أعلن رئيس "هيئة التفاوض السورية" المعارضة نصر الحريري، عن لقاء سيعقده اليوم الجمعة في الرياض مع المبعوث الأممي الجديد إلى سورية غِير بيدرسون، في ظل منعطفات كثيرة، منها مسألة الانسحاب الأميركي، والاتفاق الأميركي التركي حول منطقة آمنة على الحدود.
وقال الحريري لـ"الشرق الأوسط": "ننتظر اللقاء لنتدارس مع المبعوث الجديد آخر التطورات السياسية والميدانية، للوقوف السلبيات والانطلاق مجددا بجدول زمني واضح، بغية الوصول إلى الحل السياسي".
ووفق الحريري، سيبحث لقاء اليوم، "مآلات مخرجات العمليات التفاوضية منذ أيام الراحل كوفي أنان الأمين العام للأمم المتحدة الأسبق، والأخضر الإبراهيمي، مرورا بستيفان دي ميستورا، والمراحل التي مرت بها، والعثرات التي تعرضت لها العملية السياسية، والمعوقات الرئيسية أمام تقدم هذه العملية". وقال: "نريد أن نعرف من المبعوث الجديد ماهية رؤيته لمستقبل العملية السياسية وكيفية انطلاقه بها مجددا، مؤكدين أن لدينا رغبة وهدفا ونأمل أن يكون عاملا مشتركا، وهو أن نعود بالعملية السياسية نحو الطريق والاتجاه الصحيح الحقيقي".
وأشار الحريري إلى أن "هناك عددا كبيرا من اللاجئين والمهجرين تم تهجيرهم من هذه المنطقة، بنية التغيير الديمغرافي، وتغيير التركيبة السكانية، فهؤلاء لهم حقهم في العودة إلى أراضيهم، ولا نريد أن نرى أي أجانب في سورية محملين بأجندات وآيديولوجيات خارج الفكر الوطني السوري. الآن ما تم التوصل إليه كفكرة أولية إنشاء هذه المنطقة الآمنة على الحدود السورية التركية، والتي تعالج هواجس جميع الأطراف... نعتقد أنها فكرة إيجابية، وتمثل خطوة في الاتجاه الصحيح".
وأعرب الحريري عن أمله في العودة بالعملية السياسية نحو الطريق والاتجاه الصحيح الحقيقي؛ وقال إنه "رغم تفاعلنا وإيجابيتنا وتعاوننا المثمر مع الأمم المتحدة من أجل إطلاق العملية الدستورية عبر تشكيل اللجنة الدستورية، علماً بأننا قدمنا قائمة من 50 مرشحا، وشاركنا في نقاشات دستورية مهمة، سيكون لها بالغ الأثر في مستقبل العملية السياسية، فإننا مع ذلك نؤمن بأنه من دون الذهاب إلى مناقشة جوهر الموضوع، وجوهر تطبيق القرار 2254، وهو المرحلة الانتقالية بكل تفاصيلها، فلا يمكن أن يكون للعملية الدستورية ولا الانتخابية معنى".
وأضاف "هناك قضية أساسية تم تجاهلها أو التقصير في متابعتها من قبل كل الأطراف الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، وهي موضوع المعتقلين، حيث يعلم جميعنا أن الأرقام المؤكدة لدينا 250 ألف معتقل لدى الحكم السوري في مواقع معروفة؛ ومنها السرية ومنها العلنية، غير أن الرقم يتجاوز ذلك بكثير، والانتهاكات التي تعرضوا لها واضحة، ومثبتة بتقارير أممية، ولكن الشيء الوحيد الذي لم يجرِ حتى هذه اللحظة، هو أن تكون هناك إجراءات حاسمة، تؤدي إلى حلحلة هذا الملف، وإطلاق سراح المعتقلين وإيقاف الانتهاكات التي ترتكب في حقهم، ومحاسبة مرتكبيها".
واشار الحريري الى أنه سيركز مع بيدرسون على ما تم التوصل إليه في محطات الجولات التفاوضية السابقة، وقال: "اتفاقنا في سوتشي يهمنا في الحفاظ على منطقة خفض التصعيد الأخيرة في الحدود الشمالية لسورية، لأنها تحمي المدنيين وتفتح فرصة القضاء على التنظيمات الإرهابية، وتحقيق تقدم في العملية السياسية، وأن تصان منطقة شمال شرقي سورية من الميليشيات المتعددة، حتى يعود المهجرون إلى مناطقهم، وإيجاد أدوات ضغط حقيقية على النظام للتوجه في اتجاه العملية النظامية... تلك المفاوضات التي تجري حول شمال شرقي سورية مهمة".
وتابع: "حتى الآن لا يوجد تصور في ما يتعلق بالمبعوث الجديد حول هذا الملف المعني باللجنة الدستورية، لكن كون أننا نتعامل مع الأمم المتحدة من خلاله، فأعتقد أنه لا بد من أن يبني على ما تم الوصول إليه سابقا، مع سابقه. ولكن عموما حاليا اللجنة الدستورية أمامها معوقات... هي النظام، وقد استهلكت وقتا طويلا، أكثر من عام ونصف العام، في مناقشتها، وحتى الآن لم يتم الانتهاء من تشكيلها، وبالتالي ينبغي علينا جميعا أن نتفاعل مع المبعوث الأممي الجديد، في إيجاد طريقة إلى أساس تطبيق القرار 2254، الذي يتضمن عوامل رئيسية، تشمل موضوع الحكم بمصداقية؛ الشامل للجميع، غير الطائفي، كما وصفها القرار... هيئة حكم كاملة الصلاحية، كما وصفها "بيان جنيف"، ووضع مسودة جديدة للدستور السوري، ويتم الاستفتاء عليه من قبل الشعب السوري، والأخير من المفترض التوصل إليه خلال 6 أشهر من المفاوضات.
وعما إذا كانت واشنطن وأنقرة توصلتا أخيراً إلى اتفاق حول منطقة آمنة، وأهمية ذلك للمعارضة السورية، قال الحريري: " حتى هذه اللحظة لا توجد توافقات نهائية، بمختلف التفاصيل؛ إذ إن المفاوضات ما زالت جارية، وهي متعددة الأطراف، سواء المفاوضات الأميركية - التركية، أو التركية الروسية، أو الأميركية الروسية، وفي اعتقادي أن هناك حزمة من المبادئ يتحتم احترامها في كل الأحوال في هذه المفاوضات؛ أولا الحفاظ على وحدة سورية، إذ لا يمكن أن يتم التوصل إلى أي حل سياسي إلا باحترام وحدة سورية وسلامة أراضيها، وسلامة شعبها، والحفاظ على سيادتها واستقلالها".
واضاف: "كذلك هناك عدد كبير من اللاجئين والمهجرين، تم تهجيرهم من هذه المنطقة، بنية التغيير الديمغرافي، وتغيير التركيبة السكانية، فهؤلاء لهم حقهم في العودة إلى أراضيهم، ولا نريد أن نرى أي أجانب في سوريا، محملين بأجندات وآيديولوجيات خارج الفكر الوطني السوري. الآن ما تم التوصل إليه كفكرة أولية، بإنشاء هذه المنطقة الآمنة، على الحدود السورية التركية، والتي تعالج هواجس جميع الأطراف... نعتقد أنها فكرة إيجابية، وتمثل خطوة في الاتجاه الصحيح... نعم لوحدها لن تحل المشكلة، ولكن إذا أنجزت هذه الخطوة، فستمكننا في المستقبل من إكمال المشروع من ناحية الاعتماد على القوات المحلية، والسكان المحليين وتمكينهم من إدارة مناطقهم كمرحلة مؤقتة، للوصول للحل السياسي الذي يتم بالتطبيق الكامل للقرار 2254".
ورداً على سؤال حول موقع المعارضة مما يحدث في منبج؟ أجاب الحريري: "الأمور في منبج واضحة، ونستغرب أنه تم التأخر في تطبيق خريطة الطريق المتعلقة بها، والسؤال: هل تسيطر عليها "قوات سورية الديمقراطية"، التي تمثل "حدات حماية الشعب» الكردية العمود الفقري أو الجزء الأساسي منها، ولا يمكن لنا وللشعب السوري أن يقبل "تقوم هذه العصابات بالسيطرة أو إدارة الحكم في هذه المناطق، في حين أنه تم التوصل إلى خريطة طريق بمنطقية معقولة، تعالج الهواجس كما أسلفت، بين أميركا وتركيا، وهذه الخريطة تم التأخر في تطبيق بنودها.
وعن قرار الانسحاب الأميركي وتأثيراته، قال الحريري: "بعد قرار الانسحاب الأميركي، فتحت شهية الإيرانيين، وكانت هناك تحشيدات عسكرية كبيرة؛ من ناحية العدد والعتاد، ومن ناحية الإشاعات التي بدأ الإيرانيون ونظام الأسد الترويج لها بهدف التقدم إلى هذه المنطقة، ولا شك في أنها كانت لقمة سائغة شهية للقوات الإيرانية، وذلك لأنها منطقة منبع للنفط والغاز ومصادر للثروات الباطنية، بجانب العدد الكبير من السكان، وتمثل قلب المشروع الإيراني في الممر البري الممتد من طهران إلى بيروت، والحرس الثوري الإيراني صرح بأنهم باقون في سورية؛ مستشارين عسكريين وقواتٍ عسكريةً وأسلحةً، ما دامت رغبت الحكومة السورية. والعالم أجمع يعلم أن الجهة التي أنقذت النظام بشكل أساسي هي إيران من جهة؛ وروسيا من جهة أخرى، فهذا النظام أصبح عقدة في قطعة النظام الإيراني، لا يستطيع الفكاك منها بأي حال من الأحوال".
سئل: قبلتم بـ"اتفاق سوتشي" في ما يتعلق بإدلب، ما السرّ؟ أجاب الحريري: "بالفعل فرحنا عندما حدث اتفاق في سوتشي حول إدلب... السبيل لحماية مواطنينا هناك، لأن بها من 4 ملايين إلى 4.5 مليون من السكان الأبرياء، قسم كبير منهم هجر من المناطق السورية المختلفة، إلى هذه المنطقة، وقسم كبير من أهالي المنطقة عذبوا وشردوا، وقتلوا ببراميل الموت الأسدية حتى الآن، فكان حرصنا على أرواح سكان إدلب هو سبب توافقنا واتفاقنا، لأنه احتوى على نقاط يتم تطبيقها بحيث تمنح تركيا وفصائل "الجيش الحر"، الوقت الكافي من أجل معالجة موضوع "هيئة تحرير الشام"، ويحمي حياة المدنيين، ويشكل فرصة للعملية السياسية بأن تصل إلى نتيجة ذات مصداقية ومقنعة لكثير من السوريين. وسلوك "هيئة تحرير الشام" هو عكس كل ذلك؛ فالإيرانيون والروس والنظام يحاولون إيجاد ذرائع لفتح جبهة عسكرية بهذه المنطقة، ويستخدمون الإرهاب ذريعة لذلك، في ظل ارتباط "القاعدة" بنظام إيران.
واعتبر أن "ما تم إنجازه سابقاً قليل، ولكنه مهم... تضمن 12 مبدأ تم التوصل إليها في مفاوضاتنا مع الأمم المتحدة، ولم يكن النظام موجودا فيها، وتم إقرارها في مؤتمر سوتشي، وما تم التوصل إليه في اللجنة الدستورية... يجب أن تستمر المفاوضات من أجل إتمام عملية تشكيل العملية الدستورية، وبدأت عملها برعاية الأمم المتحدة في جزء من تطبيق القرار 2254، لكن الأهم من ذلك كله، أن يتم الذهاب إلى الموضوعين الآخرين، المضمنين في قرار مجلس الأمن، وهما المرحلة الانتقالية، وعملية الانتخابات البرلمانية والرئاسية بإشراف الأمم المتحدة. وحتى يتم الانطلاق في كل هذه القضايا فلا بد من البدء من تأسيس البيئة الآمنة التي وصفها بيان جنيف سابقا، وفصل فيها قرار 2254، والتي من دونها لا يمكن أن يتم التقدم في مختلف المسارات الموجودة في القرار الدولي.
وتابع: "هناك 12 مبدأ... مجموعة من المبادئ العامة تصف المعايير المنظمة للشكل النهائي للدولة السورية، من ناحية وحدة وسيادة الدولة على أراضيها واستقلال إرادة الشعب السوري، وحق النضال لتحرير الأراضي المحتلة، لدولة مدنية تعددية ديمقراطية مبنية على تداول السلطات والفصل بينها، ودولة القانون، والاتساع لكل مكوناتها، والمساواة بين أفراد الشعب بغض النظر عن العرق أو الدين أو اللون أو المعتقدات السياسية".
وختم نصر الحريري بالقول: "لا بد من إعادة بناء للأجهزة العسكرية والأمنية، بما يمكنها من أداء وظيفتها الأساسية، دون التدخل في حياة المواطنين وممارسة القمع عليهم؛ فالجيش وظيفته حماية البلد والحدود، وفق الدستور والقانون، والأجهزة الأمنية مهمتها الدفاع عن أمن البلاد، ضد أي تهديدات خارجية، والحفاظ على أمن الوطن والمواطن دون تسلط أو تدخل في شؤونه. هذه المبادئ تم التوصل إليها عام 2017 عبر مفاوضات بين المعارضة والأمم المتحدة، وتم إقرارها في مؤتمر سوتشي، وضمنت في البيان الختامي للمؤتمر، وبالتالي أصبحت أساساً للعملية الدستورية والسياسية عموما".
قد يهمك أيضاً :
دمشق تضع 5 شروط لتشكيل اللجنة الدستورية
اتفاق على تحرير ست مختطفات لدى "داعش" في السويداء
أرسل تعليقك