دمشق - سورية24
رجال جابهوا الظلمة بقوة إرادتهم وشجاعتهم فأناروا الدروب واختاروا العمل رغم الإرهاب الذي سلب الحياة من بعضهم وترك إصابات لدى عدد منهم تنقش أيقونة تضحية وبطولة على أجسادهم إنهم “رجال النور” عمال وزارة الكهرباء الذين واصلوا عملهم في أقسى الظروف وأصعبها. تتشابه قصصهم بالألم والمعاناة وتجمعهم الإرادة والعزيمة فرغم ملامح الألم التي طبعتها الإصابة على وجوههم المتعبة لا يخلو حديثهم من الأمل الذي يؤكدون أن الأصدقاء والمحبين زرعوه في قلوبهم من خلال اهتمامهم.
“سبع سنوات مضت على حادثة إصابتي أثناء عملي ولا زلت أصر على تواجدي بين زملائي لاسهم في إصلاح الأعطال وإعادة الضوء إلى بيوت المواطنين” بهذا استهل العامل في قسم كهرباء صحنايا حمدو حاج حسن حديثه عن إصابته عام 2013 أثناء قيامه بإصلاح التيار الكهربائي حيث سقط من الأعلى وبقي في المشفى أكثر من عشرين يوماً حتى استرد عافيته لافتاً إلى الاهتمام الكبير الذي حظي به من الأصدقاء وزملاء العمل والذي أسهم في استعادة توازنه النفسي والجسدي. بعد ثلاثة أشهر من الإصابة عاد حاج حسن الأب لثلاثة أبناء إلى عمله مبيناً أنه في البداية عانى من الخوف من الصعود إلى خطوط التوتر والذي سرعان ما تلاشى بفضل دعم الزملاء في العمل معرباً عن سعادته عندما يتمكن من تلبية طلبات المواطنين وإصلاح الأعطال لإعادة الضوء إلى منازلهم مضيفا: “الجيش يدافع عن الوطن بسلاحه ونحن ندافع عنه بعملنا لينعم أبناءنا بمستقبل أفضل”.
وبيد واحدة واصل بشار عبد الرحمن عمله كرئيس لمكتب الطوارئ في صحنايا بعد إصابته عام 2013 بقذيفة هاون أطلقها الإرهابيون أثناء عمله على أحد مخارج التوتر المتوسط أدت إلى بتر يده اليمنى حيث أشار إلى أن عملهم متكامل ورديف للجيش العربي السوري الذي يدافع عن الوطن بسلاحه بينما يدافع العمال عن الوطن بعملهم وتجمعهم الشجاعة والتضحية. وأكد عبد الرحمن أنه رغم إصابته لا يزال قادراً على العمل بنفس الهمة والنشاط لافتاً إلى الدور الكبير لزملائه ومؤسسته في دعمه وتشجيعه الذي حول الخوف والإصابة إلى طاقة جديدة وشغف بالعمل. ومن مكتب طوارئ السبينة بريف دمشق استذكر العامل أحمد صنديد إصابته عام 2018 في منطقة القدم بسبب مخلفات الإرهابيين مؤكداً أنه ينسى خوفه أمام عمله إيماناً منه بمساهمته في عودة سورية إلى ما كانت عليه قبل الحرب.
“نعمل بكل الظروف والأحوال الجوية الصعبة والقاسية” بهذه الجملة بدأ العامل أيهم عبود من مكتب 8 آذار بقسم كهرباء صحنايا كلامه مشيراً إلى أنه تعرض لانزلاق أثناء صيانة خط توتر بمنطقة جبلية ما أدى إلى كسر قدمه اليسرى وخرج على اثرها من الخدمة ريثما تعافى مبيناً أنه تلقى دعما نفسياً كبيراً من أسرته وأصدقائه وزملائه في العمل كان حافزاً لتماثله للشفاء بسرعة. وأضاف: عبود نعمل اليوم على صيانة خطوط العشرين والمحولات والتوتر المنخفض في الأماكن السكنية حيث تتعرض هذه الخطوط لأعطال دائمة أثناء المنخفضات الجوية لافتاً إلى أن العمل سابقاً كان أصعب بسبب ظروف الحرب وهو ما كسر حاجز الخوف مبيناً أن تأخرهم أحياناً عن تلبية طلبات المواطنين خارج عن إرادتهم بسبب زيادة الضغط وتواجدهم في مكان آخر.
يستعيد العامل أحمد ابراهيم من مكتب طوارئ أشرفية صحنايا شريط إصابته التي أدت إلى كسر بالحوض جعله يلازم الفراش على اثرها ثلاثة أشهر مستخلصا عبرة تؤكد أهمية استخدام وسائل الحماية والسلامة من قفازات عازلة وحزام وغيرها ولا سيما بعد تعرضه لانزلاق أثناء الصعود على عمود شبكة التوتر. وعن دور الأسرة أشار ابراهيم إلى أن دعم أسرته مكنه من تجاوز هذه المحنة والتغلب على إصابته بالعودة إلى العمل ومواصلة الحياة بشكل طبيعي وشاركه الراي العامل خالد حمزة عز الدين من شركة كهرباء ريف دمشق والذي أصيب بكسر بالمفصل أثناء قيامه بعمله في عين الفيجة عام 2019 ما تسبب له بإعاقة دائمة لم تمنعه من مواصلة عمله بشكل إداري في الشركة.
فقد عيسى بكر الموظف بقسم كهرباء القطيفة قدميه اثر قذيفة أطلقها الإرهابيون أثناء قيامه بإصلاح أحد خطوط التوتر العالي حيث خضع للعلاج أكثر من ثلاثة أشهر تمت إحالته بعدها من قبل النقابة إلى مشفى لمواصلة العلاج ومن ثم غادرها لمواصلة العلاج في المنزل. عاد بكر للعمل بشكل إداري بعد أن ساعدته الشركة على تركيب أطراف سفلية مبيناً أنه يقوم باستقبال شكاوي المواطنين عبر الهاتف وتسجيلها لتلبية طلباتهم إضافة إلى إصلاح بعض الأعطال المنزلية البسيطة.
ويروي العامل جمعة سوسق من طوارئ رنكوس حادثة إصابته التي أدت إلى كسر بالفقرات استغرقت مدة العلاج عامين حيث استطاع بمساعدة أسرته السير على قدميه مجدداً ليتابع عمله فيما أعرب زميله وليد مقصف عن اعتزازه وفخره بإصابته التي مضى عليها خمس سنوات فقد على اثرها يده اليمنى مؤكداً أن العمل شرف وإصابة العمل وسام يجسد الشجاعة والعزيمة التي يتحلى بها عمال الكهرباء. يشار إلى أن قطاع الكهرباء تعرض خلال سنوات الحرب الإرهابية لخسائر كبيرة في الأرواح حيث استشهد 329 عاملاً وقدرت الأضرار المادية لنهاية عام 2018 بنحو 2040 مليار ليرة سورية.