بقلم : جهاد الخازن
قال كثير:
ويرتاح للمعروف في طلب العُلى / لتحمد يوماً عند ليلى شمائله
رعى سركم في مضمر القلب والحشا / شفيق عليكم لا تُخاف غوائله
وأكتم نفسي بعض سري تكرماً / إذا ما أضاع السر في الناس حامله
فلو كنت في كبلٍ وبحتُ بلوعتي / اليه لأنّتْ رحمةً لي سلاسله
وقال آخر:
الحب أوله شيء يهيم به / قلب المحب فيلقى الموت كاللعب
يكون مبدؤه من نظرة عرضت / ومزحة أشعلت في القلب كاللهب
كالنار مبدؤها من قدحة فإذا / تضرمت أحرقت مستجمع الحطب
وقال قيس:
قالوا جننتَ بمن تهوى فقلت لهم / العشق أعظم مما بالمجانين
العشق لا يستفيق الدهر صاحبه / وإنما يصرع المجنون في الحين
وقال آخر:
وما أحد من الناس يحمد أمره / فيوجد إلا وهو في الحب أحمق
وما أحد ما ذاق بؤس معيشة / فيعشق إلا ذاقها حين يعشق
وقال أبو تمام:
أما الهوى فهو العذاب فإن جرت / فيه النوى فأليم كل عذاب
وقال شاعر:
الحب داء عضال لا دواء له / يحار فيه الأطباء النحارير
قد كنت أحسب أن العاشقين غلوا / في وصفه فإذا بالقوم تقصير
وقال أعرابي:
ألا ما الهوى والحب بالشيء هكذا / يذل به طوع اللسان فيوصف
ولكنه شيء قضى الله أنه / هو الموت أو شيء من الموت أعنف
فأوله سقمٌ وآخره ضنى / وأوسطه شوق يشفّ ويتلف
وروعٌ وتسهيد وهمٌ وحسرة / ووجدٌ على وجدٍ يزيد ويضعف
وقالت إمرأة:
رأيت الهوى حلواً إذا اجتمع الشمل / ومراً على الهجران لا بل هو القتل
فمن لم يذق للهجر طعماً فإنه / إذا ذاق طعم الحب لم يدرِ ما الوصل
وقد ذقت طعميه على القرب والنوى / فأبعده قتل وأقربه خبل
وقال أحدهم:
إن كنت تزعم حبي / فلم هجرت كتابي
أما تأملت ما فيه / من لذيذ خطابي
وقالت إمرأة:
تطاول هذا الليل واخضلّ جانبه / وأرقني أن لا خليل ألاعبه
فوالله لولا الله لا رب غيره / لحرّك من هذا السرير جوانبه
مخافة ربي والحياء يصدني / وأكرم بعلي أن تنال مراكبه
وقال شاعر:
إذا ما دعوتُ الصبر بعدكِ والبكا / أجاب البكا طوعا ولم يُجِبْ الصبر
فإن تقطعي منك الرجاء فإنه / سيبقى عليك الحزن ما بقي الدهر