المقابر الجماعية في الرقة

ما تزال الحسرة تجتاح قلوب أهال في مدينة الرقة، بعد انتهاء عمال مجلس الرقة المدني من انتشال مئات الجثث من مقبرة "حديقة البانوراما" الجماعية، لعدم العثور على جثث ذويهم فيها، ويبقى الانتظار رغم مرارته دوائهم الوحيد، آملين أن يبدأ العمال مجددا البحث في مقابر أخرى علهم يجدون جثث ذويهم أو ما تبقى منها.

"منذ عام وأنا أبحث عن جثته متنقلة من مقبرة لأخرى، ولم أجده، أتمنى فقط أن أرى عظامه"، هذه أخر أماني "أم رياض" التي حدثتنا عن قصة مقتل طفلها الوحيد بغارة من طيران التحالف الدولي على حي الدرعية بالرقة.

وقالت "أم رياض" في حديث  إن ابنها قتل قبل بلوغ عامه التاسع، أثناء ذهابه لشراء الخبز في فترة حصار التحالف الدولي وقوات سوريةالديمقراطية للمدينة.

وأضافت: "قرع أهال من الحي باب منزلي، أخبروني أن طفلي رياض قتل بالقصف ونقل إلى المشفى العام بالمدينة (..) هرعت إلى هناك لكنني لم أتمكن من التعرف عليه لكثرة عدد الجثث وسرعان ما طردنا تنظيم الدولة من المشفى، (..) وعند عودتي مجددا أخبروني أنهم دفنوه، كيف وأين لم يخبروني؟!".

وتابعت: "لا أعرف سوى لون ملابسه التي كان يرتديها، بحثت عن جثته في المقابر الجماعية في حي الرشيد وحديقة الحيوان وأخيرا البانوراما، لكن لم أعثر عليه، حاولت البحث عنه في سجل الوفيات لدى مجلس الرقة دون جدوى".

وقال المدني حسن الزويد لـ "سمارت"، إن شقيقه "ماهر" كان معتقلا لدى تنظيم "الدولة" بتهمة "تدخين السجائر"، وقتل في آذار عام 2017، نتيجة قصف طائرات التحالف بالصواريخ لمبنى السجن قرب قرية العدنانية.

وأضاف "الزويد" أن أحد الأشخاص الذين كانوا منتسبين لتنظيم "الدولة" أخبره بأنه جثة أخيه نقلت مع عشرات الجثث الأخرى إلى المشفى العام ودفنوا لاحقا في مقبرة "البانوراما"، وتابع: "لكن العمال انتشلوا جميع الجثث منها ولم أعثر عليه!".

فيما قال أحد سكان "حي الحرامية" مهند الأحمد لـ "سمارت"، إنه يعرف أن جثتي زوجته الثانية "سندس" وطفلته "فاطمة" اللتان قتلتا بقصف "التحالف" أيضا، مدفونتان في مقبرة "البانوراما".

ورغم موتهما فإن "الأحمد" اعتبر أن معرفته لمكان قبريهما "نعمة تستحق الشكر"، قائلا: "الحمد لله أنني أعرف مكان قبر زوجتي وطفلتي لقد دفنتهما بنفسي في تلك المقبرة خلال حصار الحي الذي كنا نقطن فيه".

وتابع: "في ذلك اليوم كانت زوجتي تصنع الشاي ومعها ابنتنا الصغيرة، سقط الصاروخ على المطبخ فقتلتا على الفور، لففتهما بغطاء ودفنتهم في تلك المقبرة لأنها قريبة من مكان إقامتي".

وبعد عمل استمر أكثر من شهرين ونصف انتهى "فريق الإستجابة" يوم 14 كانون الثاني الجاري، من انتشال جميع جثث مقبرة "البانورما" بحصيلة بلغت 3310 ، تعرف الأهالي على 550 منها وسلمت لذويها، و كان بينها 850 تعود إلى عناصر التنظيم، بينما بقيت 1910 جثة مجهولة الهوية لم يتمكن أحد من التعرف عليها، بحسب قائد الفريق "ياسر الخميس".

مقبرة "البانورما" لم تكن الأولى ولا الأخيرة التي انتشلت الجثث منها، إذ سبقها انتهاء العمل في مقابر "حديقة الحيوانات، الرشيد، حديقة الأطفال، البجعة، الجامع الأموي، حي البدو"، بينما ينتظر ذوي الضحايا الإعلان عن بدء العمل في مقابر "الفخيخة، السلحبية، تل زيدان (الحمرات)"، علهم يجدون جثث ذويهم في إحداها.

يهمك أيضــــــــــــــــًا

"داعش" يشنّ هجمات عنيفة على مواقع لـ"قوات سورية الديمقراطية"

تركيا تخطط لعبور شرق نهر الفرات في شمال سورية قريبًا