نيويورك - سورية 24
بدأت دول حول العالم في اتخاذ إجراءات مالية وقائية ضد فيروس "كورونا" الجديد، الآخذ في الانتشار دون حدود توقفه، بعد أن تخطت تأثيراته السلبية قطاعي السياحة العالمية والنقل، فكانت الإجراءات الاعتيادية تطال قطاعين أو ثلاثة، غير أن تأثر قطاع السياحة العالمي والنقل البحري، فضلًا عن أسواق النفط والأسهم والمعادن الأولية والعملات، يستدعي معه تحصينات استثنائية في ظروف استثنائية بالفعل.
ورغم أن منظمة الصحة العالمية، أعلنت الخميس، أن تفشي فيروس كورونا أصبح حالة طوارئ عالمية، فإنها عارضت فرض قيود على السفر أو التجارة مع الصين وأبدت ثقتها في قدرة بكين على احتوائه. وأودى فيروس كورونا الجديد حتى الآن بحياة 213 شخصًا في الصين، وانتشر إلى ما لا يقل عن 22 دولة، بينما أصاب بالشلل عدة أقاليم في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وهيمنت مخاوف فيروس كورونا على الأسواق المالية، ملقية بظلالها على أرباح إيجابية للشركات، وأعلن أمس، البنك المركزي وهيئات رقابة أخرى في الصين، عن عدد كبير من الإجراءات المستهدفة، التي ترمي إلى مساعدة الشركات والبنوك والأفراد المتضررين من تفشي الالتهاب الرئوي الفيروسي.
وقالت وكالة "بلومبرغ" للأنباء أمس (السبت)، إن البنك المركزي سيستخدم عمليات السوق المفتوحة وآلية الإقراض الدائم وغير ذلك من الأدوات، لضمان أن السيولة النقدية بين البنوك كافية لإبقاء معدلات أسواق المال مستقرة، طبقًا لما ذكره بنك الشعب الصيني في بيان مع وزارات أخرى وهيئات رقابة مالية أمس.
وسيعطي بنك الشعب الصيني للبنوك 300 مليار يوان (43.4 مليار دولار)، في إعادة إقراض لمساعدتها في تقديم مزيد من المال لقائمة من الشركات وطُلب من البنوك بألا تسحب القروض من الشركات المتضررة من الفيروس، لا سيما من الشركات الأصغر.
وتحركت اليابان أمس أيضًا، للحد من تأثير تفشي فيروس كورونا على الاقتصاد، حيث بدأت تطبيق إجراءات جديدة صارمة تهدف لمكافحة انتشار الفيروس وتشمل استهداف الزائرين الأجانب. وأعلنت اليابان اكتشاف 17 حالة إصابة مؤكدة بالفيروس الجمعة، بعضها دون ظهور أعراض. وإحدى أحدث الحالات كانت لمرشد سياحي كان يعمل على حافلة تقل سائحين من الصين. وأصيب سائق الحافلة أيضًا بالفيروس.
وقال رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في اجتماع أمس، إن فريق مهمات حكوميًا ينسق تعامل اليابان مع الفيروس سيصوغ خطوات تهدف لتخفيف تأثير تفشي الفيروس على الاقتصاد الياباني.
والسياحة جزء رئيسي من السياسة الاقتصادية لحكومة آبي ونسبة كبيرة من السائحين الأجانب تأتي من الصين، كما تملك شركات يابانية كبيرة عددًا من المصانع في الصين. ونقلت وكالة كيودو اليابانية للأنباء عن آبي قوله: "طلبت من الوزراء صياغة إجراءات لاستخدام الاحتياطيات (في ميزانية الدولة) وتطبيقها بأسرع ما يمكن".
وأضاف: "فيروس كورونا الجديد له تأثير كبير على السياحة والاقتصاد والمجتمع بأسره، ستبذل الحكومة أقصى جهودها لمواجهة تأثيره". ولم ترد تفاصيل أخرى، لكن آبي شدد على ضرورة إتاحة الفحص الطبي للمواطنين وتوفير الأقنعة الواقية التي تنفد في أنحاء البلاد.
- متاعب شركات النفط
أصدرت شركات النفط العملاقة الأميركية "إكسون موبيل" و"شيفرون" و"كاتربيلر" نتائج ضعيفة الجمعة، ما يعكس ضعف أسواق السلع الذي يحتمل أن يتفاقم بسبب تفشي فيروس كورونا في الصين.
وتغطي النتائج الربع المنتهي في 31 ديسمبر (كانون الأول)، وهي الفترة التي أثرت فيها حالة عدم اليقين بشأن العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين على الاقتصاد العالمي، ولكن قبل أن تؤثر حالة الطوارئ بسبب فيروس كورونا على الطلب في الصين وتثير المخاوف من زيادة التباطؤ.
ومع توقف الشركات عن الإنتاج وإلغاء الرحلات الجوية، قال محللون إن الروابط القوية مع الصين تعني أن تأثير هذا الفيروس من المحتمل أن يتسبب في تأثير أكبر من تفشي مرض السارس في عام 2003.
وأعلنت شركة إكسون موبيل انخفاض أرباحها، حيث أثر تسعير المواد الكيميائية والمنتجات المكررة على النتائج، في حين أنهت منافستها "شيفرون" الربع الرابع لعام 2019 بخسارة فادحة بعد أن خفضت قيمة أصولها من النفط والغاز بمقدار 10.4 مليار دولار.
وفي الوقت نفسه، حققت شركة كاتربيلر زيادة متواضعة في الأرباح، حيث أدت تدابير خفض التكاليف إلى التعويض عن انخفاض الإيرادات. لكن الشركة التي تبيع الآلات لصناعات البناء والموارد والنقل، قدمت نظرة مخيبة للآمال أبرزت حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي.
وتراجعت أسهم جميع الشركات الثلاث الجمعة، ما أثر على مؤشر داو جونز الذي انتهى بأكبر خسارة منذ أغسطس (آب)، حيث انخفض أكثر من 600 نقطة.
وتراجعت أسعار النفط بنحو 15 في المائة في يناير (كانون الثاني)، حيث أدى الارتفاع الكبير في الحالات المؤكدة من الإصابة بفيروس كورونا إلى إعلان منظمة الصحة العالمية الخميس، أن المرض حالة طوارئ عالمية. كما انخفضت أسعار النحاس والمعادن الصناعية الأخرى.
وكذلك فعلت السلطات الأميركية، حيث أعلنت حالة الطوارئ الصحية وحظرت على الرعايا الأجانب الذين سافروا إلى الصين دخول البلاد.
أما بالنسبة لقطاع النفط، فقد أثر انتشار المرض على الطلب على وقود الطائرات وبدرجة أقل على الطلب على البنزين والديزل، وربما يكون انتشار فيروس كورونا أشد وطأة من انتشار سارس في 2003، لأن حركة النقل الصينية "أعلى بشكل لا يضاهى"، حسبما ذكر تقرير لشركة وود ماكينزي للاستشارات.
ووفقًا للتقرير الذي توقع انخفاض الطلب الصيني على النفط بمقدار 250 ألف برميل يوميًا، فإن "تفشي فيروس كورونا المستمر وتدابير الحجر الصحي واسعة النطاق الناجمة عن ذلك، تشكل خطرًا اقتصاديًا كبيرًا على الصين وخارجها".
وأشارت شركة غولدمان ساكس إلى أن الفيروس "كان له بالفعل تأثير ملموس على الطلب على المعادن بعد تمديد عطلة رأس السنة الصينية الجديدة لمدة أسبوع"، وأكدت كذلك أن تأثير الفيروس الجديد قد يكون أشد من تأثير سارس بسبب زيادة روابط النقل.
ولم يناقش الرؤساء التنفيذيون في شركة إكسون موبيل الفيروس خلال مكالمة جماعية لمناقشة الأرباح، لكنهم أشاروا إلى ضعف الطلب بشكل عام على معظم السلع المرتبطة بالنفط. ووصف الرئيس التنفيذي للشركة دارين وودز الطلب على كثير من المنتجات الرئيسية بأنه "قوي"، لكنه قال إن هوامش الربح انخفضت بسبب زيادة العرض.
ورغم أن وودز لمح إلى أن بعض الاستثمارات قد تتأخر إذا استمر التراجع، فإن الشركة لن تلغي المشروعات ودافعت عن الاستثمارات المستمرة. وقال للمحللين: "نعلم أن الطلب سيستمر في النمو مدفوعًا بارتفاع عدد السكان والنمو الاقتصادي".
- تراجع مؤشر رسوم النقل البحري 90 في المائة
تشير بيانات أسعار النقل البحري إلى أن هذا القطاع هو الأشد تضررًا من أزمة انتشار فيروس كورونا المتحور الجديد خلال الشهر الحالي.
وأشارت وكالة "بلومبرغ" للأنباء، إلى أن رسوم استخدام سفن كيب سايز العملاقة التي تستخدم عادة في نقل المواد الخام مثل خام الحديد انخفضت بنسبة 90 في المائة خلال الشهر الحالي، مقارنة بأعلى مستوى لها في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفقًا لأحد مؤشرات متابعة أرباح شركات النقل البحري. وجاءت أزمة فيروس كورونا المتحور الجديد لتزيد الضغوط على قطاع النقل البحري في العالم هذه الأيام التي يتراجع فيها الطلب عليه بسبب عطلة عيد رأس السنة القمرية في الصين.
ويبرز تراجع أسعار الشحن البحري حاليًا، مدى تأثير الصين على أسواق السلع في العالم، من النفط الخام إلى النحاس. ونقلت "بلومبرغ" عن رالف ليسزكزنيسكي الباحث في مجال النقل البحري بشركة بانشيرو كوستا، أنه من المتوقع استمرار الأداء الضعيف للطاقة في ظل حالة الغموض التي تحيط بفترة بقاء تأثيرات انتشار الفيروس الذي تسبب في مقتل أكثر من 200 شخص في الصين، وأدى إلى تراجع كبير في حركة السفن من وإلى الصين، وهي أكبر دولة مصدرة في العالم وثاني أكبر اقتصاد فيه.
يذكر أن خام الحديد يعدّ أكبر مادة خام يتم نقلها بالسفن عبر العالم، حيث يصل إجمالي حمولات خام الحديد التي تنقلها السفن سنويًا إلى 1.6 مليار طن من مناجم الإنتاج الضخمة في البرازيل وأستراليا إلى مصانع الحديد والصلب في الصين وأوروبا.
- الذهب لأفضل أداء شهري
ارتفعت أسعار الذهب يوم الجمعة، آخر تداولات الأسبوع، وسجلت أكبر مكاسبها الشهرية في 5 أشهر، مع تزايد شهية المستثمرين للمعدن النفيس بفعل مخاوف بشأن النمو الاقتصادي وسط انتشار فيروس كورونا.
وصعد الذهب في المعاملات الفورية 0.7 في المائة إلى 1584.77 دولار للأوقية (الأونصة) في أواخر جلسة التداول، موسعًا مكاسبه منذ بداية الشهر إلى أكثر من 4 في المائة، وهو أفضل أداء شهري منذ أغسطس (آب)، وتراجعت العقود الأميركية للذهب 0.1 في المائة لتبلغ عند التسوية 1587.90 دولار للأوقية.
- النحاس لأدنى مستوى في 5 أشهر
هبطت أسعار النحاس إلى أدنى مستوى في 5 أشهر، مع إقبال المستثمرين على البيع توقعًا لتباطؤ الطلب في الصين، أكبر مستهلك للمعدن الأحمر، حيث يهدد تفشي فيروس كورونا بإلحاق ضرر بالنشاط الاقتصادي.
وأنهت عقود النحاس القياسية جلسة التداول في بورصة لندن للمعادن منخفضة 0.4 في المائة إلى 5567 دولارًا للطن. وفي وقت سابق من الجلسة، هبطت الأسعار إلى 5533.50 دولار، وهو أدنى مستوى لها منذ أوائل سبتمبر (أيلول) وبانخفاض قدره 12 في المائة منذ 16 يناير (كانون الثاني).
ومن بين المعادن الصناعية الأخرى، قفزت عقود الرصاص 3 في المائة إلى 1879 دولارًا للطن، بينما صعدت عقود النيكل 1.8 في المائة إلى 12850 دولارًا للطن. وارتفعت عقود الزنك 0.5 في المائة إلى 2200 دولار للطن، بعد أن تعافت 2163 دولارًا، وهو أدنى مستوى لها منذ يوليو (تموز) تموز 2016. وتراجعت عقود الألومنيوم 0.5 في المائة إلى 1722 دولارًا للطن.
قد يهمــك أيضــا: اللجنة الفنية لـ"أوبك+" تبحث أثر "كورونا" على السوق شباط الحالي