرضى الذين يحتاجون هذا الدواء”.
ولفتت الدكتورة كيشي إلى أن “سورية بكل معاملها وأماكن الإنتاج فيها تتعرض لحرب طويلة وحصار ظالم طال كل مناحي الحياة فيها وأن أزمة كورونا خلقت حالة عالمية من توقف الحياة والعمل، موضحة أن المادة الدوائية الأولية يتم استيرادها من الهند والصين، وبعد انتشار جائحة كورونا توقف النقل والشحن بين دول العالم، مما أدى إلى نقص هذه المواد في المعامل إضافة إلى حدوث قفزات كبيرة في سعر صرف الليرة السورية خلال الأشهر القليلة الماضية”.
وقالت: “قبل ظهور الجائحة كانت معامل الأدوية السورية مستمرة في الإنتاج لكن توقف الشحن أدى إلى نقص في المواد الدوائية الأولية مما أثر على صناعة الدواء، إضافة إلى ارتفاع أجور العاملين وارتفاع أسعار المحروقات وأسعار مستلزمات الإنتاج (الكرتون- الزجاج- النشرات الورقية- أدوات التغليف..) ورغم ذلك استمرت معامل بالإنتاج بطاقة إنتاجية أقل من المعتاد بسبب الخسائر التي لحقت بها وحتى لا تنفد موادها الأولية بسرعة، وهناك معامل نفدت منها هذه المواد بشكل كامل ولم تعد قادرة على تأمين مواد أولية جديدة، الأمر الذي أدى إلى نقص في بعض الزمر الدوائية في السوق المحلية”.
تسهيلات حكومية لمعاودة الإنتاج والتصدير
وعن الإجراءات المتخذة لإيجاد حلول وتأمين الدواء في السوق المحلية قالت الدكتورة كيشي: “كنقابة صيادلة تواصلنا مع جميع الجهات المعنية بقطاع الدواء وعقدنا لقاءات عدة مع وزير الصحة ورئيس مجلس الوزراء ووضعنا الجميع بصورة المشكلة والنقص الحاصل في الأدوية وقد أعطت هذه الاجتماعات نتائج إيجابية، حيث قدمت وزارة الصحة تسهيلات للمعامل حتى تستطيع تأمين موادها الأولية وتعويض خسائرها وتم السماح لها بالتصدير”.
وأشارت الدكتورة كيشي إلى وجود “خلل في آلية تسعير الدواء وهي بحاجة إلى إعادة هيكلة بحيث تأخذ بعين الاعتبار ارتفاع أسعار مستلزمات التصنيع التي تشكل 65% من كلفة المستحضر الدوائي وأن تتم عملية التسعير بشكل فوري وسريع وتشمل كل الأصناف الدوائية المتماثلة في التركيب”.
وأردفت قائلة: “عرضنا كنقابة على وزارة الصحة أن تشارك كوادرنا بهذه العملية لأن الوضع بحاجة إلى تعاون الجميع، وقد أصبح هناك تمويل لمعامل الأدوية من مصرف سورية المركزي وفق سعر صرف تفضيلي بقيمة (700 ليرة سورية) كنوع من الدعم وتم السماح لها بالتصدير بعد تغطية حاجة السوق المحلية، مما شجع أصحاب المعامل لتأمين المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج بعد أن تكون قد عوضت خسائرها نوعًا ما”.
وتابعت الدكتورة كيشي: “طلبنا من وزارة الصحة إعادة التسعير بشكل منطقي، وتعديل لائحة الأسعار بسرعة، فإذا استغرق صدور كل لائحة أسعار أسبوعين أو شهر فالكم الكبير من الأدوية الخاسرة ستحتاج في هذه الحالة إلى سنوات عدة حتى يعاد تسعيرها ولذلك طلبنا تسريع التسعير”.
لائحة أرباح الصيدلي لم تتغير منذ 2009
وبينت نقيب صيادلة سورية أن شريحة ربح الصيدلي لم تتغير منذ عام 2009 رغم الفارق الكبير في سعر الصرف منذ ذلك الوقت وحتى أيامنا هذه وقالت: “ازدادت الرسوم المفروضة على الصيدلي عدة أضعاف وكذلك ضريبة المالية والخدمات وفواتير الماء والكهرباء ومصاريف الحياة اليومية المرتفعة التي يعاني منها المواطنون السوريون اليوم، ولهذا طلبنا من الجهات المعنية إعادة النظر بشريحة ربح الصيدلي علمًا أن كل المهن العلمية تم تعديل أسعارها كالأطباء وأطباء الأسنان والمخابر والمهندسين باستثناء الصيدلي بقيت شريحة ربحه كما هي دون تعديل، مما ترك أثرًا سيئًا عليه وبالتالي إذا لم يترافق تعديل سعر الدواء مع تعديل شريحة ربح الصيدلي سيكون الصيدلي خاسرًا”.
الشراء الجائر للأدوية فاقم المشكلة
ووفقًا للدكتورة كيشي هناك “الكثير من الصيدليات قد تضطر لإعلان إفلاسها لأنها لن تستطيع أن تضخ رأسمال إضافي لتأمين أدوية جديدة بعد أن استنزفت رأسمالها الأساسي خلال فترة نقص الدواء وارتفاع أسعار بعض الأصناف بسبب الضرائب والفواتير والمصاريف”.
وقالت: “رغم الخسارة استمر الصيادلة بالبيع وهم يستنزفون أدويتهم بسبب إقبال الناس خلال الأسبوعين الماضيين بشكل كبير على الصيدليات وشراء كميات كبيرة من الأدوية مما فاقم المشكلة أكثر ولذلك نتمنى على المواطنين ألا يأخذوا إلا حاجتهم وسيتم توفير الدواء قريبًا، وليس من مصلحة معامل الدواء تخزين الأدوية أو المواد الأولية لأن لها فترة صلاحية محددة، وحين يتم تعديل آلية التسعير ستبدأ المعامل بالإنتاج لتعويض الخسائر ولتأمين الأدوية للسوق المحلية”.
وتابعت: “بناء على الكتب التي تم توجيهها إلى وزارة الصحة ورئاسة مجلس الوزراء تم اتخاذ عدد مهم من الإجراءات التي تدعم واقع الصناعات الدوائية وتوفر الدواء في السوق المحلية”.
وتجدر الإشارة إلى أن اجتماعًا حكوميًا خاصًا بواقع الصناعات الدوائية عقد في رئاسة الحكومة أقر مجموعة من الإجراءات والآليات المرنة لضمان استمرار هذه الصناعات وتأمين مستلزماتها، بدءًا من أولوية تمويل المستوردات عن طريق المصرف المركزي للمواد الأولية اللازمة للصناعات الدوائية، بأسعار تفضيلية تبلغ (700) ليرة سورية للدولار لتأمين كامل حاجة السوق المحلية من جميع الأصناف الدوائية”.
وتمت الموافقة في الاجتماع على استمرار آلية تسعير الأصناف الدوائية من قبل وزارة الصحة، وتأمين حاجة المشافي العامة والمراكز الصحية التابعة للجهات العامة من الدواء وفق حصص متساوية بين جميع شركات الصناعات الدوائية.
وشدد الاجتماع على ضرورة ضبط أية مخالفات من قبل بعض مستودعات الأدوية والصيدليات، والاستمرار بتصدير الدواء بما لا يؤثر على تأمين حاجة السوق المحلية وتوفيره بالسعر المحدد من قبل وزارة الصحة في المستودعات والصيدليات.
ووفقًا لإحصائيات نقابة الصيادلة وصل عدد الصيدليات في سورية حتى نهاية العام 2018 إلى /9514/ صيدلية.
وقد وصل عدد معامل الأدوية إلى أكثر من /96/ معملًا فيما بلغ عدد الشركات الدوائية 79 شركة عام 2010 كانت تغطي حاجة السوق السورية وتصدر نسبة 27% من الإنتاج إلى 37 دولة عربية وأجنبية.
قد يهمك أيضا
الصناعة الدوائية في سورية تؤمِّن 90% من حاجة السوق رغم التحديات السياسية والاقتصادية
سورية تُعلن تسجيل 3 إصابات جديدة بـكورونا لأشخاص مخالطين
أرسل تعليقك