"اللوفر أبوظبي

يفتح معرض «فن الفروسية: بين الشرق والغرب» أبوابه لاستقبال الزوار في متحف اللوفر أبوظبي غداً 19 فبراير (شباط)، ويستمر حتى 30 مايو (أيار). ويأخذ المعرض الزوار في رحلة عبر الزمن لاكتشاف ثقافة الفروسية في العصور الوسطى في أوروبا المسيحية كما في العالم الإسلامي في الشرق، وذلك من خلال أكثر من 130 قطعة فنّية وأثرية تسلّط الضوء على نشأة الفروسية وتحوّلها إلى طبقة اجتماعية مرموقة، إلى جانب تجلّيها على أرض المعركة وفي أخلاقيات الفرسان في تلك العصور.

يضم المعرض قطعاً من أوائل القرن الحادي عشر وحتى القرن السادس عشر تشمل دروعاً ومخطوطات ومعاهدات إلى جانب شعارات الفروسية وقطع زخرفية مستوحاة من فن الفروسية، وهو يقوم على دراسة تاريخية مُقارِنة بين ثقافة الفروسية في الشرق وفي الغرب. إلى جانب ذلك، سيسلّط المعرض الضوء على قيم الفروسية مثل الشجاعة والنبالة والكرم والشهامة ليبيّن أوجه الشبه بين الثقافتين.

تعليقاً على افتتاح المعرض، قال مانويل راباتيه، مدير متحف اللوفر أبوظبي: «إن صورة الفارس على صهوة حصانه صورة مترسّخة في أذهاننا. ونظراً إلى مكانة مدينة أبوظبي كملتقى بين الشرق والغرب، فإنّ اللوفر أبوظبي هو المكان الأمثل لهذه الدراسة المقارِنة لمفهوم الفروسية. فالمعرض يلبّي تطلعاتنا العالمية ويرسخ في الوقت عينه جذورنا في المنطقة. يأتي «فن الفروسية: بين الشرق والغرب»، وهو المعرض الأول لهذا العام، في إطار موسم مجتمعات متغيّرة الثقافي الذي أطلقه المتحف. في النهاية لا بدّ لنا من توجيه الشّكر إلى شركائنا من حول العالم الذين ساهموا في تنظيم هذا المعرض».

يُذكر أنّ المعرض يُقام بالتعاون مع متحف كلوني - المتحف الوطني للعصور الوسطى في باريس، ووكالة متاحف فرنسا، وهو من تنسيق إليزابيث تابوريه ديلاهاي، رئيسة أمناء متحف كلوني - المتحف الوطني للعصور الوسطى ومديرته السابقة، بمساعدة الدكتورة كارين جوفين، أمينة متحف لقسم الفنون الإسلامية في متحف اللوفر، وميتشل هوينه، رئيس أمناء متحف كلوني - المتحف الوطني للعصور الوسطى.

من جهتها، اعتبرت الدكتورة ثريا نجيم، مديرة إدارة المقتنيات الفنية وأمناء المتحف والبحث العلمي في المتحف أنّ «فن الفروسية في الشرق كما في الغرب تطلّب مهارات مشابهة، ليس فقط من الناحية الجسدية بل الدينية والفكرية أيضاً، فقد كانت ترتكز في المنطقتين على مبدأ الشرف والشجاعة والإيمان. يطّلع زائر المعرض على مقارنة لطرق تجلّي الفروسية في القطع الفنّية بالثّقافتين. إذ يسلط الضوء، خارج إطار المعارك والحروب، على تطوّر ثقافة الفروسية مع تطوّر المجتمعات في العصور الوسطى، من خلال الأدب والموسيقى والفنون، في إطار يأسر الفكر والأنظار».

أمّا سيفيرين لوباب، مديرة متحف كلوني فقالت: «يسلّط هذا المعرض الضوء، من خلال مجموعة واسعة من القطع الفنية والأثرية التي تعكس الطبقة الاجتماعية للفرسان في العصور الوسطى، على ثقافة الفروسية والقيم المرتبطة بها. فهو يسمح للزائر بالاطّلاع على نمط حياة مجموعة من الأشخاص الذين لعبوا دوراً محورياً في المجتمع آنذاك، في الشرق كما في الغرب. لذا، فإنّه يتماشى إلى حد كبير مع المقاربة العلمية لمتحف كلوني الذي يسعى لتعريف العالم إلى العصور الوسطى ومجتمعاتها».

وعملت على تصميم طريقة عرض القطع في المعرض شركة «فينسنت كورنو أركيتكت» للهندسة المعمارية، وقدّمت تصميماً ينقل الزائر إلى أجواء العصور الوسطى عبر ثلاثة أقسام هي ركوب الخيل والقتال وحياة الفارس، التي تسلّط الضوء على مختلف جوانب حياة الفرسان. فعند دخول المعرض يرى الزائر درعي أحصنة ضخمين، الأول درع حصان عثماني من أواخر القرن الـخامس عشر من مجموعة اللوفر أبوظبي معروض إلى جانب درع حصان وفارس من أوروبا من الربع الأول من القرن السادس عشر مُعار من متحف الجيش في باريس، وذلك لإبراز أوجه الشّبه بين الشرق المسلم والغرب المسيحي.

ويستعرض القسم الأول من المعرض نشأة الطبقة الاجتماعية الخاصة بالفرسان من خلال القطع الفنّية والأثرية. إذ إن جذور الفروسية المترسّخة في الشرق وتلك الخاصة بالغرب تشكل رمزاً للتّغيرات التاريخية التي شهدتها تلك العصور، وخير مثال على ذلك «طبق يحمل صورة ملكٍ ساساني يصطاد الكِباش» (إيران، منتصف القرن الخامس، السادس)، والذي يصوّر ملكاً ساسانياً مع درعه على صهوة حصانه. أمّا في الغرب، فقد أدى انحلال الإمبراطورية الرومانية إلى نشوء طبقة اجتماعية خاصة بالفرسان تتشارك القيم الشرقية التي تقوم على الإخلاص لله والتي يمكن التماسها من خلال المخطوطات مثل «قصة الكأس المقدّسة» (فرنسا، النصف الأول من القرن الرابع عشر).

ويدعو المعرض زواره بعد ذلك، لاكتشاف التبادلات الفنية والإبداعية بين الفروسية في الشرق من جهة، وفي الغرب من جهة أخرى من خلال الأدلة الواضحة على هذه الثقافة. ففي الغرب، استخدمت شعارات النبالة كشكل من أشكال التمييز الاجتماعي. وفي الإطار عينه، غالباً ما قامت شعارات النبالة الشرقية على تفسير تلك الرموز الغربية، مثل زهرة الزنبق، التي كان يُشار إليها بالزهرة الفرنسية، والتي استخدمها العديد من السلاطين في القرن الرابع عشر.

أمّا القسم الثاني من المعرض فيسمح للزوار باكتشاف قطع فنّية خاصة بالمعارك وفن القتال، مثل أسلحة الهجوم والدفاع والمعدات الخاصة بالخيول في القتال. فالمعدات هي من أبرز مميّزات الفرسان، وهي تبيّن أوجه الشبه بين الثقافتين. إذ يرى الزائر «أجزاء حمّالة سيف» (إيران، القرن الرابع عشر) تحمل نقش «لا إله إلا الله، له الحكم»، وفي سياق مماثل، يجد العديد من الدروع الأوروبية التي تحمل شعارات دينية مثل «معركة داود وجالوت» و«القديس جرجس يصرع التنين» (جمهورية التشيك، منتصف القرن الخامس عشر).

إلى جانب ذلك، يضمّ المعرض قطعاً تجسّد اللقاء بين الجيوش المسلمة والمسيحية، مثل سقوط الأندلس والحروب الصليبية، التي أدّت إلى تبادل ثقافي وعززت من الإبداع الفني عبر القصص الرومنسية والأشعار. إذ إنّ الأعمال مثل «قصة غودفري دو بويّون وصلاح الدين» (فرنسا، القرن الرابع عشر) على سبيل المثال، تبيّن هذا التلاقي بين الثقافتين والمواجهات التي تمت بينهما في الآن عينه.

ويتتبع القسم الأخير من المعرض تطوّر ثقافة الفروسية، مبيّناً أوجه الشبه بين هذه الثقافة في الشرق وفي الغرب من خلال العديد من القطع التي تتنوّع ما بين التسلية مثل الصيد بالصّقور والمبارزة ومسيرات الفرسان على الخيول، وبين علم دراسة الخيول والشطرنج.

ويقدّم الفنان المصري المعاصر وائل شوقي عملاً مسرحياً موسيقياً بعنوان «أغنية رولان» يقوم على قصيدة ملحمية فرنسية من القرن الحادي عشر أو الثاني عشر، تمجّد حكم الإمبراطور شارلمان وابن أخيه رولان وغزواتهما. ويتمحور العمل حول الحملات الصليبية من وجهة نظر عربية، وهو يقوم على كتاب «الحروب الصليبية» للأديب أمين معلوف. ويقدّم العرض أكثر من 20 موسيقياً ومغنياً من الإمارات العربية المتحدة والبحرين يؤدون فيه نمطاً غنائياً تراثياً يُعرف بفن الفجري، وهو مرتبط بغواصي اللؤلؤ في الخليج العربي. يُقام العرض في مسرح المتحف في 26 و27 فبراير الساعة الثامنة مساءً. يمكن شراء التذاكر عبر الموقع الإلكتروني.

وفي عطلة نهاية الأسبوع العائلية، الزوار على موعد مع رحلة إلى العصور الوسطى عبر العديد من الأنشطة في حديقة المتحف وتحت القبة، إلى جانب عروض الأفلام واستعراضات الفرسان، وورش العمل والعديد من الأنشطة الأخرى. المشاركة في الأنشطة مجانية 28 و29 فبراير 2020 من الساعة الثالثة بعد الظهر وحتى الساعة السادسة مساءً.

إلى جانب ذلك، يشمل البرنامج الثقافي عرضاً للثلاثي جبران. فقد أصبح هذا الاسم الشهير مرتبطاً بنغمات العود. يتحدر الإخوة من عائلة من صانعي الآلات الموسيقية، وهم يقدمون عروضاً مبتكرة يعزفون فيها معاً كثلاثة عازفين منفردين تصدح أعوادهم بصوت واحد. وسيُقدّمون معزوفاتهم في مسرح المتحف في 26 مارس (آذار) الساعة الثامنة مساءً. يمكن شراء التذاكر عبر الموقع الإلكتروني.
قد يهمــك أيضــا: قصور لا لوار في فرنسا تتحدث عن التاريخ السياسي والاجتماعي لأوروبا الغربية

"فن الفروسية"بين الشرق والغرب" في معرض متحف اللوفر أبوظبي الجديد