طرابلس ـ فاطمة السعداوي
قُتل ما لا يقل عن 9 عسكريين ليبيين، مساء الجمعة، في هجوم إرهابي نفذه مسلحون يرجح انتماؤهم لتنظيم "داعش"، استهدف مركز شرطة مدينة "تازربو"، جنوب شرقي ليبيا. وقد استنكر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، في بيان له، هذا الهجوم الإرهابي، مؤكداً أن "البلاد تواجه عدواً يمتهن الإرهاب ويستهدف استقرارها"، داعياً إلى "ضرورة توحيد الصفوف والجهود لمواجهته والقضاء عليه".
وأدانت "المنظمة العربية لحقوق الإنسان" في ليبيا، الهجوم، مشيرة إلى أن مصادر فرع المنظمة أفادت بأن "من بين المهاجمين متحدثين باللهجة التونسية ولهجة أهالي المنطقة الشرقية الليبية"، لافتة إلى أن التنظيمات الإرهابية "أصبحت تعتمد على انتهاز الفرص من حين لآخر لشن عمليات مباغتة وسريعة في المناطق الرخوة من ليبيا".
وأكدت المنظمة أن "التصدي للتنظيمات المسلحة في ليبيا يستدعي الإسراع بإنهاء الانقسام الوطني وتفعيل اتفاق المصالحة الوطنية بموجب اتفاق الصخيرات والتوقف عن المماطلات والتجاذبات غير الصحية".
دعوة للتحرك لإنقاذ الأموال الليبية المجمدة في الخارج
دعا دبلوماسيون وسياسيون وأكاديميون ليبيون، مجلس الأمن الدولي، للتحرك لإنقاذ الأموال الليبية المجمدة في الخارج، منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، والبحث في محاولات تبديد فوائدها في الإنفاق على الميلشيات المسلحة. ووقّع أكثر من مائتي شخصية ليبية، بينهم السفير إبراهيم الدباشي مندوب ليبيا السابق في الأمم المتحدة، إضافة لعدد كبير من البرلمانيين، على بيان طالبوا فيه مجلس الأمن بالاضطلاع بمسؤولياته في الحفاظ على تلك الأموال، وقالوا "إنهم يتابعون بقلق بالغ التصريحات الرسمية حول اختفاء عدة مليارات من فوائد الأموال الليبية المجمدة في مصارف بلجيكا، خلال السنوات الخمس الأخيرة، وذلك عبر تحويلها إلى مستلمين مجهولين".
وأضافوا في بيان أصدروه، الخميس: "نتمسك بقرارات مجلس الأمن للحفاظ على تلك الأرصدة، ونهيب بلجنة العقوبات التابعة للمجلس اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحديد المبالغ، التي تم الإفراج عنها، ولمن صرفت؟ وفي ماذا استخدمت؟ ومعرفة ما إذا كانت قد وصلت إلى منظمات وعناصر إرهابية داخل ليبيا أو خارجها؟".
كما أبدوا ترحيبهم بمبادرة أعضاء في البرلمان البلجيكي لمساءلة وزير المالية في الحكومة البلجيكية يوهان فان أوفرفيلت، قصد معرفة حقيقة ما جرى للأموال، ومسؤولية الوزراء المعنيين، ووجهة الأموال الفعلية".
ورأت الشخصيات الموقعة على البيان أن ما جرى للأموال الليبية المجمدة في بلجيكا، الذي أشارت تقارير إلى أنه جرى أيضاً في المملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا ولكسمبورغ، لا يمكن فصله عن النهب الممنهج للثروات الليبية في الداخل والخارج، لافتين إلى أن عمليات غسيل تلك الأموال المنهوبة تتم في صورة استثمارات وشراء عقارات داخل عدة بلدان، وبمعرفة حكوماتها، وذلك في انتهاك واضح لقرارات مجلس الأمن، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
وقالت الشخصيات الليبية الموقعة على البيان إنه لا يوجد في قرارات مجلس الأمن ما يمكن تفسيره باستثناء فوائد الأموال المجمدة من التجميد، وطالبت المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني بأن يوضح للرأي العام الليبي كيف تم الإفراج عن الأموال؟ وأين هي الآن؟ وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة من خبراء ليبيين، لديهم الإلمام الكافي بعمل وأصول المؤسسة الليبية للاستثمار والتشريعات التي تحكمها، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، للكشف عن الحقيقة، وتحديد المتورطين، واتخاذ الإجراءات القانونية لمعاقبتهم واستعادة أموال الليبيين.
مطالبة بتشكيل لجنة للتحقيق في مصير هذه الأموال
وقال عضو مجلس النواب علي السعيدي القايدي، في حديث لـ"الشرق الأوسط"، إنهم سيناقشون هذا الموضوع غداً الاحد في البرلمان، موضحاً أنه سيطالب بتشكيل لجنة للتحقيق في مصير هذه الأموال. كما أشار إلى أن التقارير والمعلومات تكشف أن هذه الأموال ذهبت لتمويل الحرب التي شنتها ميلشيات "فجر ليبيا" المتطرفة، التي ظهر اسمها في 13 من يوليو/تموز 2014، وهي المسؤولة عن السيطرة على مطار طرابلس.
وكانت صحيفة "لي فيف" البلجيكية الأسبوعية، قد نشرت مؤخراً تقريراً تداولته وسائل إعلام محلية، كشفت فيه أن سلطات بلجيكا تفتح حالياً تحقيقات حول اختفاء ما يصل إلى 10 مليارات يورو من أصول ليبية مجمدة، تابعة للعقيد الراحل. وأوضحت الصحيفة أن الأصول المجمدة يوجد معظمها في بنك "يورو كلير"، وتم تجميدها في الفترة من 2012 إلى 2017.
وأرجع الدكتور محمد عامر العباني، عضو مجلس النواب، ضياع هذه الأموال لما سماه بـ"الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية، نتيجة فرض حكومة من قبل مجلس الأمن، دون حصولها على شرعية محلية ودون الخضوع لرقابة البرلمان"، في إشارة إلى حكومة الوفاق الوطني.
وأضاف العباني، في حديث إلى "الشرق الأوسط"، أن "السلطة التشريعية في البلاد، وسطوة الميليشيات والعصابات المسلحة، خصوصاً في العاصمة، جعلت الفساد ينخر في جسد مؤسسات مالية كثيرة"، مشدداً على أن الحل الأمثل للحفاظ على أرصدة البلاد المجمدة، يتمثل في إجراء انتخابات، وحل المجالس منتهية الصلاحية، ودعم القوات المسلحة وحل الميليشيات ونزع سلاحها... وبهذه الإجراءات قد ننجح في كبح جماح سطوة الفساد، ووضع حد للجرائم المالية.