أكد الباحث الاقتصادي سلمان الحكيم، أن إعلان “مصرف سورية المركزي” عن تأسيس “مؤسسة ضمان مخاطر القروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة” أمر جيد، قد ينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد السوري عموماً وعلى سعر صرف الليرة خصوصاً.
وبيّن أن تأسيسها سيؤدي إلى تفعيل التمويل للعمليات الإنتاجية والمشروعات الاستثمارية وسيساعد في زيادة الإنتاج المحلي ودفع عجلة الاقتصاد وبالتالي تأثير كبير وإيجابي على قيمة الليرة وإن كان ذلك على المدى الطويل.
ورأى الباحث أنه من الأفضل تبني نظام الضمان غير المباشر، بحيث يقوم المقترض بتقديم الطلب إلى المصرف أو المؤسسة المالية أولاً، والتي يُفترض أن تمتلك الخبرة في دراسة مثل هذه الملفات وفي تقييم الجدارة الائتمانية للمقترضين، ثم يرسل الطلب إلى مؤسسة الضمان للموافقة عليه.
وأضاف أن نظام الضمان غير المباشر يبقي باب المنافسة مفتوحاً بين المصارف والمؤسسات المالية كون هذا النظام يتطلب من العميل أو المقترض التوجه إليها أولاً، أي أن العميل هو من يختار المصرف الذي سيقترض منه، وبالتالي فإن المصارف ذات الأداء الأفضل تكون جاذبة أكثر للعملاء بالمقارنة مع بقية المصارف والمؤسسات المالية.
وأكد الباحث ضرورة ألا تكون نسبة المشاركة في المخاطر مرتفعة، أي أن لا ترتفع النسبة التي يتوجب على مؤسسة الضمان تغطيتها في حال التعثر أو التخلف عن السداد من قبل المقترضين، علماً بأن نسبة المشاركة في المخاطر عالمياً تتراوح بين 60% وحتى 80% من قيمة القرض.
وشدد على ضرورة أن تكون عمولات الضمان مرضية للطرفين، وذلك بحيث لا تكون عالية جداً بما يؤدي إلى زيادة تكلفة القرض بالنسبة للمقترضين، كما يجب ألا تكون منخفضة إلى الحد الذي لا تستطيع معه مؤسسة الضمان المحافظة على استمراريتها.
وقال “ما أريد الوصول إليه يتمثل بضرورة امتلاك الحكومة لرؤية واستراتيجية واضحة فيما يتعلق بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى وجود قانون خاص بتلك المشروعات يكون بمثابة دستور أو مظلة تعمل تحت سقفها كافة الهيئات والجهات الرسمية وغير الرسمية المعنية بتنمية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة الحجم”.
وتابع، من المعلوم بأن المقومات اللازمة لتقييم الجدارة الائتمانية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة الحجم هي من أهم المقومات الواجب توفيرها لكي تنجح مؤسسات ضمان مخاطر القروض، وهو يعني تقدير مدى قدرة الجهات المقترضة (المشروعات الصغيرة والمتوسطة الحجم) على سداد القروض وأقساطها بمواعيد استحقاقها.
وتعتمد عملية التقييم هذه على مصدرين أساسيين من المعلومات، المصدر الأول هو أنظمة الاستعلام الائتماني التي يمكن من خلالها الحصول على المعلومات الائتمانية المتعلقة بالعملاء والمقترضين بما يساعد على تحسين جودة القرار الائتماني، حيث يدار نظام الاستعلام الائتماني في سورية من قبل “المصرف المركزي”.
وبحسب الباحث، فإنه كان من الأفضل وقبل الشروع بتأسيس مؤسسة الضمان، السماح بتأسيس وكالات أو مكاتب خاصة للاستعلام الائتماني توفر المعلومات الائتمانية وتسمح بتبادلها بين المؤسسات المصرفية وغير المصرفية، أما المصدر الثاني فهو البيانات المحاسبية لهذه المشروعات والتي يمكن من خلالها معرفة الوضع المالي لها ومدى قدرتها على توليد الأرباح.
وشدد على ضرورة الإسراع في تنظيم الأمور المحاسبية والمالية لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة الحجم، كأن يتم إجراء مسح شامل لتلك المشروعات وإخضاعها لضريبة الأرباح الحقيقية، وما يترتب على ذلك من إلزامها بمعايير محاسبية محلية أو بالمعايير الدولية لإعداد التقارير المالية الخاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة الحجم IFRSs for SMEs.
وأشار إلى أن إحداث المؤسسة ضمن شكل قانوني هو شركة مساهمة خاصة مغفلة يتناسب أكثر مع الآلية المالية التي تتطلب المرونة والسرعة بالمقارنة مع صناديق الضمان الحكومية التي تتسم بالجمود، كما أن هذه الصناديق عرضة وبشكل كبير للفساد.
وأضاف، يسهم في تأسيس المؤسسة المصارف العامة الستة بنسبة 41.16%، والمصارف الخاصة بنسبة 54.28%، والمؤسسات المصرفية الاجتماعية بنسبة 4.56%، مما يعني توزيع واقتسام مخاطر القروض الممنوحة بين هذه المؤسسات المالية المؤسسة للشركة.
وتعمل معظم المشروعات الصغيرة والمتوسطة الحجم في سورية ضمن اقتصاد الظل ولا تمسك سجلات محاسبية منظمة. فضلاً عن ذلك، في حال توافر المعلومات المحاسبية فإنها لا تتمتع بالدقة والموضوعية معظم الأحيان، وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليها في تقييم الجدارة الائتمانية لتلك المشروعات.
وتعتبر المعاملة التفضيلية التي تحصل عليها المشروعات الكبيرة الحجم الدافع الرئيس لاستحداث برامج ضمان مخاطر القروض بهدف تسهيل التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة المستهدفة، وتمكينها من الحصول على التسهيلات الائتمانية عن طريق ضمان مخاطر هذه القروض لدى المصارف والمؤسسات المالية.
ويؤدي ذلك إلى زيادة إقبال المصارف على منح التسهيلات الائتمانية لشريحة أوسع من المستثمرين وأصحاب المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية الذين لا تتوافر لديهم الضمانات التقليدية الكافية.
اقرأ أيضا: أسهم قطان باثنتين منها.. تأسيس 50 شركة جديدة تشرين الثاني
وأعلن حاكم “مصرف سورية المركزي” حازم قرفول في نيسان الماضي أنه من المتوقع أن تباشر مؤسسة ضمان مخاطر القروض عملها خلال الأشهر القليلة القادمة، والتي يمكن من خلالها حل مشكلة تأمين الضمانات اللازمة للحصول على تمويل للمشاريع الصغيرة.
وأقر قانون إحداث المؤسسة في 2016، وتم تصديق النظام الأساسي لها في 2018 وهي شركة مغفلة مركزها دمشق، رأسمالها قدره 5مليار ليرة سورية موزع على 50 مليون سهم اسمي، وقيمة كل سهم 100 ليرة.
وقد يهمك أيضا:
تعميق خفض إنتاج النفط على جدول أعمال أوبك بلس وسط قلق بشأن
عبدالعزيز بن سلمان يكشف أن مجال النفط في السعودية يحتاج إلى 8 الاف تخصص جديد
أرسل تعليقك