دمشق ـ نور خوام
أبدى مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا، استعداده للتوجه إلى إدلب لتأمين إقامة "ممر إنساني" من أجل إجلاء السكان المدنيين قبيل هجوم تعد له قوات النظام السوري ويبدو وشيكا. وقال دي ميستورا خلال مؤتمر صحافي في جنيف، "أنا مستعد مرة أخرى... للمساهمة شخصيا وجسديا، في تأمين ممر إنساني مؤقت يتيح للسكان المدنيين الخروج".
وجاءت تصريحاته فيما تستعد القوات الحكومية لما قد تكون المعركة الأخيرة الكبرى في النزاع الدامي الذي تشهده البلاد منذ 2011، لاستعادة محافظة إدلب عقب سيطرتها على كثير من معاقل المعارضة المسلحة في مختلف أنحاء البلاد هذا العام.
ومحافظة إدلب، في شمال سورية والمتاخمة للحدود مع تركيا، تعد آخر معاقل فصائل المعارضة وإسلاميين متطرفين في سورية. ويعيش فيها نحو 2.9 مليون شخص فر منهم 1.4 مليون إلى مناطق أخرى استعادها نظام دمشق، كما ذكر دي ميستورا.
ويثير احتمال شن هجوم واسع لاستعادة المحافظة مخاوف من وقوع مأساة إنسانية أخرى، لعدم بقاء أي مناطق مجاورة تحت سيطرة فصائل المعارضة في سورية، يمكن إجلاء المدنيين إليها. وقال دي ميستورا: "ليس هناك إدلب أخرى"، مشددا على ضرورة ضمان إجلاء المدنيين إلى مناطق مجاورة تحت سيطرة الحكومة، وضمان احترام حقوقهم لدى وصولهم إلى تلك المناطق. وأضاف: "ستكون مفارقة مأسوية إذا كنّا على مشارف نهاية حرب... على مناطق داخل سورية، وشهدنا أفظع مأساة تحلّ بأكبر عدد من المدنيين".
وشدد دي ميستورا على أهمية وجود دعم "بناء وفعال" من دمشق؛ إذ إن "الممر الإنساني" المحتمل سيمر على الأرجح بمناطق تسيطر عليها دمشق. وقال: "عدا التوجه إلى تركيا، ليس أمام المدنيين خيار آخر كي لا يوجدوا في أماكن قد تشهد معارك".
والأهم بحسب دي ميستورا تجنب "تصعيد متسرع يمكن أن يؤدي بسهولة إلى أسوأ السيناريوهات". وأضاف: "ستكون مأساة في هذه المرحلة، بعد معاينة صعوبة السنوات السبع (للحرب السورية)". وقتل أكثر من 350 ألف شخص ونزح أو هجر الملايين منذ اندلاع الحرب في 2011.
وقبل عامين عرض دي ميستورا التوجه إلى حلب ومرافقة عناصر "جبهة النصرة" شخصيا للخروج من المدينة المحاصرة. وقال: "رفضت (النصرة) عرضي مرافقتهم للخروج وذهبوا إلى إدلب، وخسرنا شهرين على الأقل ومات آلاف الأشخاص لهذا السبب". وقدر المبعوث الخاص للأمم المتحدة بـ"نحو 10 آلاف رجل، بالإضافة إلى عائلاتهم" عدد عناصر "هيئة تحرير الشام (القاعدة سابقا)" و"النصرة"... "الذين لا يشكك أحد في أنهم إرهابيون يتعين إلحاق الهزيمة بهم".
لكنه حذر من الثمن الباهظ الذي يمكن أن يدفعه المدنيون. وقال: "لا يمكن أن يتوافر أي مبرر... لعدم تجنب استخدام أسلحة ثقيلة في مناطق مكتظة بالسكان". وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من "الخطر المتنامي لحدوث كارثة إنسانية في حال حصول عملية عسكرية واسعة النطاق في محافظة إدلب".
وعبر دي ميستورا عن القلق نفسه. وقال الموفد الدولي إن "مسألة تجنب الاستخدام المحتمل لأسلحة كيماوية تكتسي أهمية بالغة"، مشددا على أن استخدام مثل تلك الأسلحة "سيكون غير مقبول تماما". وأضاف: "ندرك جميعا أن كلا من الحكومة و(النصرة) لديه القدرة على إنتاج غاز الكلور لأغراض عسكرية، وهذا موضع قلق متزايد لنا جميعا".