رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت،

دعا رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، الأطراف السودانية، إلى العمل من أجل تحقيق السلام في بلادهم، وحث المتفاوضين على عدم التشدد، وضرورة تقديم التنازلات، معتبرًا أن نظام الرئيس السابق عمر البشير كان وراء الانفصال، فيما شدد عضو مجلس السيادة رئيس الوفد السوداني للمفاوضات مع الحركات المسلحة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، على أن تحقيق السلام في بلاده خيار استراتيجي، في وقت دعا رئيس تحالف “الجبهة الثورية” دكتور الهادي إدريس، المجتمع الدولي ودول الجوار، إلى توحيد الجهود لإنجاح العملية السلمية في السودان، في حين طالب رئيس “الحركة الشعبية - شمال”، عبد العزيز الحلو، السلطة الانتقالية في بلاده، بتقديم التنازلات لتحقيق الوحدة في السودان على أسس عادلة.

وقال الرئيس سلفا كير، في الجلسة الافتتاحية لبدء إجراءات محادثات السلام بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة في جوبا، إنه يشكر جميع الأطراف، لتلبيتهم الدعوة بالحضور إلى عاصمة بلاده، وأن ذلك يؤكد رغبتهم في تحقيق السلام في بلدهم، وأضاف: “سنكون سعداء في جنوب السودان عند وصول أشقائنا في السودان إلى السلام”، داعيًا أطراف التفاوض السودانيين إلى العمل من أجل تحقيق السلام لشعبهم الذي يعاني أوضاعًا عصيبة، وقال: “لقد كنت جزءًا من السودان، وأريد أن أنصحكم بأن الأوضاع التي أبعدتنا من السودان يجب أن يتم تجاوزها من قبل المجموعة التي استولت على السلطة، ولقد تم دفعنا إلى خارج السودان”، في إشارة إلى الانفصال الذي حدث في عام 2011 عبر الاستفتاء الشعبي، وأضاف: “لا أريدكم أن تتبنوا مواقف متشددة، وعليكم بالمرونة في رفع المطالب، والاستعداد لتقديم بعض التنازلات المطلوبة، لأن عليكم مسؤوليات أمام شعبكم، وسنكون معكم خطوة بخطوة”.

وقال كير إنه في أي نزاع بالسودان، تبدأ أطراف مختلفة بالتحرك لإيجاد الحلول، وقال: “السودان هو وطننا، ولا يمكننا أن نكون مرتاحين هنا في جوبا، بينما الخرطوم تحترق”، وأضاف: “أريد منكم التأكيد لجميع أصدقائكم الذين لم تتم دعوتهم أننا لا نسعى إلى إقصائهم، وأن تبلغوهم بذلك”، معربًا عن سعادته ببدء المحادثات المباشرة، وقال: “مجموعة عبد العزيز الحلو مختلفة عن (الجبهة الثورية)، لكن في النهاية نريد تحقيق السلام، وهي المهمة الرئيسية بالنسبة لنا... نسعى لتحقيق السلام الذي يجعل الناس لا يعودون إلى الحرب مرة أخرى”، مؤكدًا أن الأطراف السودانية جادة في تحقيق السلام، وتابع: “أريدكم أن تتفاوضوا بإرادة حقيقية للتوصل إلى السلام، الذي إن لم يتحقق فلن يكون هناك سلام في جنوب السودان”.

من جانبه، قال عضو مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في الجلسة الافتتاحية، إن “السلام يحقق مصالح بلدي السودان وجنوب السودان”، وأضاف: “السلام بالنسبة لنا مطلب استراتيجي، والتنمية الاقتصادية لا تتحقق إلا بالسلام، ومشاركة أبناء الوطن في السلطة والثروة، ما يحقق الفرص المتساوية للجميع دون إقصاء لأحد على أساس العقيدة أو اللون”، داعيًا إلى أن يكون منهج الدولة التراضي على أساس المواطنة.

وأكد حميدتي، الذي وصل جوبا أمس، على رأس وفد عالي المستوى لبدء إجراءات محادثات السلام مع “الجبهة الثورية” و”الحركة الشعبية - شمال” بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، رغبة بلاده في إنجاح مبادرة رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، التي توافقت عليها الحركات المسلحة، وقال: “أتينا إلى جوبا بقلب مفتوح للبدء فورًا في محادثات جادة ومثمرة، أساسها الرغبة الصادقة في تحقيق السلام بعد هذه السنوات الطويلة من الحرب. لقد حان الوقت لوقف هذه الحروب والبدء في مسيرة البناء والتعمير”، داعيًا إلى معالجة كل المشكلات التي تؤدي إلى الصراع بمعالجة جذور الأزمة بشكل يرضي الجميع.

اقرأ  أيضًا:

مُحاكمة عمر البشير بتُهم الثراء الحرام والفساد الأربعاء المقبل

من جهته، دعا رئيس تحالف “الجبهة الثورية” التي تضم الحركات المسلحة، التي تقاتل الحكومة في النيل الأزرق ودارفور الدكتور الهادي إدريس يحيى، دول الترويكا (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج)، والاتحاد الأفريقي، ومصر، وإثيوبيا، وتشاد، والخليج العربي، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، إلى العمل المشترك وتوحيد الجهود لإنجاح العملية السلمية في السودان، وقال: “الذين جربوا الحرب يدركون معنى السلام... السلام الذي نبحث عنه ليس للوظائف وإرضاء النخب، نحن نريد السلام الذي يخدم ضحايا الحروب. إنه السلام الذي صنعته الثورة السودانية، ويجب أن يتحقق سلام يشبه هذه الثورة”، مشددًا على أن التحالف لا يسعى إلى عقد صفقة محاصصة بين القيادات، وأضاف: “نريد إجابة على السؤال التاريخي عن كيف يحكم السودان من قبل من يحكمه، وذلك بمخاطبة جذور الحروب”.

وأعرب يحيى عن أمله في أن تنتهي الحروب في السودان دون عودة، وقال: “يجب أن نسأل أنفسنا لماذا انفصل جنوب السودان عن السودان، ولماذا وقعت جرائم الإبادة الجماعية... علينا عدم تكرار أخطاء الماضي والتعلم منها”، معتبرًا أن طريق تفكيك الدولة العميقة في بلاده يبدأ بتحقيق السلام، وأضاف: “بلادنا في حاجة ماسة اليوم لترتيبات أمنية شاملة وبناء جيش قومي لا يوجه سلاحه نحو شعبه”، مؤكدًا أن تحالف “الجبهة الثورية” في كامل الاستعداد للانخراط في ترتيبات أمنية حقيقية وجاهزة لبناء شراكة مع القوى التي أطاحت بالنظام السابق، وتحقيق الانتقال من الحرب إلى السلام، ومن الشمولية إلى الديمقراطية، وإعادة هيكلة الدولة السودانية لمصلحة جميع شعوبه للوصول إلى مصالحة وطنية شاملة وتضميد جراح الحرب، وتابع: “أي اتفاق سلام سيكون لصالح الشهداء والجرحى والمفقودين”، مناشدًا “قوى الحرية والتغيير” التي شكلت الحكومة الانتقالية بتصحيح الأخطاء وإجراء مراجعات حقيقية لمؤسسات هذا التحالف.

من جانبه، قال رئيس “الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال” عبد العزيز الحلو، إن السودانيين ظلوا في نزاعات داخلية مستمرة، وتنتقل أطراف النزاع من منبر إلى آخر في عواصم دول الجوار والإقليم، وأضاف: “أخشى أن يكون هناك منبر جديد... الآن جئنا إلى جوبا التي كانت جزءًا من السودان، ولعدم الجدية سابقًا أصبحنا نتفاوض فيها بعد أن أصبحت دولة مجاورة بدلًا من الحفاظ على وحدة البلاد”، موجهًا رسالة إلى عضو مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو بالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقه، وقال: “لا بد من تقديم تنازلات ضرورية للحفاظ على وحدة السودان على أسس عادلة وسلام دائم وسودان جديد يسع الجميع”، وتابع: “أرجو أن ننتهز هذه الفرصة لنقول نتمنى أن يكون هذا آخر منبر للتفاوض بين السودانيين، وعلينا ألا نضيع هذه الفرصة”.

قد يهمك أيضًا:

السودان يشهد أجواء احتفالية محدودة في السودان في أوَّل أضحى بعد البشير

تأجيل أولى جلسات مُحاكمة عمر البشير إلى منتصف آب لأسباب إنسانية