معرض الخرطوم للكتاب

لم تسمح ميزانية المواطن السوداني أحمد علي (45 عاماً)، بشراء الكتب التي يريدها لغلاء ثمنها، واضطرته إمكاناته المالية المحدودة لاستبدالها بأخرى أقل سعراً. وقد اضطرت بعض الدور لتخفيض أسعار كتبها نظراً لتدني المبيعات، مقارنة بمبيعاتها في الدورات السابقة لمعرض الخرطوم للكتاب.

القارئ أحمد علي، أكد قبل لحظات من إسدال الستار على فعاليات معرض الخرطوم للكتاب الدولي في نسخته «15»، والذي شاركت فيه عشرات دور النشر العربية، من مصر والسعودية ولبنان وسوريا ودول المغرب العربي، إضافة إلى دور النشر السودانية، ورافقت أيامه عدد من الفعاليات الثقافية المرافقة، في الأدب والرواية والقصة والشعر والمسرح.

وقال وزير الإعلام والثقافة فيصل محمد صالح، في ختام دورة المعرض، إن الشعب السوداني يوفر من قوت يومه الشحيح ليشتري كتاباً. وأضاف أن دورة المعرض نجحت رغم التحديات التي واجهتها وأهمها ضيق فترة الإعداد. وتعد الدورة «15» لمعرض الخرطوم للكتاب الدولي، هي الأولى للمعرض في ظل الحكومة الانتقالية في السودان، بعد سقوط النظام السابق، الذي كان يفرض رقابة مشددة على الكتب، إلى حد مصادرتها ومنع عرضها.

ويوضح أحمد علي أنه دأب على ارتياد المعرض يومياً منذ افتتاحه، ليبحث بين آلاف الكتب عما يناسب اهتماماته في القراءة، ويتابع: «للأسف بعد أن عثرت على بعض العناوين، وجدت أسعارها فوق طاقتي المالية... المعرض كان غنياً بالكتب القيمة والعناوين الجديدة، التي تشبع نهم القراء في شتى ضروب المعرفة، لكن الظروف الاقتصادية في البلاد لا تخفى على أحد». ولا يختلف حال المواطن أحمد علي، عن حال كثيرين من رواد المعرض، الذين شكوا من غلاء الكتب، فيما سعّرت دور نشر عربية مطبوعاتها بالدولار، أو ما يعادله بالعملة المحلية، ليبلغ سعر بعض الكتب آلاف الجنيهات، وهو ما يفوق ميزانية كثير من القراء.
ومن ناحية أخرى، تسبب غلاء الكتاب في شكوى دور النشر والمكتبات من انخفاض المبيعات، مقارنة بالدورات السابقة، وهو الأمر الذي اضطر بعضها لتخفيض أسعار الكتب، إلى ما يقارب النصف لمواجهة ضعف حركة الشراء، وعزا بعضهم الغلاء إلى ارتفاع سعر الدولار.
يقول أسامة رمضان هاشم، عن «الدار المصرية للنشر والتوزيع»، إن داره شاركت بأكثر من 12 ألف عنوان جديد، في الرواية والفكر وغيرها من التخصصات. وأضاف: «الإقبال على الشراء تفاوت خلال أيام المعرض، ولا يختلف كثيراً عن الدورات السابقة، لذلك نحرص دوماً على أن نكون حاضرين في المعرض بالخرطوم»، وتابع: «على الرغم مما نسمعه من الجمهور من غلاء أسعار الكتب، إلا أن مبيعاتنا تزايدت بالإقبال الكثيف في اليومين الأخيرين».

وشهد جناح كتب ومنشورات الفكر الجمهوري، تدافعا كبيراً من قبل القراء، ويضم كتب الأستاذ محمود محمد طه، الذي أعدمه الرئيس الأسبق جعفر النميري، وهي كتب كانت محظورة من الطبع والتداول ودخول البلاد طوال فترة حكم عمر البشير.

ويقول أواب معتصم، عن «دار الرؤية للنشر» المصرية، لـ«الشرق الأوسط»، إن كل دور النشر العربية والسودانية أسعارها مرتفعة، وقدرة الشراء عند الناس أقل من توقعات دور النشر، ويتابع: «دار رؤية عمدت إلى تخفيض أسعارها إلى 50 في المائة لرفع مبيعاتها، ليكون في استطاعة القراء شراء الكتب، مراعاة للظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد».
ويوضح أن أبرز الكتب التي نفدت سريعاً في المعرض، مذكرات الكاتب السوداني منصور خالد، وهي 4 مجلدات، وأن كتب «إدوارد سعيد، سيد القمني، نصر حامد أبو زيد» شهدت إقبالاً لافتاً.
واختلفت هذه الدورة من معرض الخرطوم الدولي للكتاب عن سابقاتها، لأن وزارة الإعلام والثقافة، لم تضع قيوداً على الكتب، فكرية أو سياسية، وأكدت التزامها بتوجهات التغيير، وعدم فرض رقابة على حرية الفكر والنشر، بعدما كانت الجهات الرقابية قبل الثورة الشعبية التي أطاحت البشير، تمارس الرقابة على الكتب وتمنع نشر وتوزيع عناوين تخالف توجهات النظام الآيديولوجية.

واللافت رغم قصر فترة الإعداد لمعرض هذا العام، مشاركة أكثر من 200 دار نشر، عرضت أكثر من 200 ألف عنوان، 15 في المائة منها مؤلفات حديثة الطبع.
وجرت على هامش المعرض منافسات ثقافية في مجالات القصة والرواية والنقد، وأقيمت خلاله ليالٍ ثقافية وترفيهية، ونالت قصة الكاتب أحمد حامد الجالي «رقصة الزهو المجنح» جائزة القصة، فيما جاءت قصة منتصر الطيب منصور «الجسر يشكو» الجائزة الثانية، وحلّت قصة عبد الباسط مريود «أتون الرهق والهذيان» في المركز الثالث.
وفي مجال الرواية، نالت رواية «ملائكة فرص» للكاتب عماد المليك الجائزة الأول، ورواية «الزمن الرجيم» لشكري عبد الغفور، الجائزة الثانية، وجاءت «فوق مستوى الكلمات» للروائي أحمد علي في المركز الثالث.

وقد يهمك أيضا:

معرض حواء في صالة آرت فورم بالسويداء تجارب لونية أنثوية