موسكو- سورية 24
ودّعت “الساحة الحمراء”، عند جدران الكرملين في موسكو، أسبوعًا صاخبًا بالموسيقى “الحماسية” والكلاسيكية، فضلًا عن أغنيات شعبية قدمتها فرق فنية وفرق أوركسترا عسكرية، ضمن مهرجان “سباسكايا باشنيا” السنوي للموسيقى العسكرية في موسكو.
وشاركت في العروض هذا العام فرق من 11 دولة هي بيلاروسيا، وإيطاليا، ومصر، وكازاخستان، وأذربيجان، والصين، وكوريا الشمالية، وكوريا الجنوبية، وتركيا، واليابان، تنافست فيما بينها على لقب أفضل عرض. والفرق الموسيقية العسكرية تقليد قديم جدًا متعارف عليه في الجيوش، وتكون مهمة تلك الفرق عزف ألحان محددة غالبًا باستخدام أدوات صاخبة مثل الطبل والبوق لرفع الهمم قبل وأثناء المعركة.
صوت الموسيقى المنبعثة من الساحة الحمراء منذ 23 أغسطس (آب) الماضي، وحتى أمس، كان بحماسة “المعركة”، إلا أن الهدف كان بث السرور في الروح، لذلك تعمدت كل واحدة من الفرق المشاركة اختيار زي عسكري يناسب العرض؛ على سبيل المثال شاركت فرقة أوركسترا الجيش البيلاروسي بالزي العسكري الذي كان معتمدًا للأوركسترا الحربية في القرن السابع عشر، أما الأوركسترا المصرية فظهرت أمام الحضور في أحد عروضها بزي “جيوش الفرعون”، وقدمت عرضًا وصفته صحفٌ روسيةٌ بأنه من العروض التي يصعب تخيلها لجمال الفكرة والأداء في آن واحد، إذ اختارت الفرقة “مارش النصر” من “أوبرا عايدة” لتقديم فقرتها الرئيسية، التي أثارت إعجاب الجميع “لدرجة الذهول”، على حد وصف ضيوف شاهدوا ذلك العرض.
ولم تكن العروض مجرد عبور لأوركسترا الموسيقى العسكرية أمام الحضور وهي تعزف مقطوعة ما، أو “مارشًا عسكريًا”، بل كانت عبارة عن لوحة فنية متكاملة، جمعت الذوق العسكري الرفيع في اختيار أزياء الفرقة بما يتناسب مع مهمة تلك الأزياء في إظهار الهيبة والاحترام والجمال في آن واحد، مع التعريف بالهوية الوطنية للفرقة، ومن ثم مزج هذا في لوحة واحدة مع الأداء الموسيقي يرافقه أداء فني، حيث تقوم الفرق بتغيير تشكيلاتها، وهي تتنقل على أرض الساحة الحمراء، وكانت بعضها تقوم بتغيير التشكيل برقصات تتناسب مع الموسيقى.
وافتتحت الفرقة الموسيقية الرئاسية، من فرقة حرس الشرف في الكرملين، المهرجان، بعرض مهيب، ترافق مع موسيقى من أداء الأوركسترا الرئاسية، بينما خرج “حراس الكرملين” بأزياء يختلط فيها الأخضر مع السماوي، يحمل كل منهم علم واحدة من الدول المشاركة. وفي الفقرة التالية تحولت الموسيقى من العسكري الجاد إلى العسكري الأكثر ليونة، نحو موسيقى يمكن الرقص على أنغامها، وخرج راقصو وراقصات الباليه وقدموا عرضًا فنيًا جميلًا تنقلوا خلاله بين الفرق العسكرية المشاركة بأسلوب فني رائع.
ولم تكن العروض في الأيام التالية للمهرجان أقل جمالًا، لا سيما مع مشاركة الألعاب النارية التي كانت ألوانها تضيء سماء العرض، بتناسق مع الموسيقى والرقص في الساحة الحمراء. وتخللت المهرجان عروض غنائية تتناسب مع روحه وفكرته، وأدت المغنية الفرنسية الشهيرة ماري ماثيو، التي أصبحت “ضيف شرف تقليديًا” على المهرجان، مجموعة أغانٍ، بينها أغنية “Non، je ne regrette rien” للأسطورة الفرنسية إيديث بياف، وفي حفل الختام أبدعت ماثيو في أداء أغنية سوفياتية ألفها يفغيني يفتوشينكو في الستينيات، ولحنها الموسيقي أرنو باباجايان، وتُرجمت لاحقًا إلى الفرنسية، وهي أغنية “Je suis là”، أي “أنا هنا”، واسمها الأصلي (السوفياتي) “لا تستعجل”. ضمن هذه الأجواء على وقع موسيقى صاخبة، بمشاركة مختلف الأدوات الموسيقية، ووسط أجواء راقصة وأغانٍ عالمية، وعلى أضواء الألعاب النارية، ودعت موسكو الدورة الثانية عشرة لمهرجان “سباسكايا باشنايا”، لكنها كانت تستعد لفعاليات أخرى يجري تنظيمها عادة نهاية الصيف مطلع الخريف.
وقد يهمك أيضا" :