الخرطوم ـ جمال إمام
منذ أعلن الرئيس السوداني عمر البشير، عزمه الانتقال إلى "رئيس قومي"، يقف على مسافة واحدة من الجميع، ظل الناس يتداولون معلومة تنصيب والي شمال "كردفان" السابق أحمد هارون، رئيساً لـ"حزب المؤتمر الوطني" بالإنابة، وتفويضه بصلاحيات الرئيس، لكن القرار لم يعلن رسمياً إلاّ في وقت متأخر من ليل الخميس، بعد اجتماع استمر ساعات للمكتب القيادي للحزب ترأسه عمر البشير.
خطوة ابتعاد البشير ولو تكتيكياً عن رئاسة الحزب، أثارت جدلاً واسعاً وتضاربت حولها الرؤى والتحليلات، ولم يقطع سيلها تصريح رئيس الحزب بالإنابة الجديد، بل زادها غموضاً، وانتقلت الأحاديث المفسرة للقرار لمنطقة جديدة.
هارون قال للصحافيين عقب الاجتماع، إن قيادات الحزب بعد أن استمعت لتنوير من البشير بشأن الموقف السياسي، أخذت علماً بتفويض رئيس الجمهورية – رئيس الحزب، سلطاته واختصاصاته إلى نائب الرئيس أحمد هارون لتسيير أعباء العمل الحزبي والتنظيمي، ليتفرغ لمهامه الوطنية التي عبر عنها في خطاب الجمعة قبل الماضي.
أقرا ايضًا:
عمر البشير يُصارع من أجل البقاء وسط احتجاجات تُطالب برحيله
أوضح هارون للصحافيين، أن المكتب القيادي تفهم الخطوة، وأبدى استعداده لترتيب وملاءمة أوضاع الحزب بما يضمن مساهمته إيجاباً ضمن القوى الأخرى في مبادرة الرئيس، وهو ما يؤكد أن الرئيس استخدم نفوذه لتنصيبه.
يقول ظاهر تنصيب هارون، إنه تمهيد لفك "الارتباط المشيمي" بين الحزب والدولة، الذي ظل متصلاً زهاء الثلاثة عقود، المستند على إعلان الرئيس يوم الجمعة قبل الماضي، عزمه على إدارة رئاسة البلاد من منصة قومية، يقف بموجبها على مسافة واحدة من الجميع موالين ومعارضين.
بيد أن الإعلامي بـ"تجمع المهنيين السودانيين" محمد الأسباط، يرى أن الرئيس البشير قرب الرجل الذي يشاركه اتهامات المحكمة الجنائية الدولية، لأن الأحكام العرفية قد تترتب عليها اتهامات بانتهاكات لحقوق الإنسان، ولأنهما متهمان معاً، فلن تؤثر عليهما اتهامات جديدة.
وأوضح الأسباط أن الهدف من القرار إحاطة الرئيس برجاله الذين يواجهون معه ذات التحدي، بدلاً من الاستناد على مجرد فريق عسكري، قد لا يتيح له الضمانات الكافية، حال حدوث تسويات قد تتطلب تقديم أكباش فداء.
ورأى الأسباط، أن التغيير يتضمن أيضاً رسالة ترهيب للمحتجين والثوار، تستند إلى أن الفريق الذي يعاونه له تاريخ في حسم المعارك بعنف، بغض النظر عما قد يترتب على ذلك من اتهامات دولية أو وطنية.
أما القيادي في حركة الإصلاح والتغيير أسامة توفيق، فيصف تنصيب هارون نائباً بسلطات رئيس، بأنه انقلاب عسكري كامل الدسم على حزب "المؤتمر الوطني" والحركة الإسلامية.
وقال توفيق: "تنازل البشير عن رئاسة الحزب وأتى بابنه المدلل ورفيقه في الجنائية الدولية أحمد هارون، لإكمال تصفية الدولة العميقة التي يشكلها المؤتمر الوطني"، ويتابع: "ثقة البشير في أحمد هارون كبيرة".
ووصف توفيق القرار بأنه طلاق بائن بين الرئيس والمؤتمر الوطني، ويتابع: الرئيس يريد تصفية المجموعة المتحكمة في مسلسل أزمات السودان، لأنه توصل إلى أنه لن يستطيع العمل دون تصفية من يتحكمون بالدولة العميقة.
ويوضح توفيق أن الرئيس أتى إلى جانب المقرب إليه جداً هارون، برجلين آخرين، هما نائبه الأول عوض بن عوف الذي يكن له ولاء كاملاً، وبرئيس الوزراء محمد طاهر أيلا، المعروف بعدائه لقيادات حزب المؤتمر الوطني التاريخية لإكمال تصفية الدولة العميقة.
وبحسب توفيق، فإن الرئيس استخدم نفوذه لتنصيب الرجل بمخالفة واضحة للوائح الحزب التي تنص على أن يكون رئيس الحزب عضو مكتب قيادي، وهارون ليس عضواً به، وتابع: "لا يمكن القبول بهارون بدون نفوذ البشير"، واعتبر تنصيب هارون بأنه طلاق بائن ومفاصلة جديدة في الحزب.
وتوقع توفيق، اتخاذ الرئيس لخطوات إضافية لتفكيك ما أسماه الدولة العميقة، تتمثل في حل المجلس الوطني والمجالس التشريعية بعد إجازتها لإعلان الطوارئ في الجلسة المحددة لنظر فرض حالة الطوارئ في 6 مارس/آذار الجاري.
وتؤثر مذكرات القبض الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس عمر البشير البشير وأحمد هارون وعبد الرحيم محمد حسين وعلي كوشيب، في 2009. باتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، على الأوضاع في البلاد، على الرغم نفي الحكومة السودانية لها باطراد، والدفع بعدم اختصاص محكمة لاهاي لأن السودان ليس عضوا في الميثاق المكون لها.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا