بغداد _ نهال قباني
كشف الجنرال الأميركي فرانك ماكنزي، المرشح لتولي رئاسة القيادة المركزية الأميركية، مساء أمس الثلاثاء، أن أبوبكر البغدادي زعيم تنظيم "داعش" يجري هرباً في الصحراء على الحدود بين العراق وسورية للنجاة بحياته. وقال ماكنزي، الذي رشحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ حول تعيينه قائدا للقيادة المركزية، إن "البغدادي شخص خائف جدا يجري هربا للنجاة بحياته في الصحراء قرب نهر الفرات على حدود العراق وسورية".
ولم يحدد الجنرال فرانك ماكنزي، خلال جلسة الاستماع، جدولاً زمنياً لإلقاء القبض على البغدادي أو قتله، لكنه قال إنه يعتقد أن قدرات زعيم تنظيم "داعش" قد تضررت بشكل كبير. وأضاف أن ذلك يرجع إلى الحملة العسكرية المستمرة التي يقودها التحالف الدولي ضد مواقع "داعش" المتبقية. وختم بالقول: "طالما أنت قلق إذا كنت ستعيش أو تموت في غضون ساعة أو نحو ذلك، فمن الصعب التخطيط لهجمات ضد ديترويت".
كتلة "البناء" النيابية تفشل في تمرير الفياض كوزير للداخلية
عقب جلسة استمرت عدة ساعات للبرلمان العراقي أمس وجرى تأجيلها أكثر من مرة لمدة نصف ساعة لعدم اكتمال النصاب فشلت كتلة البناء التي تضم (تحالفات الفتح بزعامة هادي العامري ودولة القانون بزعامة نوري المالكي والمحور الوطني) في تحقيق الأغلبية البرلمانية التي تضرب من خلالها عصفورين بحجر واحد: تمرير فالح الفياض مرشحها الوحيد لوزارة الداخلية وتكريس نفسها كتلة أكبر.
الحشد المتقابل بين الكتلتين المتصارعتين "البناء" و"الإصلاح" التي تضم (سائرون بزعامة مقتدى الصدر والحكمة بزعامة عمار الحكيم والوطنية بزعامة إياد علاوي والنصر بزعامة حيدر العبادي) جاء لصالح الثانية التي نجحت في كسر النصاب بعد انسحاب النائب الأول لرئيس البرلمان حسن الكعبي الذي ينتمي إلى التيار الصدري وعدد من النواب الآخرين، علما بأن كتلة الإصلاح كانت قد رفضت الدخول إلى القاعة.
وفي الكافتيريا القريبة من القاعة الرئيسية للبرلمان كان هناك مشهد آخر يعكس حالة الفوضى واللاتوافق التي تعانيها الكتل السياسية برغم كل محاولات الترقيع التي تحاول إسباغها على مات عده توافقا كان قد جاء برئيس الوزراء عادل عبد المهدي بصرف النظر عن الكتلة البرلمانية الأكبر تحت قاعدة أن العراق أكبر من الكتلة الأكبر.
وكانت مقدمات فشل جلسة أمس بدأت من أول من أمس عندما وجه زعيم التيار الصدري رسالة شديدة اللهجة إلى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، الأمر الذي حدا بالأخير لأن يبعث برسالة جوابية لكن ليس إلى الصدر وإنما إلى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي تتضمن موقفا معاكسا لما طلبه منه الصدر، وفي المقدمة منه عدم توزير وزراء بطريقة المحاصصة، في إشارة إلى الفياض المرشح لوزارة الداخلية وفيصل الجربا المرشح لوزارة الدفاع.
وقال مصدر سياسي، أبلغ "الشرق الأوسط" شريطة عدم الإشارة إلى اسمه، إن رسالة عبد المهدي إلى الحلبوسي التي جرى تسليمها ليلا بالطرق الطبيعية كانت خاصة بالبرلمان، غير أنها سرعان ما تسربت إلى بعض الأوساط السياسية ومنها إلى وسائل الإعلام، مما يدل على أن تسريبها كان مقصودا.
ورداً على سؤال عما إذا كان التسريب من مكتب رئيس البرلمان أم مقربين من رئاسة الوزراء، أكد المصدر أن رئيس البرلمان ليس من مصلحته تسريب الرسالة، بل إن التسريب جرى من جهات مقربة من رئاسة الوزراء، الأمر الذي أدى إلى تعقيد المشهد السياسي، لا سيما أن عبد المهدي لم يستجب إلى تحذيرات الصدر.
يقول السياسي العراقي إبراهيم الصميدعي بشأن رسالة عبد المهدي لـ"الشرق الأوسط" إن رسالة عبد المهدي تأتي بعد 24 ساعة على رسالة الصدر إليه ومع ملاحظة إنه تجاوز الإشارة إلى رسالة الصدر فيبدو أن نصف رسالته يرد على الصدر وبنفس القوة والحزم الذي تضمنته رسالة الأول. ويضيف الصميدعي أنه في الوقت الذي يقول فيه عبد المهدي إنه قدم وجوهاً جديدة فإنه يتناسى أن جزءا كبيرا من المشكلة هو تقديم وجوه قديمة مجربة لا تنطبق عليها شروط المرجعية التي يوحي رئيس الوزراء برسالته أنه يعمل بهداها.
ويشير الصميدعي إلى أن عبد المهدي يضع نفسه طرفا محرضا في تفعيل الأزمة، متجاوزا حقيقة أنه شخصيا أحد أسبابها الرئيسية، فبإنكار أنه جاء توافقيا بين كتلتين وليس من كتلة أكبر لا يعطيه الحق أن يجعل منها كتلة أكبر والأخرى كتلة (أقلية) ويتهمها بأنها تريد السيطرة على كتلة أغلبية. ويتابع الصميدعي أن عبد المهدي وبخلاف ما عرف عنه أن الاستقالة في جيبه فإن رسالته أوضحت أنه يريد القول إن زمن الاستقالات قد ولى، وكأن كل الاستقالات القديمة كانت لأجل الوصول إلى رئاسة الوزراء.
وأكد القاضي جعفر الموسوي المتحدث باسم مقتدى الصدر أن الأخير لا يدعم أي جهة سياسية في الحكومة الحالية. وقال الموسوي في بيان إنه بات واضحاً أن تشكيل حكومة عادل عبد المهدي جاء من خلال التفاهمات والتوافقات التي عقدت ما بين أكبر كتلتين نيابيتين برلمانيتين هما الإصلاح والإعمار والبناء، مبيناً أن هذا التوافق ما بين الكتلتين نتج عنه تشكيل الكتلة الأكبر عدداً. وأضاف أن الكتلة الأكبر عدداً كلفت عبد المهدي كمرشح مستقل، لافتاً إلى أن الكتلتين الكبيرتين تبنتا على أن يكون عبد المهدي حراً مطلق الإرادة باختيار وزراء حكومته لتشكيل وزارات تعبر عن تطلعات الشعب العراقي من جهة والمرجعية العليا من جهة أخرى. وأوضح أن الاتفاقات الثنائية أكدت على أن تشغل الوزارات والمفاصل الأمنية من قبل مرشحين مستقلين مهنيين أكفاء، مشيراً إلى أن هذا ما سار عليه رئيس الوزراء بعد تقديمه 14 وزيراً وتم منحهم الثقة من قبل مجلس النواب بعد التصويت عليهم.
وتابع المتحدث السياسي باسم الصدر: هناك من يتمسك بالمحاصصة خلافاً للعهود والاتفاقات المعقودة، منوهاً بأن هذا يعتبر تحدياً لإرادة الشعب العراقي وتحدياً للمرجعية العليا. وأكد أن الصدر لا يدعم أي جهة سياسية مشاركة في هذه الحكومة كونه يقف إلى جانب الشعب، لافتا إلى أن الصدر لن يقف إلى جانب هذه الحكومة إذا ما تحدت الشعب والمرجعية وسيكون له موقف كمواطن عراقي.
في المقابل، حذر رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي من الفوضى. وفي تغريدة له على موقع "تويتر" قال المالكي إن "مجلس النواب اليوم أمام اختبار حقيقي، إما أن يختار التصويت على الأسماء المقدمة من قبل رئيس الوزراء وفق السياقات الدستورية، أو الذهاب نحو الفوضى".