القاهره-سورية 24
وقف الفنان محمد البغدادي، قوميسور عام ملتقى القاهرة الدولي لفن الخط العربي، داخل القاعة الرئيسية في قصر الفنون في مصر، مُتأملاً لوحة تُبرز قصيدة «الجندول» التي يقول مطلعها «أين من عيني هاتيك المجالي... يا عروس البحر يا حلم الخيال»، يقرأ الأبيات التي ألفناها بعذوبة صوت محمد عبدالوهاب، وكلمات الشاعر علي محمود طه، وقد زاد من جمالياتها أنها مكتوبة بخط الراحل عبدالرازق سالم الذي ألبس هذه الكلمات الشجية لوناً آخر من الفن، يقول البغدادي: «الفنون لا تنفصل، وإحساس عبدالرازق بكلمات قصيدة (الجندول) فاض عبر خطه العربي البديع».
يُشير البغدادي إلى باقي الأعمال المعروضة للخطاط الراحل عبد الرازق سالم، مواليد 1908، الذي تحمل دورة هذا العام من ملتقى القاهرة للخط العربي اسمه، ويتم الاحتفاء به بعرض نحو 30 عملاً من أعماله، يُعدد البغدادي مآثر الخطاط الكبير الراحل، ومنها يُشير إلى أن «الراحل اشتهر بكتابه الشهير (دعاء القرآن) بالخط الفارسي والثلث، وكذلك كراسات تعليم الخط العربي للمدارس الابتدائية».
وانطلقت الدورة الخامسة من الملتقى تحت رعاية وزارة الثقافة المصرية، في إطار الاحتفالات بالقاهرة عاصمة الثقافة الإسلامية 2020، ويضم الملتقى 250 عملاً لـ158 فناناً من 23 دولة، ويستمر حتى 15 من شهر مارس (آذار) الحالي، وتم اختيار عدد من فناني الخط في مصر والعالم لتكريمهم هذه الدورة، منهم الفنانون المصريون محمد منير الرباط، وأوس محمد السنوسي، ومحمد بوثليجة من الجزائر، والصيني ماواي واي، ومن بين ضيوف الشرف الفنان السعودي سعود خان، ويونس بنضريف من المغرب، وحسين الهاشمي من دولة الإمارات.
وتراوحت الأعمال المعروضة بين لوحات تستلهم آيات من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، والتعاطي الفني مع كلمات مأثورة، وكذلك مع عبارة «ادخلوها بسلام» التي اختيارها شعاراً لدورة هذا العام، وتراوحت أنواع الخطوط في الملتقى، وكذلك توظيف فني للخطوط، حيث تداخلت بعض الأعمال في تكوينات تشكيلية مُستمدة من الطبيعة كالطيور والزخارف النباتية، علاوة على الاستعانة بخامات متعددة لتوظيف الخط العربي والمُنمنمات في إطارها كالنحت على الخشب، وفن الخزف، والسجاد، والغرافيك وغيرها من التقنيات، فيما حملت بعض الأعمال ملامح نوستالجية لا يمكن تفاديها كلوحة تجمع أبرز عناوين البرامج والدراما التي كتبها نقيب الخطاطين المصريين مسعد خضير البورسعيدي، التي أذيعت على التلفزيون المصري بالخط العربي، منها برنامج «حديث الروح» للشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي، و«العلم والإيمان» للراحل مصطفى محمود، ومسلسل «ليالي الحلمية» العلامة في تاريخ الدراما التلفزيونية. هناك لوحة تستدعي جارة القمر فيروز إلى الملتقى عبر بورتريه لها، وقد سادته تشكيلات من حروف الخط العربي وكأنها تفيض بكلمات أغنياتها عبر تاريخها الموسيقي، وهي للفنان خالد أبو حرشة.
يشير الفنان محمد البغدادي إلى أهمية الوقت الذي يُعقد فيه الملتقى هذا العام، لا سيما وأنه حدث فني ضخم يجمع فناني الخط في العالم في الوقت الذي تستعد فيه المملكة العربية السعودية ومنظمة «الإليسكو» لتقديم ملف لتسجيل فنون الخط العربي في قائمة التراث الثقافي غير المادي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، ويضيف البغدادي، وهو خبير الخط العربي الدولي لهذا الملف، أن تقديم الملف لـ«اليونسكو» سيكون نهاية الشهر الحالي، وأن هناك تفكيراً لاحقاً في تقديم الخط العربي لدى «اليونسكو» في قائمة الصون والحماية.
ويلفت قومسيور عام المعرض إلى أن جوائز الملتقى تُمنح للخطوط الكلاسيكية، وفئة أخرى للخطوط الحديثة والطباعة الرقمية، وفئة أخرى للزخرفة، وأن الملتقى يشهد خلال فعالياته ورشاً تعليمية للخط العربي، وجلسات علمية، لعل من بين عناوين تلك الجلسات «تطور كتابة المصحف الشريف»، و«رقمة الحرف العربي»، و«القواعد الموسيقية بين السمع والشكل في الخط العربي» وغيرها.
ويشارك هذا العام في الملتقى كل من الأزهر الشريف ودار الكتب والوثائق القومية، في إطار التفاعل مع اختيار القاهرة عاصمة للعالم الإسلامي، وذلك من خلال جناحين يضمان كنوزاً من صور للمصاحف المكتوبة بالخطوط العربية الأقدم، ولوحات تتزين بالخط العربي في القصور الملكية، وكذلك لوحة تُبرز خطوط الشيخ محمد عبد العزيز الرفاعي، أحد أقطاب الخط العربي في القرن العشرين، على كسوة الكعبة الشريفة قبل أن يتم تطريزها بالذهب.
قــــــــــــــد يهمك أيــــــــــضًأ :
عدنان الشيخ عثمان يدعو إلى إحداث أكاديمية سورية عربية لفن الخط العربي