بورتوريكو تتحول إلى متحف كبير

تحولت بورتوريكو إلى متحف مفتوح للجرافيتي والرسم على الجدران بفضل فنانين محليين وعالميين أقدموا منذ ما يقرب من 7 أعوام على نشر رسوماتهم على حوائط وجدران الجزيرة، ما ساهم في دفع قطاع السياحة بالبلاد وعاد الاهتمام بهذا الفن مجددا، وهو ما انعكس في صورة معارض فنية مخصصة للفن الحضري وفن الشارع مثل "Santurcees Ley" و"Los MurosHablan"، وامتد ليخرج من المدن الكبرى، ما ساهم في دفع قطاع السياحة بالبلاد.

الفنان أليكسيس دياز يقول: "احتضن الناس الفن العام الذي لا يعد تخريبا، والذي يصنف تحت خانة الفن، ويحمل أهدافا تعليمية، يضفي السرور على حياة الناس، ويعمل كعلاج، وأعتقد أن الناس بدأت تدرك ما معنى رؤية الفن في الشارع" وأضاف أشهر فنان بورتوريكي على مستوى العالم، الذي يتابعه 187 ألف شخص عبر حساب أنستقرام: "هذا هو شغفنا، دائما ما يروق لنا التعبير عما نشعر به، وفي حالتنا فإنها الجدران".

وسبق لهذا الفنان أن وضع جزءا من أعماله في دول أخرى مثل كوريا والبرازيل وتونس وإسبانيا وإيطاليا والولايات المتحدة ويعود دعم دياز إلى أنه يبدع رسوماته بقلم دقيق وحبر الهند، مثلما فعل حين رسم لمدة أسبوعين ليلا ونهارا واجهة متحف الفن في بورتوريكو ويضيف دياز: "يندهش الناس حين يرون العمل، وكل ذلك الوقت الذي أستغرقه، التفاصيل والصبر من أجل رسم جدارية بحجم وبمواد غير شائعة".

وحسب كتاب "بورتوريكو.. متحف في الهواء الطلق" للصحفي مارفين فونسيكا، فإن هناك مشروعات منذ الخمسينيات للفن الحضري في الجزيرة، بعضها طرحتها الحكومة وأخرى أبدعها الفنانون أنفسهم، من أجل تعريف الناس بالفن، أليكسيس بوسكيت تطوع عام 2012 وفي سان خوان لتنظيم مهرجان "Santurcees Ley" الذي أقيمت منه بعدها 7 نسخ بمشاركة فنانين عالميين ومحليين وشهدت إقبال آلاف الزوار.

يقول بوسكيت، من أمام معرضه "InstitutodeSubcultura" الذي يحفل بعشرات الجداريات: "هناك صحوة وتقبل للفن الحضري. حدث حراك كي يعمل الفن، ليس فقط كعنصر زينة، بل من أجل تكوين رأسمال، ويقف الفنان خابيير سينترون منذ أعوام شاهدا على هذه الصحوة الفنية بالمنطقة التي يسكن بها في شارع سيرا، حيث يستعرض هو الآخر فنه عن طريق تلوين بعض المنازل الصغيرة التي بُني جزء منها قبل نحو 100 عام.

ويؤكد سينترون، قائلا: "إدخال الفن إلى هذه المنطقة جعل منها متحفا مفتوحا، وساهم في تعليم المجتمع وقد أقبل الأخير على ذلك. إنها حركة تظهر تداعياتها، ويمكن رؤية وقعها"، لافتاً إلى الفترة الزمنية التي هجر فيها سكان المناطق المجاورة منازلهم فاستغل شباب الفنانين المباني، وبغض النظر عن الجداريات المرسومة التي يعج بها شارع "لا سيرا" في العاصمة سان خوان، فإنه يحوي أيضا قطعة خاصة من الفسيفساء أبدعها الفنان البورتوريكي سيلسو جونزاليس مدير شركة "سيرو ديزاين آند بيلت".

وتعد هذه القطعة، التي تتكون من أجزاء زجاجية صغيرة، تجسيدا لشخصية "مارس" للمخرج السينمائي الأمريكي والفائز بجائزة أوسكار سبايك لي، ووقع اختيار جونزاليس على شخصية "لي" هذه كي يرسمها على جدارية في نيويورك بمناسبة مرور 30 عاما على فيلمه "Do the Right Thing" افعل الصواب يقول جونزاليس: "كانت رحلة تطور. بدأت بالرسم، لكن بمرور الأعوام، ازداد اهتمامي بإيجاد وسيلة أكثر استدامة. لذلك توصلت إلى الفسيفساء الذي يحتفظ بألوانه ويظل حيا لآلاف الأعوام. وركزت عليه طيلة الأعوام الـ20 الماضية".

وعلى مدار هذين العقدين، أعد جونزاليس ورفاقه في "سيرو ديزاين آند بيلت" ما يزيد على 40 مشروعا للفن العام تظهر في صورة جداريات موزعة على جميع أنحاء البلاد وفي دول أخرى بعيدة مثل تايوان لكن أحد أبرز هذه الأعمال هي تلك المهداة لأول عمدة لمدينة سان خوان، فيليسا رينكون دي جوتيير، على مدخل الشطر القديم من المدينة بطول 137 مترا.

أما بالقرب من فسيفساء سبايك لي فيوجد رسم ضخم الأبعاد لأليخاندرو رودريجيز يصور وجه طفلة وفي يدها فرشاة تحاول الرسم، بهدف التوعية بأهمية تقريب الأطفال من الفن ويبرز رودريجيز: "الفن الحضري هو فرصة لنا كفنانين كي نخرج الإبداع من المعارض والمتاحف ونعرضه على الجدران. الشارع هو المتحف ويتواجد الناس في الشارع دون أي قيود".

وبنفس الطريقة امتد "Santurcees Ley" إلى مناطق أخرى مثل بونسي وكوليبرا، بينما بدأ "Los MurosHablan" من منطقة سانتورس أيضا قبل أن ينتقل إلى ريو بييدراس وبايامون في ضواحي العاصمة.

ودفع هذا الحراك رؤساء بلديات ومجالس محلية للاهتمام بتنظيم مهرجانات للفن الحضري أو تدشين أحداث، كي يتمكن الفنانون من عرض أعمالهم على الجدران.

ومن أشهر هذه الفعاليات "ياوكروماتيك" الذي ينظمه جوناثان هرنانديز مدير منظمة "Arte para Unir"، ويعقد "ياوكروماتيك" سنويا منذ 2017 بمنطقة كانتيرا ديل سيرو دي ياوكو جنوب غربي بورتوريكو.

والهدف الرئيسي من هذا الحدث كان، وفقا لهرنانديز، هو وضع أربع جداريات قرب ميدان ياوكو إيذانا ببدء تحويل القرية إلى مدينة حضرية، لكن الأمر انتهى بـ16 قطعة فنية.

لكن هرنانديز يعتقد أن المبادرة الأكثر إثارة للاهتمام كانت تلك التي عرضها صامويل جونزاليس الذي اقترح مشروع "Macromural Brisa Tropical" الذي ينطوي على الرسم بمختلف الألوان على 20 منزلا في كانتيرا، على غرار ما يحدث في مدن الصفيح بريو دي جانيرو في البرازيل أو المنطقة 13 من مدينة ميديين الكولومبية وقد أنهى سكان المنطقة أنفسهم وفي غضون 14 يوما فحسب هذه المهمة.

وأكد هرنانديز: "لا مجال لأن يهتم أناس وينكبوا على مشروع هم ليسوا جزءا منه. اختصوا بالمشروع وهم جزء من المجتمع"، ليكون الناتج في النهاية هو عمل حظى بالثناء والدعم من قبل 200 ألف شخص أقبلوا لمشاهدته بعد وضع الرتوش الأخيرة.

من جانبه، طرح الصحفي مارفين فونسيكا في 2016 كتابه "بورتوريكو: متحف مفتوح" الذي يقع في 300 صفحة ويضم 900 صورة لجداريات في الجزيرة ويقول فونسيكا: "روى لنا الكثير من الفنانين أن بورتوريكو هي متحف مفتوح، لكن يمكن تحسين هذا الأمر. تطوروا كثيرا من حيث الإنتاج. تتضاعف أعداد الجداريات. لكن لا يمكن الاكتفاء بقبولها، بل تجب مساندة الفنانين وحماية هذه الأعمال"وقد ساهمت الملامح الجمالية والأجواء الكرنفالية التي يضفيها الفن الحضري في إثراء السياحة، خاصة في المناطق التي تنظم فيها عروض من هذا النوع

وقد يهمك أيضا:

شهلا العجيلي ارتبط اسمها بمدينة الرّقة وقدَّمت معاني الحبّ والجسد بلا تحفّظات

"القاهرة عاصمة الثقافة الإسلامية" معرض فني في مكتبة الحضارة