دمشق -سوريه24
استعجل الجيش الروسي نشر عناصره في قاعدة أخلتها القوات الأميركية في ريف عين العرب (كوباني) شمال شرقي سورية، كي يمنعها من تدمير البنية التحتية فيها كما حصل في قواعد سابقة، في وقت جرت فيه اشتباكات بين "قوات سورية الديمقراطية" الكردية - العربية وفصائل تدعمها تركيا شرق الفرات.
وقال "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أمس: "تشهد محاور واقعة بين منطقة أبو رأسين وبلدة تل تمر، اشتباكات متفاوتة العنف، بين قوات سورية الديمقراطية (قسد) وقوات النظام من طرف، والفصائل الموالية لتركيا من طرف آخر، حيث تحاول قسد إبعاد الفصائل عن تل تمر، في الوقت الذي تسعى فيه الفصائل إلى تطويق تل تمر من 3 محاور بغية التوغل فيها، وتترافق الاشتباكات مع قصف واستهدافات متبادلة بشكل مكثف، بالإضافة إلى استهدافات جوية تنفذها طائرات مسيرة تركية على محاور القتال، في حين قتل عنصر من قوات النظام وأصيب آخر بالقصف والاشتباكات".
وكانت حدة الاشتباكات تراجعت على محاور تل تمر - أبو رأسين بعد منتصف ليل الخميس/ الجمعة، حيث اقتصرت على استهدافات متبادلة بالرشاشات الثقيلة والقذائف "ذلك بعد أن تمكنت قسد من إبعاد الفصائل لمسافة نحو 4 كلم شمال تل تمر، لكن المخاوف متواصلة لدى أهالي تل تمر ذات الغالبية الآشورية، حيث تتواصل عملية النزوح بشكل كبير من المنطقة لا سيما للآشوريين"، بحسب "المرصد".
على صعيد آخر، بثت قناة تلفزيون "كراسنايا زفزدا" الروسية الجمعة، لقطات توثق اللحظات الأولى لإنزال قوة من الشرطة العسكرية الروسية، وسيطرتها على قاعدة عسكرية أميركية تخلت عنها واشنطن مؤخرًا في الرقة.
ويوثق مقطع الفيديو لحظة إنزال أفراد من الشرطة العسكرية الروسية من مروحيات هجومية طراز "مي - 35"، وتقدمهم داخل القاعدة الجوية الأميركية السابقة، حيث تظهر في المشاهد مستلزمات عسكرية شخصية تركها العسكريون الأميركيون خلفهم، إضافة إلى منشآت البنية التحتية للقاعدة، بما في ذلك مبنى مبيت العسكريين وصالة للتمارين الرياضية.
كان الجيش الأميركي أخلى في عجالة هذه القاعدة العسكرية، ما جعل سلاح الجو الروسي يدفع بسرعة بمروحياته إليها كي لا يسمح للأميركيين بتدمير مدرج الهبوط والإقلاع كما فعلوا مع قواعد مماثلة في أوقات سابقة، وتم وضع مرافق الموقع العسكري تحت حراسة وحدات الشرطة العسكرية الروسية.
من جهته، أوضح "المرصد" أن القوات الروسية انتشرت في قاعدة مطار صرين بريف مدينة عين العرب (كوباني)، وذلك عقب استكمال انسحاب القوات الأميركية منها بشكل كامل الخميس. وأضاف: "حطت 4 مروحيات روسية في مطار صرين وانتشرت عناصر الشرطة العسكرية الروسية في المطار".
بذلك تكون القوات الروسية قد انتشرت في 5 قواعد للقوات الأميركية بعد انسحاب الأخيرة منها؛ وهي قاعدتا عون الدادات والعسلية في منطقة منبج، وقاعدتا مشتى النور وصرين بريف عين العرب (كوباني)، بالإضافة إلى قاعدة مطار عين عيسى بريف الرقة الشمالي.
من ناحية أخرى أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بجهود الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب في سورية، وتحدث عن "إسهام مهمّ" للرئيس دونالد ترمب في تقويض النشاط الإرهابي.
وجاء الموقف مخالفًا للحملة القوية التي شنتها موسكو خلال الفترة الأخيرة على الأميركيين، ووصلت إلى درجة توجيه اتهامات مباشرة لواشنطن بالتستر بمحاربة النشاط الإرهابي لـ"سرقة" النفط السوري وتعزيز التوجه إلى تقسيم البلاد.
وقال بوتين خلال مؤتمر صحافي عقده في ختام قمة مجموعة "بريكس" بالعاصمة البرازيلية، إن إسهام الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب في سورية، موجود ومؤثر، ويجب الاعتراف به والحديث بشكل صريح عن ذلك، بما في ذلك على صعيد مساهمة الرئيس (دونالد) ترمب الشخصية".
لكن الرئيس الروسي لفت، في الوقت ذاته، إلى أن "التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ظل لسنوات يراوح في مكانه"، في إشارة إلى أن الإدارة الأميركية السابقة لم تلعب دورًا في تعزيز النشاط المشترك ضد الإرهاب. وزاد أنه "في إطار العملية التي بدأ ترمب بقيادتها، أسهمت الولايات المتحدة في الجهود المشتركة لمحاربة الإرهاب في نهاية المطاف"، مضيفًا أن التدخل الروسي المباشر في سبتمبر (أيلول) 2015 كان له تأثير أساسي في دفع جهود محاربة الإرهاب في هذا البلد، و"أعتقد أنه بوسع أي مراقب محايد أن يرى دور روسيا، آخذًا بعين الاعتبار كثافة العمليات القتالية ونتائجها". وزاد: "بعد بدء مشاركة روسيا الفعالة في محاربة الإرهاب في سورية، شهد الوضع تطورًا مهمًا".
وأوضح بوتين أنه "منذ أن بدأت روسيا عمليات فعالة لدعم الحكومة الشرعية في دمشق، تم تحرير نحو 90 في المائة من الأراضي من أيدي الإرهابيين، وتم بسط سيطرة الحكومة السورية على تلك الأراضي". وأضاف أن روسيا "نفذت جميع المهام تقريبًا التي حددتها لنفسها في سورية".
وتطرق إلى الوضع الحالي في شمال سورية، مشيرًا إلى أن الاتفاقات الروسية – التركية أكدت على ضرورة التعامل بسرعة وحزم مع أي انتهاكات. وقال إنه اتفق مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان على هذه النقطة خلال المكالمة الهاتفية التي جرت بينهما قبل أيام.
وكان إردوغان اتهم في البداية روسيا والولايات المتحدة بعدم تنفيذ التزاماتهما المتعلقة بسحب القوات الكردية من المنطقة الحدودية، ولوَّح باستئناف النشاط العسكري لإجبار الأكراد على الانسحاب، لكنه غيَّر من لهجته بعد المحادثة الهاتفية مع بوتين، وأعلن عن اتفاق مع الجانب الروسي على مواصلة تطبيق "اتفاق سوتشي" الذي وقّعه الطرفان، الشهر الماضي.
وأوضح بوتين أمس، جانبًا من تفاصيل المكالمة الهاتفية بين الرئيسين، وقال مخاطبًا الصحافيين: "أعرف أن لديه (إردوغان) قلقًا بشأن بعض التنظيمات، لكننا اتفقنا خلال المكالمة الهاتفية الأخيرة... على أن يبلغنا الجانب التركي على المستوى العملي بما يثير القلق لديه في مناطق معينة".
وأضاف: "إذا رأينا أن هناك انتهاكات بالفعل، فسنكون على استعداد للتعامل معها بسرعة".
على صعيد آخر، قال الرئيس السوري بشار الأسد، إن الوجود العسكري الروسي في سورية يلبي حاجات "التوازن العالمي". وأوضح خلال مقابلة مع وسائل إعلام روسية "أن القوة الروسية من الناحية العسكرية ضرورية لتعزيز التوازن لأن العالم اليوم لا يخضع للمعايير القانونية، وإنما لمعايير القوة. فالقوة الروسية من الناحية العسكرية ضرورية للتوازن في العالم، هذا جانب، والجانب الآخر هو مكافحة الإرهاب".
وفي إقرار بأن روسيا استخدمت تدخلها في سورية لتعزيز أوراقها على المستوى الدولي، قال الأسد إن "روسيا دولة عظمى ولديها مهام على مستوى العالم وواجبات ومسؤوليات، هذه المسؤوليات تخدم العالم وتخدم أيضًا روسيا نفسها والشعب الروسي... روسيا ليس أمامها خيار؛ إما أن تلعب دور دولة عظمى، أو أن تنكفئ وتصبح دولة عادية جدًا، وهذا غير جيد للعالم".
وقد يهمك أيضا:
بوتين وميركل يؤكدان على أهمية حل المشاكل الإنسانية في سورية وعودة اللاجئين
لبنان عون ينتقد بيانا للاتحاد الأوروبي بشأن اللاجئين السوريين