دمشق - سورية 24
يستغل بافل دافيدوف، بقاءه القسري في سوريا لصقل لغته العربية عبر التفاعل المباشر مع المواطنين السوريين في المدن التي بات يزورها بشكل دوري، إلى جانب التمتع بزيارة معالمها الأثرية طالما أنه لم يستطع العودة إلى وطنه روسيا الاتحادية جراء توقف الحركة الجوية حول العالم، فعلى غير المتوقع، في زمن "كورونا" وانقطاع الطرق حول العالم، تجول "داؤود" في باحة متحف دمشق الوطني، وغير بعيد عنه كان السائح الإيطالي فيليبو أغستينو ينهي زيارته إلى أقسام الآثار التدمرية.
بلغة القوانين، تحول دافيدوف وأغستينو والكثير من السياح الوافدين إلى سوريا منذ ما قبل "كورونا"، إلى ما يشبه المقيمين في البلاد بعدما مضى على وجودهم أشهرا طويلة، حيث يقول: جئت إلى سوريا لأنها بلاد جميلة ومشرقة، راودتني الرغبة بزيارة المناطق التي تم تحريرها في حلب وإدلب مطلع هذا العام، إضافة إلى تعلم اللغة العربية من الناطقين بها، ويضيف: كانت زيارتي لمدة أسبوعين فقط، وفجأة أصبحت محجورا صحيا.
وطالما أنه أصبح مقيما دون أفق زمني لعودته إلى بلاده، بدأ بافل جولة واسعة على المعالم السياحية في سوريا، وفي بادئ الأمر قضى فترة شهر رمضان في مدينة حلب التي شارك فيها المسلمين صيامهم من قبيل الانسجام الإنساني، وبعد افتتاح حركة النقل البري داخل البلاد، جاء إلى دمشق، لينطلق منها في جولة سياحية واسعة شملت مدينة حلب مجددا، إضافة إلى حمص وحماة وتدمر ومدينة أفاميا الأثرية وقلعة المضيق، ومن ثم المناطق الساحلية وقلاع الصليبيين بما في ذلك قلعة الحصن وبرج صافيتا الأثري وقلعة صلاح الدين الأيوبي في اللاذقية.
عانى بافل وطأة أشهر الحظر الصحي في سوريا بدرجة تفوق السوريين، إذ أن إغلاق المطاعم والمرافق العامة أثر بشكل كبير في قدرته على ابتياع احتياجاته، ومع ذلك، فلم يخف تأييده للتشدد في تلك الإجراءات نظرا للخطورة الكبيرة التي يستبطنها مزيج الحرب والفيروس على السوريين.
ومع افتتاح متحف دمشق الوطني أبوابه أمام الزوار قبل أيام، بدأت الحركة تدب في أرجائه عقب توقف طويل امتد من منتصف شهر آذار الماضي على خلفية الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة السورية في سياق التصدي لفيروس كورونا، مبديًا إعجابه بالمتحف، يقول: هذه زيارتي الثانية.. قبل أيام جلست في حديقته الخارجية لأنه لم يكن قد افتتح أبوابه بعد، أما اليوم فقد زرته من الداخل.
رغم التحول القسري لزيارتهم السياحية إلى الإقامة لأشهر طويلة قد لا تتناسب مع ما رصدوه من مصاريف، فبطريقة يصعب الجزم ما إذا كان بقاء بافل وأغستينو وغيرهما من السياح العالقين في سوريا هذه الأيام، نعمة أم نقمة.
فمن ناحية، ما زالت سوريا تسيطر على انتشار كورونا بشكل جيد، فيما عانت إيطاليا الجائحة بطريقة هزت ضمير العالم ولكان من الخطورة بمكان العيش فيها خلال الفترة الماضية، ومن الناحية المقابلة، تعاني سوريا حصارا خانقا وتصاعدا دراميا في تكاليف الحياة، وسط محاولات غربية محمومة لخنق لقمة مواطنيها بهدف الضغط على حكومتهم لتقليص حدة رفضها إزاء المشاريع الغربية الداعمة للمجموعات الإرهابية والانفصالية... هذا الواقع يكرس مزيدا من المصاعب المالية والمعيشية المشتركة بين المقيم والمواطن.
الإيطالي أوغستينو الذي عبر عن حبه الشديد لسوريا والسوريين، استنكر الحصار الغربي على سوريا، مشيرا إلى خبرته وعمله في المجال الإنساني يجعلانه قادرا على التأكد من أن العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات الأمريكية، سترخي تأثيرا عميقا على معيشة السوريين، مؤكدًا أن الحصار الغربي لسوريا سينعكس مباشرة على فقدان السلع الغذائية والأدوية ويزيد معاناة السوريين بشكل حاد، وهو ما لا يمكن لأي إنسان في العالم أن يقبله أو يسانده.
في زمن "كورونا"، لطالما شعر أوغستينو بالأمان النسبي من الإصابة فخلال الأشهر التي قضاها عالقا في سوريا بسبب السيطرة البادية على انتشاره والإجراءات المشددة التي تم اتخاذها مع بدء انتشاره حول العالم، وفي هذا السياق، يصر السائح الإيطالي على أنه يثمن عاليا الوقفة الإنسانية اللافتة لروسيا الاتحادية مع الشعب الإيطالي في التصدي لجائحة "كورونا".
قد يهمك ايضا:
"فلاي دبي" تضيف مصر إلى رحلات العودة
الكويت تستعد لتشغيل رحلات الطيران التجاري وفتح المساجد