بغداد ـ نهال قباني
أعلنت جماعة تسمي نفسها "التيار البدري الوطني" انشقاقها عن منظمة "بدر" التي يقودها النائب والقيادي في "الحشد الشعبي" هادي العامري. وذكرت الجماعة في بيان مطول، أسبابا كثيرة وراء عملية الانشقاق؛ ومنها "سعيها لإقالة ومحاسبة القيادة الحالية المساومة في (بدر) والتي وضعت يدها بأيدي قتلة العراقيين، ومن أرهب الشعب وتآمر عليه" حسب قولها. كما اتهمت القيادة بـ"العنصرية والطائفية والتخادم مع المشروعات الأجنبية".
وكان العامري قائد منظمة "بدر" التي تمثل الجناح العسكري للمجلس الأعلى "للثورة الإسلامية" الذي تأسس في إيران عام 1982، انشق عن الأخير في مارس/آذار 2012، وتحالف مع ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي.
ولم يصدر عن منظمة بدر أي توضيح بشأن الجماعة المنشقة، لكن بعض أوساطها ترفض البيان وتكذب عملية الانشقاق، فيما تؤكد مصادر قريبة من المنظمة أن الانشقاق حالة طبيعية في ظل الخصومات وعدم الرضا المتنامي بين أوساط البدريين على القيادة، إلى جانب الامتعاض الشديد من قبل بعض البدريين من التحالفات التي أقامها هادي العامري رئيس تحالف "البناء" مع شخصيات كانت إلى وقت قريب تدافع بقوة عن تنظيم "داعش"، إضافة إلى الامتعاض من العلاقات المتينة التي تربط قيادة "بدر" بإيران.
أقرا ايضًا:
وثيقة كردية تطالب موسكو بضمان اعتراف دمشق بـ "الإدارة الذاتية"
وقال "التيار البدري الوطني" الذي أحدث الهزة في منظمة "بدر" والعامري في بيان، إن "عملية الانشقاق جاءت استجابة لإرادة تاريخية حرّة من أبناء الشعب العراقي المظلوم، يتشكل تيارٌ عراقي مدني سياسي، ينبع من عمق الجماهير المؤمنة بالقيم الوطنية والمنهج السياسي الصالح والمستقل". وأضاف أن "الأداء السلطوي وأدواته المتناحرة تتحمل كامل المسؤولية في الفساد بالسلوك المرتبك والتنافس الذي جلب المزيد من العبث بخيرات البلد. كل الكتل السياسية أضرت بالعراق والعراقيين، سياسات تصدر عن عقليات بُنيت على التعنصر والطائفية ومنفعة الصنم المتربع على هامة الحزب والتشكيل المتخادم مع المشروعات الأجنبية التي دأبت على خلق أزمات تتكرر وتكبر يومياً".
وذكر التيار أنه ينشد التحول الديمقراطي، ويستهدف إصلاح الواقع التنظيمي والسياسي المتردي في (بدر)، حيث إن قيادته الحالية قد فشلت في الحفاظ على إرث الشهداء ومصالح الوطن ولم تحقق طموح الشعب وآماله، فضلا عن الفشل الذريع في سياساتها الفردية المتخبطة.
وأعلن التيار صراحة عن نيته المتمثلة في إقالة ومحاسبة القيادة الحالية المساومة في (بدر) والتي وضعت يدها بأيدي قتلة العراقيين ومن أرهب الشعب وتآمر عليه، حيث توافقت مصالحهم مع أعداء العراق.
كما وصف بيان الجماعة المنشقة قيادة "بدر" بـ"قبلية مستبدة، لا دور لشورى ولا أثر لانتخاب، في خرق واضح وصريح لقانون الأحزاب العراقي... حفنة، همها السلطة والاستحواذ المالي المذهل على مقدرات الشعب"، مشيرا إلى أن التيار البدري الوطني يتبنى منهجية الرفض المطلق للتوجهات الأجنبية المتحكمة بمقدرات العراق، وإبعاد البيادق السياسية التي تحركها مصالحها الذاتية في الخضوع لإرادات إقليمية ودولية لا تجد في العراق إلا ساحة لتصفية السياسات والسيطرة على ثرواته.
ورأى الخبير في "الجماعات الإسلامية الشيعية" عمار البغدادي أن "حركة الانشقاق لو صحت، فهي رسالة على نضوب مرحلة التعويل على المشروع الإقليمي". وقال البغدادي في حديث لـ"الشرق الأوسط": إن "العامري ليس أكثر من مقاتل والبيان محاولة لإعادة إنتاج منظمة بقيادة تاريخية بالنظر لتاريخ الفيلق (بدر) النضالي وخطاب يمتلك شحنة هائلة من رغبة العمل بالخصوصية الوطنية".
لكن البغدادي لا يستغرب حالة الانشقاق ولا يعتبرها جديدة، إذ إن حالة الانقسام والانشقاق رافقت العمل الإسلامي العراقي منذ وقت مبكر، حيث بدأت عام 1980، حين انقسم حزب الدعوة الإسلامية إلى جناحين، بل إن حالة الانشقاق رافقت مسيرة الأحزاب السياسية العلمانية.
ويعتقد البغدادي أن "الانشقاق الجديد في بدر له أسبابه الموضوعية بالنظر للمشكلات الحزبية والتنظيمية والسياسية داخل منظمة بدر التي هي اليوم بحاجة إلى تجديد فكرها وسياستها ونظامها الداخلي، لكنه لا يستبعد أن يكون لتيار "الحكمة" الذي يتزعمه عمار الحكيم دور في الانشقاق الجديد، ويرى أن لمسة الانشقاق الحالية غير بعيدة عن لمسة الفريق السياسي الذي تولى عمليات الابتعاد عن المجلس الإسلامي الأعلى وتأسيس "تيار الحكمة الوطني" في يوليو/تموز 2017.
قد يهمك ايضا
إيران تُعلن حماية حدودها الشرقية بتقنيات إلكترونية وبصرية حديثة