تهجير نحو 9500 مدني ومقاتل

يعايش الجنوب السوري أحداثاً متباينة، يختلف فيها المشهدان وتختلف فيهما الوجهات، بسبب اتفاقات “التسوية والمصالحة”، التي قسمت المشهد الواحد إلى اثنين، أحد المشهدين يقوم على عودة نازحين إلى قراهم وبلداتهم التي جرى تعفيش الكثير منها من قبل قوات النظام والمسلحين الموالين لها، فيما يقابله مشهد التهجير من جنوب البلاد إلى شمالها، فمع وصول القافلة الثالثة الخارجة من محافظة درعا صباح اليوم الثلاثاء الـ 24 من تموز / يوليو الجاري من العام 2018، يرتفع إلى 9430 على الأقل، من ضمنهم حوالي 3300 من مقاتلي الفصائل المقاتلة والإسلامية، ونحو 4800 طفل ومواطنة، ممن جرى تهجيرهم ضمن 6 دفعات متتالية، من ضمنها 3 من محافظة درعا، حيث خرجت الدفعات من مدينة درعا ومن بلدة محجة ومدينة نوى، ومن منطقة بصرى الشام، في محافظة درعا، كما جرى تهجير القسم الآخر من ريف محافظة القنيطرة، ووصلت جميع الدفعات إلى الشمال السوري.

المرصد السوري لحقوق الإنسان رصد احتجاز ميليشيات الرضا وعناصر آخرين من المسلحين الموالين للنظام من جنسيات سورية وغير سورية، والذين طوقوا قافلتي درعا والقنيطرة، اللتين تحملان على متنهما نحو 3400 شخص، عند أطراف مدينة حمص في وسط سوريا، خلال توجه هاتين القافلتين إلى الشمال السوري، ضمن اتفاق التهجير الذي جرى في المنطقة، وعلم المرصد السوري من مصادر موثوقة، أن أسباب الاحتجاز تعود إلى محاولة هذه الميليشيات الضغط على أطراف الاتفاق للكشف عن مصير من تبقى من مختطفي بلدة اشتبرق، بالإضافة للكشف عن مصير عشرات المفقودين ضمن تفجير الراشدين الذي تسبب في نيسان / أبريل من العام 2017، والذي بوقوع مجزرة التغيير الديموغرافي التي راح ضحيتها نحو 130 شخصاً غالبيتهم من مهجري بلدتي الفوعة وكفريا، ومن ضمنهم أكثر من 80 طفل ومواطنة، إضافة لإصابة عشرات آخرين بجراح متفاوتة الخطورة وعشرات المفقودين الآخرين جراء استهدافهم بمفخخة في منطقة الراشدين خلال انتظارهم للانتقال نحو مناطق سيطرة قوات النظام في حلب.

ومع وصول المزيد من المهجرين نحو الشمال السورية، ضمن الاتفاقيات الروسية مع فصاءل المناطق السورية وممثلين عنها، فقد ارتفع المجموع العام للخارجين من مناطقهم نحو الشمال السوري، ليبلغ نحو 130639 مهجَّراً من محافظة درعا ومحاظفة القنيطرة، والغوطة الشرقية، وجنوب دمشق، وريف دمشق الجنوبي، والقلمون الشرقي، وريف حمص الشمالي، وريف حماة الجنوبي، وبلغ تعداد الخارجين من الغوطة الشرقية حوالي 68700 مهجَّر، تلتها عملية التهجير من وسط سوريا -شمال حمص وجنوب حماة- والتي شملت أكثر من 35000 مهجراً من مدنيين ومقاتلين وعوائلهم، عقبها ريف دمشق الجنوبي بتعداد مهجرين وصل لنحو 9270 مهجراً، فيما هجِّر من حي القدم ومخيم اليرموك نحو 2000 شخصاً من مقاتلين ومدنيين، بينما هجِّر من القلمون الشرقي حوالي 6240 شخصاً من مدنيين ومقاتلين، كما هجر من محافظة درعا نحو 2140 شخصاً، بينما هجر من محافظة القنيطرة 7289 نحو الشمال السوري.

على صعيد متصل تبقى مئات آلاف المدنيين في المناطق التي جرى التهجير منهان بعد قبولهم بـ “تسوية مع النظام” وذلك بضمانة روسية، ووفقاً لشروط جرى التوقيع عليها من قبل الأهالي، أيضا رصد المرصد السوري وصول القسم الأكبر من النازحين إلى منطقة عفرين، التي هجر منها بفعل عملية “غصن الزيتون”، مئات الآلاف من سكانها، حيث جرى توطين عشرات الآلاف منهم ما بين منازل مدنيين ومزارع، وفي مخيمات أقيمت في ريف عفرين الجنوبي الغربي، فيما بقي القسم الآخر في ريف حلب الشمالي الشرقي وفي محافظة إدلب، إذ رفض البعض توطينهم من قبل السلطات التركية والفصائل في منطقة عفرين، كما رفضوا العيش في منازل هجر منها أهلها، حيث كان المرصد السوري لحقوق الإنسان رصد خلال الأسابيع الفائتة، قيام السلطات التركية بعمليات توطين المهجرين من القلمون الشرقي وغوطة دمشق الشرقية في منطقة عفرين، بعد تهجير مئات آلاف المدنيين منها، بفعل العملية العسكرية التي نفذتها القوات التركية والفصائل المقاتلة والإسلامية السورية العاملة تحت راية عملية “غصن الزيتون”، التي انطلقت في الـ 20 من كانون الثاني / يناير من العام الجاري 2018، وحتى يوم الـ 18 من آذار / مارس من العام ذاته