القصف الإسرائيلي

شنت إسرائيل سلسلة غارات استهدفت مواقع مختلفة في قطاع غزة، رداً على إطلاق مجموعة من القذائف الصاروخية على مستوطنات وبلدات إسرائيلية. وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل «أحمد محمد الشحري (27 عاماً)، متأثراً بجروحه الخطيرة التي أصيب بها جراء القصف الإسرائيلي على مناطق غرب خان يونس جنوب قطاع غزة». وأضافت الوزارة أن «الشحري استشهد في مستشفى غزة الأوروبي الذي نقل إليه بعد أن حاولت طواقم مجمع ناصر الطبي إنقاذ حياته، جراء إصابته الخطيرة».

وجاء إطلاق الصواريخ والغارات بعد يوم جديد من الصدامات في إطار مظاهرات «مسيرات العودة» قرب حدود قطاع غزة مع إسرائيل، أسفرت عن جرح أكثر من 90 فلسطينياً يوم الجمعة، بينهم 50 بالرصاص، حسب وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» في القطاع.

وقصفت طائرات إسرائيلية مساء أول من أمس 15 هدفاً في القطاع تابعاً لحركة حماس وفصائل أخرى، من بينها مواقع تدريب وأخرى للمحاكاة، قبل أن يطلق مسلحون مضادات أرضية على الطائرات الإسرائيلية دون أي إصابات. وكان الجيش الإسرائيلي أعلن في بيانات أنّه تم إطلاق ما لا يقل عن 10 صواريخ من غزة على جنوب إسرائيل، موضحاً أن نظام «القبّة الحديدية» اعترض 8 منها. ومع ذلك، قالت الشرطة الإسرائيليّة في بيان، إن صواريخ سقطت في سديروت المتاخمة لقطاع غزة، أصاب أحدها منزلاً متسبباً بأضرار ولم يؤدِّ إلى سقوط جرحى. وهذه هي الليلة الثانية على التوالي التي تُطلق فيها صواريخ من القطاع على الأراضي الإسرائيليّة، بعد تهدئة استمرت نحو 6 أسابيع.

وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، في بيان: «قامت طائرات جيش الدفاع الحربية الليلة الماضية بالإغارة على مجموعة واسعة من الأهداف الإرهابية المختلفة، من بينها موقع عسكري تابع للقوة البحرية لمنظمة حماس الإرهابية، وموقع عسكري تابع لمنظومة الدفاع الجوي للمنظمة، وموقع آخر يحتوي على جهاز محاكاة لإطلاق نار مضادة للصواريخ، بالإضافة إلى مواقع تدريب ومجمع لإنتاج الوسائل القتالية وموقع عسكري يُستخدم مخزناً للأسلحة، وشبكات تحت الأرض تابعة لمنظمة حماس في شمال ووسط وجنوب قطاع غزة». وأضاف البيان أن «هذه الغارات جاءت رداً على إطلاق القذائف الصاروخية من قطاع غزة نحو الأراضي الإسرائيلية».
وأظهرت فيديوهات نشرها الجيش لحظة تفجير مواقع في القطاع في أراضٍ مفتوحة. وحمّل الجيش الإسرائيلي حركة حماس المسؤولية عن إطلاق الصواريخ من غزة، فيما ردت حماس بقولها إن القصف الإسرائيلي يمثل تصعيداً خطيراً في حق المدنيين الأبرياء، وأنه سيرتد في وجه الاحتلال. وجاء تحذير حماس بعد تحذيرات الجيش الإسرائيلي التي قال فيها إنه «ينظر بخطورة بالغة إلى الهجوم بإطلاق القذائف الصاروخية التي تعرضت لها إسرائيل، وسيبقى في جاهزية عالية، ويواصل العمل ما تطلّب الأمر ذلك، ضدّ محاولات المساس بالمواطنين الإسرائيليين. إن الجيش يعدّ منظمة حماس مسؤولة عن كلّ ما يحدث في قطاع غزة وينطلق منه».

من جانبها، تقول حماس إن تحميلها المسؤولية هي عادة دأب عليها الجيش الإسرائيلي رغم أنه يقر بأن الحركة لا تقف خلف الصواريخ ولا تسعى لمواجهة، لكن من منطلق الضغط على الحركة للجم جماح الفصائل الأخرى.

وتتهم إسرائيل حركة «الجهاد الإسلامي» بإطلاق الصواريخ إرضاء لإيران وكجزء من خلافها مع «حماس»، ومحاولة لفرض أجنداتها. ولم ترد «الجهاد» على الاتهامات، لكنها قالت إن «رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يسعى إلى التغطية على فشله وفساده بالتصعيد العدواني ضد قطاع غزة، واستهداف المواقع والمنشآت، وإيقاع الخسائر في صفوف المدنيين، كما حدث في خان يونس».


وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن «الجهاد الإسلامي، المدعوم من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، يقف خلف إطلاق هذه الصواريخ، كما جرت العادة في الأشهر الأخيرة». وقالت صحيفة «معاريف»: «في إسرائيل أجهزة الأمن تتهم بهاء أبو العطا، مسؤول في حركة الجهاد، بالوقوف خلف إطلاق الصواريخ». كما قالت صحيفة «هآرتس» إن «أبو العطا يقف خلف الصواريخ لرغبته في تعزيز مكانته داخل قيادة التنظيم، وضمن صراع الجهاد مع حماس على فرض الحركة نفسها بالقوة في غزة». وأضافت: «قوة الرد الإسرائيلي كان الهدف منها إجبار حماس على كبح جماح الجهاد الإسلامي».
وبدا الرد الإسرائيلي قوياً لكن محدوداً أيضاً، بسبب عدم رغبة إسرائيل في تصعيد الموقف في القطاع خشية تطورات في الشمال. وأدى ذلك إلى انتقادات حادة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي عقد سلسلة مشاورات أمنية مع بدء التوتر. وقال يائير لابيد، القطب في حزب «كاحول لافان» إنه كان يترتب على إسرائيل أن ترد بعظمة وبقوة ومن دون تردد على الاعتداءات الصاروخية الفلسطينية التي انطلقت من قطاع غزة باتجاه إسرائيل. وكتب في صفحته على شبكة «فيسبوك»: «إنه يجب أن يدرك قياديو حماس والجهاد الإسلامي أنهم سيدفعون الثمن بحياتهم، على أي اعتداء ضد مواطنين إسرائيليين». وأضاف: «يجب أن يقابل الإرهاب بالقوة وليس بحقائب مليئة بالدولارات»، داعياً إلى تغيير السياسة الأمنية تجاه غزة، لا سيما العودة إلى انتهاج سياسة التصفيات محددة الأهداف.

وتتباين هذه الضربات مع الهدوء النسبي الذي كان يسود في الأسابيع الأخيرة على الحدود بين غزة وإسرائيل بعد تبادل لإطلاق الصواريخ والضربات الجوية في أغسطس (آب)، ما أثار مخاوف من تصعيد بين حماس وإسرائيل اللتين تواجهتا في 3 حروب في القطاع منذ عام 2008. وكانت إسرائيل حينذاك قد تأخرت في السماح بدخول مساعدات شهرياً إلى غزة في إطار اتفاق تهدئة تم التفاوض عليه مع الأمم المتحدة ومصر وقطر التي تقيم علاقات مميزة مع حماس.

ويرى محللون أن إطلاق الصواريخ من غزة يهدف إلى الضغط على إسرائيل التي كانت تسعى إلى تجنب التصعيد مع اقتراب الانتخابات التشريعية، من أجل تسريع دخول هذه المساعدة إلى القطاع. وتوقف تبادل القصف في نهاية المطاف قبيل الانتخابات الإسرائيلية التي لم تفضِ إلى فوز حاسم لرئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو أو خصمه بيني غانتس قائد الجيش خلال الحرب الأخيرة في غزة في عام 2014. ومع ذلك، بقيت غزة في الأسابيع الأخيرة مسرحاً كل يوم جمعة لمظاهرات تدين الحصار الإسرائيلي وتطالب بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى الأراضي التي طردوا أو فروا منها عند قيام دولة إسرائيل في 1948، وتتركز «مسيرات العودة» هذه في الجانب الواقع في غزة مع الحدود التي يراقبها الجيش الإسرائيلي.

وقد يهمك أيضا:

السلطات الأميركية تسرد معلومات عن أشلاء زعيم داعش أبوبكر البغدادي