دمشق - سانا
ابتسامة اطمئنان وثقة انطبعت على وجه نور صفايا الجندي على أحد محاور جبهة جنوب العاصمة في محيط الحجر الأسود آخر معقل لإرهابيي داعش واصفا المعركة بأنها أسهل مما كان يتوقع.
لكن أكثر ما يشعر الجندي الشاب 22 عاما بالاطمئنان إضافة للانهيار السريع لدفاعات إرهابيي “داعش” وتقهقره هو وجود أخوه جواد التوءم الذي كان يحارب معه على الجبهة نفسها في إجازة صحية حيث وفر عليه الكثير من القلق على الأخ التوءم ويقول عن هذا الشعور “لا أتمنى أن يكون ضمن مجموعتي.. هو مندفع وأنا أخاف عليه”.
تطوع نور وجواد في صفوف الجيش العربي السوري ضمن التشكيل العسكري نفسه ليكونا في مجموعة اقتحام واحدة على الجبهات فخاضا منذ ثلاث سنوات المعارك الواحدة تلو الأخرى وعاشا مشاعر العطف والحنان والقلق كلما تعرض أحدهما للخطر.
يروي نور قصة معركة مزارع الريحان بمحيط مدينة دوما بالغوطة الشرقية التي كانت معقلا لإرهابيي تنظيم جيش الإسلام قبل أن يندحر كليا من دوما في الرابع عشر من نيسان الجاري ضمن اتفاق تسوية قضى بخروج الإرهابيين من المدينة.
يجلس نور على الدشمة خلف إحدى الطلاقيات حيث سيطر هدوء حذر على خط القتال بعد ساعتين من القصف المركز مع غارات جوية شلت حركة إرهابيي داعش ساردا تفاصيل اختيار قائمة الجنود الذين وقع عليهم الاختيار للاقتحام في معركة الريحان في الثالث من آذار الماضي حيث تصدر اسم نور القائمة وتبعه جواد يتذكر تلك اللحظة وقد أصبح أكثر انفعالا” انتابني شعور بالخوف وطلبت مدفوعا بعاطفتي لأخي من الضابط المسؤول ألا يدخله معنا بالاقتحام” في المقابل كان جواد كلما سمع اسمي يتردد عند قراءة القائمة لتحضير أنفسنا للاقتحام يذهب بدوره إلى الضابط ويقول له “نور شيلو من القائمة انا بفوت.. لأسارع بدوري وأقول للضابط لا لا هو بيضل وأنا بفوت”.
يتابع نور وقد ارتسمت ابتسامة فرح على محياه في جوابه على سؤال كيف انتهت القصة “عندما حانت ساعة الهجوم وأعطينا الأمر بالاقتحام كان جواد نائما وبهدوء شديد.. تركناه واقتحمنا” مستدركا “بصراحة أحاول أن أبعده ما أمكن عن الخطر لأن لديه مشاكل صحية حيث يعاني التهاب أعصاب ومشاكل بالكليتين فاخشى أن يصاب وتزداد آلامه لكن مع ذلك يصر على أن يكون بمقدمة الاقتحام”.
يثير حديث نور انتباه عدد من الجنود قدموا فجأة للمؤازرة كخط ثان يحيطون بنا في وضعيات شبه قتالية مع عتادهم ويفعل ايثار الشقيقين لبعضهما البعض فعله للحظات تحت تأثير القصة بما فيها من عاطفة ومحبة الأخوة والخطر.. تغيب من الوجوه القسوة والصلابة لرجال شباب يتأهبون لخوض معركة شرسة.
وفي مقاطعة دفعتهم إليها قصة التوءم لاستذكار محبتهم لأخوتهم فمن يقول عنده أخ أصغر منه على جبهة درعا يتمنى لو يراه لساعة وآخر لديه اخ ضابط في ريف حمص وآخر من 5 سنوات لم ير أخاه منذ ذهب الى جبهة ريف الرقة الجنوبي.
يتابع نور الحديث على ايقاع القصف المدفعي والصاروخي والجوي الذي بدأ يشتد تدريجيا على المحور الثاني من الجبهة “في إحدى الجبهات أسندت إلينا مهمة التثبيت وفجأة سمعنا اطلاق نار من النقطة التي انا فيها.. كان جواد على مسافة قريبة مني وأخذ يركض ويطلق النار دون أن يعرف حقيقة ما حدث حتى كشف نفسه للارهابيين.. الحمد لله رجع سالما”.
مع وجود الشقيقين على جبهات القتال لابد ان حدث مرة وظن أحدهما أن الآخر استشهد وهو ما يؤكده نور “على جبهة حرستا خرجت إلى نقطة الامداد في وقت كان الارهابيون يمطرون المنطقة بالقذائف ولحظة وصولي الى النقطة سقطت قذيفة بالقرب مني ووقعت على الأرض الحمد لله لم اصب لكن نتيجة الغبار والدخان الكثيف”يصمت قليلا وتلمع عينيه بدمعتين”جواد اعتقد أني استشهدت جاء مسرعا تحت القذائف وصار يناديني ويبكي.. الحمد لله نجونا ومازلنا عايشين”.
لا يقتصر الأمر بين الشقيقين على ما يحدث في أرض المعركة يقول نور.. “كتير أوقات بحس بحالي تعبان ومزعوج من غير ما أعرف.. فجأة أحدنا يتصل بالآخر يتبين لي أن جواد متضايق ويحدث العكس معه أيضا”.
روحان بجسد واحد وبالسمات هناك شبه كبير كما يقول نور.. للتوءم أخ ثالث لكن لحسن الحظ في تشكيل عسكري آخر وعلى جبهة أخرى يضحك نور “كنا عملنا جبهة لحالنا”.
في هذه الأثناء يدخل ضابط يستنفر الجنود ينادي “مجموعة الاقتحام” ثم يتوقف برهة قبل أن يقول “التوءم من سيدخل نور أم جواد “يرد نور.. أنا سيدي جواد إجازة.