المخرجة الفلسطينية مي مصري

توّج مهرجان الجونة خلال دورته الثالثة المخرجة الفلسطينية مي مصري بـ«جائزة الإنجاز الإبداعي» لتكون أول سينمائية عربية تتوج بها، وذلك عن مسيرتها الفنية التي أبدعت فيها؛ مخرجةً ومصورةً وكاتبةً ومنتجةً، مع زوجها المخرج اللبناني الراحل جان شمعون. وإلى جانب تكريمها؛ شاركت مي بصفتها عضو لجنة التحكيم في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة بالمهرجان، وهي تعدّ واحدة من أكثر المخرجات المعنيات بقضية بلدها، خصوصاً في انعكاسها على الأطفال والنّساء، وأنجزت أفلاماً وثائقية كان صداها في الخارج أقوى من صدى المدافع، مثل «أطفال جبل النار» عام 1990، و«امرأة في زمن التحدي» عام 1995، و«أطفال شاتيلا» عام 1998، و«يوميات بيروت... حقائق وأكاذيب» 2006، كما جاء فيلمها الروائي الأول «3000 ليلة» ليفجر قضية الفلسطينيات في السّجون الإسرائيلية وشارك في أكثر من مائة مهرجان دولي.

مي مصري قالت في حوار صحافي إنّ التكريم الذي نالته في مهرجان الجونة يعني لها الكثير على الصعيدين الشّخصي والمهني، «كما أنّه بمثابة اعتراف بالمسيرة الفنية الطويلة وتشجيع على الاستمرار في المسيرة التي بدأتها منذ 30 عاماً مع زوجي الراحل جان شمعون، فأنا سعيدة جداً بهذا الكريم».وعن مسيرتها الطويلة في التعبير عن القضية الفلسطينية، قالت: «كان من الضروري تنفيذ تلك الأفلام، لأنّها تعدّ وسيلة للتّعبير عن قضايا أهلي في فلسطين ولبنان، وحاولت في كل فيلم مع جون شمعون أن نعمل مع الناس ونحكي همومهم ونوصلها لكل منابر العالم، وهذه الأفلام حافظة للذاكرة وتاريخ النّضال الفلسطيني، وأرشيف سمعي بصري لتجربة إنسانية كبيرة، فالسينما تلعب دوراً كبيراً في إيصال صوت الشعب الفلسطيني للعالم».أوضحت مصري أنّها لا تفكر في الجوائز ولا التكريم قبل تنفيذ أفلامها، مشيرة إلى أنّ أكبر إنجاز حقّقته كان تفاعل الجمهور العربي والفلسطيني مع أفلامها. وتابعت قائلة: «بالنسبة لي، التحدي هو الاستمرار في صنع أفلام جيدة وثائقية كانت أم روائية، لأنّه من المهم التجديد الدائم في طرح الرسائل...».

وبسؤالها عن تطور ونضج رؤيتها السينمائية مع مرور الوقت، أجابت بأنّ كل فيلم كان يحمل لها مزيداً من التعلم، قائلة: «تعلمت كثيراً من فيلم (تحت الأنقاض) لأنّه كان أولى تجاربي، وكنت أصوره بنفسي، وتعلمت كيفية مواجهة الصّعوبات، وتعلمت أنّه ليس بالضرورة أن تقدم قصة كبيرة؛ بل يكفي أن نركّز في حكاية قصيرة، ودائماً هناك تحدٍ أمامي في كل فيلم؛ وهو كيف أرويه بأسلوب مختلف، فالتجديد ضرورة لأي مبدع».وأرجعت مصري احتلال الأطفال مساحات كبيرة من أفلامها إلى حبها الشّديد لهم، وقالت: «أحب كثيراً العمل مع الأطفال، وهو أمر يتطلب التحلي بالصبر طوال الوقت، فهناك أمور غير متوقعة منهم، ويجب أن تكون هناك سرعة في تصوير اللقطة. هناك لحظات التقطتها ببراءتها من دون توجيه منّي في نابلس حين كنت أصور فيلم (أطفال جبل النار)؛ شاهدت كيف قتلوا الطفل أيمن ولم يعطوا لأهله فرصة لدفنه، ونابلس عبر التاريخ معروفة بأنها البلدة المقاومة، وكنت أتوقّع القبض عليّ في أي لحظة أثناء التصوير، لذا كنت أكتب مذكراتي اليومية في هذه الرحلة. وفي (أطفال شاتيلا) أردت أن أروي الحدث بعيون الأطفال، فالفيلم يركّز على طفلة. لقد كان الأطفال دائماً هم مصدر الإلهام لي».

أقرا أيضا" :

يسرا المسعودي تؤكّد سعادتها بمشاركتها في " عمرو خريستوا"

وعن عدد الجوائز التي اقتنصها فيلمها الروائي الأول «3000 ليلة» قالت: «حصل على 28 جائزة، وهي أرقام كبيرة ومذهلة، ونجاح كبير أسعدني جداً، لكن النجاح الأكبر الذي حققه هو تأثيره على الجمهور الفلسطيني؛ أصحاب القضية، وعلى الجمهور الغربي الذي تعاطف كثيراً مع الأوضاع الصّادمة للنساء الفلسطينيات. وهو مبني على قصة حقيقية، وأنا عادة أفكر بالصورة في الفيلم قبل الحوار، وهناك مشاهد كانت في ذهني قبل الكتابة».وترى مصري أنّ السينما العربية باتت تحقق حضوراً قوياً في المهرجانات العالمية، لكن أكثر ما يلفت انتباهها هو أفلام المخرجات العربيات والطرح الاجتماعي الجريء لأفلامهن، وتطور المستوى التقني، «ولكن تظلّ مشكلات ندرة التمويل والتوزيع عقبة كبيرة أمامهن، وفي السينما الفلسطينية توجد نهضة كبيرة وتنوع، بالإضافة إلى أنّ المخرجات يشكّلن 50 في المائة من نسبة العاملين بالسينما، وهذا غير موجود في أي بلد بالعالم».واختتمت مصري حديثها عن تأثّرها برحيل زوجها المخرج جون شمعون، فقالت إنّ «تأثير رحيله كبير جداً؛ فمعه بدأت مسيرتي الفنية، وجمعنا الحب والاحترام والشّغف، واستطعنا تحقيق تكامل بيننا، وساعدنا بعضنا في كلّ المراحل، وأشعر بأنه موجود معي دائماً في كل تفاصيل حياتي وأسرتي الصغيرة».

وقد يهمك أيضا" :

دينا بطمة تُفاجئ متابعيها بإعلانها اقتحامها لمجال التمثيل